واصل الجنيه المصري تراجعه أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي ليقترب من حاجز العشرين جنيها وبذلك يتجاوز مستوى 19.5186 جنيها المسجل في ديسمبر عام 2016 بعد قرار نظام الانقلاب بتعويم الجنيه وفقا لبيانات البنك المركزي المصري .
تراجع الجنيه تسبب في ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات وعلى رأسها المواد الغذائية ليلقي بمزيد من الأعباء على الشعب المصري المطحون الذي يعيش أكثر من 60% من أبنائه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي .
كما تسبب تراجع الجنيه في زيادة معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها وتوقف الاستيراد ، وبالتالي توقف الكثير من المصانع والشركات عن العمل وتسريح ملايين العمال ، وبذلك يعاني المصريون أزمة اقتصادية خانقة لم تشهدها البلاد في تاريخها نتيجة سياسة التجويع التي يمارسها نظام الانقلاب لمنع الشعب من الثورة وشغله بلقمة العيش التي أصبح من الصعب الحصول عليها .
من جانبها قالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن "نظام الانقلاب سوف يسمح بانخفاض في قيمة الجنيه أمام الدولار بوتيرة أسرع مما تشهده حاليا، مع اقتراب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، مشيرة إلى أن ذلك جعل قيمة الجنيه تتراجع أمام الدولار في العقود المالية الآجلة غير القابلة للتسليم لمستويات بين 21 إلى 22 جنيها، وأشارت إلى أن ضغوط البيع على الجنيه المصري باتت الآن أشد حدة على الإطلاق ، ما يزيد من الضغط عليه ويدفع لانخفاض قيمته أكثر أمام العملات الأحنبية، وأبرزها الدولار الأمريكي".
وكشفت "بلومبرج" أن إعلان نظام الانقلاب عن تبنيه سعر صرف أكثر مرونة خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي أدى لتشجيع المشاركين في السوق على زيادة ضغطهم على العملة، حتى بعد خفض قيمتها بنحو 15% في شهر مارس الماضي كما علق الجنيه في عمليات بيع الأصول عالية الخطورة التي تسببت في ارتفاع قيمة الدولار، وسط مخاوف من أن التضخم المرتفع سيرفع أسعار الفائدة أكثر ويؤدي لحدوث ركود عالمي، فيما حذر موقع "إيكونومي بلس" المتخصص في الشؤون الاقتصادية المصرية؛ من أن تراجعات الجنيه أمام الدولار، ساهمت في تصاعد معدلات التضخم في مصر، ما دفع البنك المركزي لرفع معدلات الفائدة 3% إجمالا في اجتماعين متتالين، أحدها استثنائي بهدف السيطرة على التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية لأدوات الدين المصرية وفق رؤية المركزي.
وتوقعت وحدة أبحاث "الإيكونوميست" أن يستمر سعر الجنيه في التراجع أمام الدولار خلال الأربع سنوات المقبلة أي حتى عام 2026 وأن يظل قرب الـ 20 جنيها لكل دولار خلال الشهور الأخيرة من العام 2022 البنك المركزي من جانبه قال شريف عثمان الخبير المالي بمؤسسة واشنطن آناليتيكا إنه "من الصعوبة بمكان في ظل تدخل البنك المركزي المصري في دعم الجنيه تحديد القيمة الفعلية له، مطالبا المسؤولين بأن يكفوا عن سياسة التعويم المدار، لأن ما يقرره المركزي هو ما يكون، في حين ينبغي ترك الجنيه لآليات السوق" وكشف عثمان في تصريحات صحفية أن قيمة الجنيه مرهونة بأمرين، أولهما كف يد المركزي عن التدخل في تحديد قيمته، وثانيهما، تقليل العجز سواء في الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات، وأن تكون الموازنة لدعم الاقتصاد، وليس لسداد الفوائد وأقساط الدين، وكبح جماح التضخم وسعر الفائدة.
وتوقع أن يواصل الجنيه تراجعه خلال الفترة المقبلة حتى تستقر الأسواق عالميا وتضع الحرب أوزارها على الأقل، موضحا أن استقرار الجنيه يتوقف على مدى قدرة حكومة الانقلاب على الاستجابة أو الانصياع لكل مطالب أو ضغوط صندوق النقد الدولي، الذي يريد أن يفرض مراجعة قيمة الجنيه، وعدم السماح للمركزي المصري بمحاولة تثبيته عند سعر محدد ، أسواق موازية وقال هاني جنينة رئيس قطاع البحوث بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن "التحركات الأخيرة للدولار الأمريكي في مقابل الجنيه المصري من دون وجود طلب قوي على الدولار وتراجع عمليات الاستيراد، ليس لها سوى تفسير واحد هو الإملاءات التي فرضها صندوق النقد الدولي خلال مفاوضاته مع حكومة الانقلاب التي تسعى للحصول على قرض جديد ، وأضاف جنينة في تصريحات صحفية أن أحد مطالبات الصندوق الدولي بالنسبة لسياسات البنك المركزي المصري هو القضاء بشكل تام على السوق السوداء، مما يدفع البنك إلى توفير الدولار بالبنوك المحلية ليكفي حاجات العرض، مشيرا إلى أن بيع العملة سيتم وفقا لقوى العرض والطلب، مما يعني التعويم الكلي للجنيه المصري في مقابل الدولار".
وأكد أن الاقتصاد المحلي لن يتحمل بالطبع استمرار التعويم الكلي، إذ إن ذلك يصب في مصلحة العملة الخضراء، مما يعني تهاوي قيمة العملة المحلية والدفع بزيادة جديدة لمعدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية، وأشار جنينة إلى أن التعويم الكلي قد يستمر حتى يصل إلى القيمة الحقيقة للجنيه في مقابل الدولار، مرجحا أن ترتفع العملة الخضراء فتتخطى حدود الـ 20 جنيها بمجرد إتمام الاتفاق مع الصندوق. العرض والطلب وأرجعت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث بشركة "فاروس" لتداول الأوراق المالية التحركات القوية في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه إلى قوى العرض والطلب ، وقالت رضوى السويفي في تصريحات صحفية إنه "مع تحرك بوصلة حكومة الانقلاب تجاه القطاع الخاص اندفع المستوردون والمصنعون نحو استئناف أعمالهم الاستيرادية من جديد، وهو ما حرك الطلب ناحية العملة الخضراء في ظل نقص الموارد الدولارية، وأضافت في ظل الندرة النوعية لموارد النقد الأجنبي زاد الطلب عن العرض فتسبب ذلك في ارتفاع العملة الأمريكية أمام نظيرتها المصرية".
