قالت وكالة بلومبرج إن “اتفاقية قرض صندوق النقد الجديدة لحكومة الانقلاب لا تفعل شيئا لتخفيف القبضة الخانقة التي يفرضها الجيش على كل شيء من البنية التحتية والإسكان إلى الفنادق”.
وأضافت “الوكالة” أن الأزمة ليست سوى فرصة إذا اغتنمت هذه الفرصة، من خلال الموافقة على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمصر، أضاع صندوق النقد الدولي مرة أخرى فرصة الضغط على حكومة الجنرال عبد الفتاح السيسي لتحرير الاقتصاد من قبضة جيشه.
وأوضحت الوكالة أنه لا يوجد أي مكسب من أهمية التنازلات التي انتزعها صندوق النقد الدولي على ما يبدو من القاهرة ، رفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس ونظام عملة أكثر مرونة، الأول سيساعد على إبطاء التضخم ، الذي كان 15٪ في سبتمبر ، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات، وسيسمح هذا الأخير لقوى السوق بتحديد المستوى الطبيعي للجنيه المصري، وهو تحسن عما وصفه المحللون بأنه سياسة الحكومة “بالتنقيط والتنقيط والتنقيط” لخفض قيمة العملة.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه التدابير لن تعالج نقطة الضعف الرئيسية للاقتصاد المصري، الوجود المفرط للجيش في البلاد في كل قطاع مهم تقريبا، من البنية التحتية والإسكان إلى الفنادق ، وفي بعض القطاعات غير المهمة، مثل المياه المعبأة في زجاجات. من خلال إطلاق العنان لرفاقه السابقين في السلاح في جميع أنحاء الاقتصاد، ثبط السيسي ريادة الأعمال والاستثمار في القطاع الخاص.
وتابعت الوكالة “في أحسن الأحوال، سيمنح القرض سلطات الانقلاب راحة مؤقتة من الضربة التي تلقاها اقتصادها منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، مما رفع تكاليف الاستيراد وجعل المستثمرين الأجانب مترددين، ويمكن إلقاء اللوم على الحرب في كلتا المشكلتين، لكن الرفاه الاقتصادي طويل الأجل لمصر يعتمد على بناء قطاع خاص قوي، من دون الجيش”.
وأردفت “على الرغم من منح الانقلاب برنامج إنقاذ بقيمة 12 مليار دولار قبل ست سنوات، إلا أن صندوق النقد الدولي لم يبد اهتماما يذكر بجعل القاهرة تعالج هذه المشكلة حتى الصيف الماضي، عندما أثار القضية في تقرير قطري. وأشار التقرير، بما في ذلك الشركات المملوكة للجيش في الفئة الأوسع من الشركات المملوكة للدولة، إلى أن أداء العديد منها ضعيف وبعضها يستفيد من ساحة لعب غير متساوية، ومن المؤكد أن هذا كان اعترافا ملتويا بالمشكلة، ولكنه أثار الآمال في أن يواجه صندوق النقد الدولي هذه القضية في مفاوضاته مع حكومة السيسي بشأن القرض الجديد”.
ولفت التقرير إلى أن باحثين مثل يزيد صايغ، وهو زميل أقدم في مركز مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، جادلوا بأن صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى “يجب أن تعالج واقع التدخل العسكري بشكل منهجي في برامجها وتوصياتها السياسية، ويجب أن تواجه القضية مباشرة في تعاملها مع السلطات المصرية”.
لكن في المفاوضات للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار “لا يوجد دليل على ممارسة المزيد من الضغوط بشأن هذه القضية” كما أخبرني صايغ في رسالة بالبريد الإلكتروني، ويصف الاتفاق الجديد بأنه الحد الأدنى في جميع المجالات، يركز على الديون وسعر الصرف وما شابه ذلك، ويبدو أن مفاوضي الصندوق قد تخلوا عن الركائز الرئيسية في المنصة التي وضعها العام الماضي، مثل حث الدولة على الخروج من مختلف القطاعات الاقتصادية، أو الضغط من أجل قانون موحد للمشتريات العامة، وكلا البندين لهما صلة مباشرة بالبيئة التي تعمل فيها الشركات المملوكة للجيش.
ونوه التقرير بأنه بالنسبة لبعض النقاد ، هذه ليست مجرد فرصة ضائعة “إنه تخلي عن المسؤولية من قبل صندوق النقد الدولي، كما يقول تيموثي كالداس، زميل السياسات في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، لقد مولت برنامجا اقتصاديا معيبا لمدة ست سنوات، وهي الآن تغطي المشاكل.
واستطرد التقرير “لقد أبدت حكومة السيسي بعض الكلام عن أهمية إخراج الجيش من الاقتصاد، وتعهدت بإدراج أو بيع بعض الشركات المملوكة للجيش، لكنها كانت بطيئة في تنفيذ هذه الوعود، وليس من الواضح أن السيسي يدرك أنه بحاجة إلى التصرف أو في الواقع، أن لديه الإرادة السياسية، في أواخر 1990s ، عندما واجه الرئيس الصيني آنذاك جيانغ زيمين وضعا مشابها ، كان قادرا على إصدار أمر لجيش التحرير الشعبي الصيني بالخروج من الاقتصاد، أعطته سلطته كرئيس للحزب الشيوعي السلطة التي يحتاجها.
ليس لدى السيسي مثل هذه القاعدة السياسية، وقد يشعر بأنه مدين جدا للمؤسسة التي خدمها للعمل ضد مصالحها، وسوف يحتاج إلى الحث من الغرباء، ومن هم أفضل من دائني بلاده؟
وأضاف التقرير أن المرشحين الأكثر وضوحا هم الحلفاء الإقليميون، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي قدمت عشرات المليارات من الدولارات في شكل قروض واستثمارات في مصر، وإذا استمرت الشركات العسكرية في الحظر، فمن المرجح أن يكون المستثمرون الخليجيون العرب، سواء كانوا أفرادا أو صناديق سيادية، أكثر مقدمي العروض حماسا.
وأوضح التقرير أن ممالك الخليج قدرت تاريخيا الاستقرار السياسي أكثر من الحكمة الاقتصادية، وقد يترددون في الاعتماد بشدة على السيسي، الذي يعتبرونه حيويا لمنع البلد الأكثر شعبية في العالم العربي من الانزلاق إلى الفوضى، ولا تزال الذكريات حية في الرياض وأبو ظبي عن آخر مرة حدث فيها: فقد أسقط الربيع العربي الديكتاتور السابق، حسني مبارك، وسمح لعدوهم اللدود، الإخوان المسلمين، بالصعود لفترة وجيزة إلى السلطة.
وأشار التقرير إلى أنهم كانوا يفضلون أن يقوم صندوق النقد الدولي بهذا الميل، لكن الصندوق اختار عدم ممارسة نفوذه ، مصر هي ثاني أكبر مقترض له، بعد الأرجنتين. ونتيجة لذلك ، لا يزال القط المصري بلا رادع.
https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2022-11-03/the-imf-just-blew-another-chance-to-free-up-egypt-s-economy?leadSource=uverify%20wall
