“DW”: السيسي وبوتين حاكمان مستبدان يجيدان قمع حقوق الإنسان

- ‎فيأخبار

 

تحولت تقارير موقع دويشته فيله الالماني إلى التلميح بانتقاد التقارب بين السيسي والرئيس الروسي وهو التقرير الذي تزامن مع إعلان وزارة البترول والطاقة في مصر أنها طلبت من روسيا البدء بالعمل في محطة الضبعة للطاقة النووية حيث سبق لروسيا التعهد ببناء محطة نووية للقاهرة وتمويلها على سبيل الاقتراض، حيث تعهد روسيا بتمويل 85% من تكلفة مشروع الضبعة عبر قرض بقيمة 25 مليار دولار على مدى 22 عاماً.

وقال الموقع الالماني إن مصر وروسيا يتشاركان مشروعات، منها إسهام روسيا في بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر وتمويلها، وتحديث السكك الحديدية، فضلاً عن إنشاء منطقة تجارة حرة خاصة لروسيا داخل مصر.

ونقلت عن محليين أن انصراف موارد روسيا إلى الحرب في أوكرانيا من المتوقع أن تكون له تداعيات ستؤثر في وتيرة إسهامها فيما يسميه السيسي “المشروعات العملاقة” التي يُقيمها لخدمة البلاد

التلميح بالانتقاد في التقرير الالماني عرج على مسارعة مصر إلى نفي إرسالها مراقبين إلى أوكرانيا للإشراف على الاستفتاءات الصورية التي أجرتها روسيا في سبتمبر وذلك على الرغم من التعاون الوثيق بين مصر وروسيا، فإن مصر بقيت حريصة على عدم الميل الشديد إلى روسيا والحفاظ على توازن لعلاقتها مع الحلفاء المختلفين مع روسيا.

وأ أثر الانتقاد عن بعد ظهر بتراجع مصر المحتمل عن صفقة سوخوي 35، ثم التردد في اعتماد نظام الدفع الروسي “مير” أن القاهرة تحاول أن تحفظ علاقتها بموسكو قدر المستطاع، ولكنها تتراجع عن أية خطوة في هذا الاتجاه، إذا أغضب الغرب.

 

القمع والاستبداد

وقال الموقع الالماني إن بوتين والسيسي يتشاركان كثير من الأمور، حيث هاجمت موسكو الاحتجاجات الشعبية المؤيدة للديمقراطية في ثورات الربيع العربي، وعادت مصر إلى الحكم الاستبدادي بقيادة الجيش في عهد السيسي بعد حقبة من الاضطراب السياسي.
 

وأن “سجل السيسي في حقوق الإنسان، فلا صعوبة في الاستنتاج بأنه يشارك بوتين الشعور نفسه حيال الاحتجاج السياسي. وعلى خلاف أمريكا وأوروبا، فإن متانة الصداقة مع روسيا لا تتوقف على تحسين حقوق الإنسان ولا تصحيح المسار الاقتصادي المضطرب”.
 

ونقلت عن الصحفية شهيرة أمين، في تقرير نشره “المجلس الأطلسي”، إلى أن “تبرُّم السيسي من انتقادات الزعماء الغربيين، دفعه إلى تنويع وجهات الشراكة بين مصر ودول العالم، فسعى إلى تعزيز علاقاته بنظيره الروسي، لا سيما أن الأخير رئيس سلطوي لا يعبأ بالديمقراطية وحقوق الإنسان”.
 

توافق أمزجة

واشار دويتشه فيله إلى أن التوافق في المزاج” بين السياسة الشخصية والخارجية لكل من بوتين والسيسي، أدى لتعزيز العلاقات التجارية والعسكرية والسياسة الخارجية بين مصر روسيا منذ عام 2014.

وأن الروابط التجارية بين البلدين، جعل من كل منهما شريك اقتصادي للآخر، فمصر تستورد معظم قمحها من روسيا، ويمثل السياح الروس نحو 40% من إجمالي زوار مصر كل عام. وللسياحة أهمية كبيرة في مصر، فهي تدر مليارات الدولارات، وعوائدها نحو 12% من إجمالي دخل البلاد.

وقال إن القيمة الإجمالية للتبادل التجاري بين مصر وروسيا زادت من نحو 3 مليارات دولار في عام 2013 إلى قرابة 5 مليارات دولار في عام 2021. وقد وقع البلدان في عام 2018 اتفاقية تعاون استراتيجي لتعزيز التجارة بينهما، وتقوية غيرها من سبل التعاون.

صفقات الأسلحة
وأضاف الموقع أن السلاح يعزز نفوذ السوفييت في العالم الثالث وأن السلاح ركن أسياسي في علاقات مصر وروسيا، فموسكو من أكبر موردي السلاح لمصر، بل أكبرها أحياناً.

وأضاف تقرير ل”عربي بوست” أنه رغم أن مصر تشتري الكثير من أسلحتها من أمريكا والاتحاد الأوروبي، إلا أنهم غالباً ما يفرضون شروطاً مع البيع، بخلاف روسيا

وأضاف أن بعد مجيء السيسي، عادت مصر لتصبح زبوناً مهماً للأسلحة الروسية، فعقدت صفقات مع موسكو لشراء أنظمة إس 300 و45 طائرة ميغ 29، وأنقذت مصر روسيا وفرنسا من مأزق عندما اشترت حاملتي مروحيات صنعتهما باريس لموسكو، ثم أوقفت الصفقة بسبب ضم روسيا للقرم في 2014، فدخلت مصر واشترت الحاملتين

وأردف أن مصر أبرمت صفقة مهمة لشراء 25 طائرة سوخوي 35 الروسية لتصبح ثاني دولة في العالم تشتريهما، بعد الصين، ولكن يعتقد أن أمريكا ضغطت على القاهرة لإلغاء الصفقة، وهددت بتطبيق عقوبات على مصر من خلال قانون مكافحة خصوم أمريكا (CAATSA)، وبالفعل، توقفت التقارير الإخبارية عن الصفقة.

دعم الانقلابيين

وأضاف الموقع أن السياسة الخارجية كل من مصر وروسيا تتفقان في دعم خليفة حفتر في الصراع الذي شهدته ليبيا، وتؤيد مصر التدخل الروسي في سوريا، ومن ثم تجمعهما مصالح مشتركة في منطقة شرق البحر المتوسط ذات الأهمية الكبيرة لمصر.

وتنوي مصر السماح للزوار الروس باستخدام البطاقات المصرفية التي تعمل بنظام الدفع الروسي Mir، وذكرت مجلة The Economist، أن “روسيا ستنتهز موافقة مصر على بطاقات مير للتدليل على أن دولاً مهمة في العالم النامي ضاقت ذرعاً بضغوط أمريكا عليها لاتخاذ موقف مناهض لروسيا.

وأجرت شركة Dezan Shira and Associates لاستشارات الأعمال الدولية دراسة تحليلية لأنماط التجارة المصرية لهذا العام، وكشف التقرير عن ملامح التوازن الدقيق الذي تنتهجه مصر في علاقاتها التجارية بروسيا والغرب.

وقال التقرير إن مصر تقع على مفترق طريق بين أوروبا وآسيا، بلغت نسبة تجارتها مع كل قارة منهما 22% من التجارة الخارجية”، وعمدت مصر إلى موازنة تجارتها على الجانب الآخر، فقسمتها بدقة بين أمريكا وأوروبا الشرقية (ومنها روسيا)

قال محمد سليمان (باحث بمعهد الشرق الأوسط)، إن البلدين يتبادلان النفع بقدر متساو، وفي حين أن روسيا حليف مهم لمصر، فهي ليست الأهم، وأنه “لمصر شراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكن “التحالف مع أمريكا يتصدر خيارات التحالف الاستراتيجي”.

وأضاف في تصريح للموقع الالماني أن “مصر تمكنت في الشهور الماضية [منذ بدء الحرب على أوكرانيا] من شق مسارٍ خاص لها. فصوتت لقرار الأمم المتحدة بإدانة ضم روسيا لمناطق أوكرانيا، لكنها تحافظ على خط تواصل مع موسكو؛ وتتعاون مع الاتحاد الأوروبي للحفاظ على أمن الطاقة، لكنها تُبقي على علاقة ودية مع روسيا”.
 

على الجانب الآخر، أشار ديميتار بيشيف، المحاضر في جامعة أكسفورد، في تحليل نشره “معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط” الأمريكي، إلى أن روسيا ترى مصر بالرؤية ذاتها، و”مصر واحدة من بين مجموعة واسعة من الشركاء الذين تتعاون معهم موسكو في سعيها إلى تحقيق مكاسب دبلوماسية واقتصادية”.