رغم الكوارث الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها مصر عقب قرارات تعويم الجنيه وقبلها، من غلاء وانهيار القوة الشرائية، إلا أنه ما زال في جعبة السيسي المزيد من الكوارث التي تطحن الشعب المصري، وتقذف به في أتون الجوع والفقر.
وعلى الرغم من طنطنة إعلام النظام بأن السيسي وحكومته رفضوا اشتراطات صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بتخفيض الدعم، وانحازت للمواطن الفقير، إلا أن الأيام تثبت العكس، وتؤكد أن السيسي ماض في خياره بطحن الشعب المصري من أجل استرضاء المانحين الدوليين وتطبيق رؤاهم الاقتصادية والاجتماعية، وذلك دون مراعاة لأوضاع الشعب المصري وقدراته الاقتصادية المنهارة، إثر الغلاء الفاحش وانسحاب دور الدولة من دورها الرعائي والخدمي والحمائي للمواطنين، وتركيز السيسي ونظامه على تحصيل المنافع والأرباح، من خلال الإتجار في أقوات المصريين.
وفي هذا السياق الكارثي، كشفت تقارير إخبارية، عن توجه حكومة الانقلاب نحو تحرير أسعار الخبز والوقود والطاقة خلال العام المقبل، للتخلص من الدعم العيني لجميع السلع.
تستهدف الخطة التي تناقشها وزارة المالية والتخطيط والتموين بحكومة الانقلاب مع خبراء صندوق النقد الدولي، وضع قواعد تدريجية، لتحويل الدعم العيني إلى نقدي، للوفاء بشروط الصندوق المتشددة التي فرضها على الحكومة مقابل الإفراج عن القرض المعطل، الذي يبلغ 3 مليارات دولار.
ومؤخرا، عقد رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي لقاءات منفردة، مع كل من محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيرة التخطيط هالة السعيد، ووزير التموين على مصيلحي، وزير المالية محمد معيط، استهدفت مناقشة الخطة النهائية لبرامج إلغاء الدعم العيني، خلال العام المقبل، مع خبراء صندوق النقد، قبل اجتماع المجلس التنفيذي لمديري الصندوق، الذي يعقد بعد 4 أيام، باعتباره الشرط الأخير الواجب تنفيذه قبل منح مصر مليار دولار كدفعة أولى من القرض، مطلع يناير 2023.
فيما يلقى برنامج إلغاء الدعم مقاومة كبيرة من بعض المسؤولين والأجهزة الأمنية، التي تخشى من حدوث انفجارات اجتماعية، ما دفع حكومة الانقلاب إلى التوجه بمشاركة البرلمان والغرف التجارية والصناعية ومجتمع الأعمال، لتأهيل الأسواق لتقبل برنامج إلغاء الدعم السلعي ، ولإقناع المواطنين بأهمية تنفيذ خطط تحرير أسعار السلع، على الموازنة العامة.
بيع مخزون القمح
وبدأت حكومة العسكر خلال الأسبوع الماضي بيع جزء من المخزون الاستراتيجي للقمح إلى القطاع الخاص، بسعر 9750 جنيها للطن، في بورصة السلع التي استحدثتها الوزارة لبيع القمح والأرز والسلع التي تراها الدولة مهمة للأسواق، وهو ما يمثل خطوة متقدمة في برنامج إنهاء دور الحكومة، الذي سيقتصر على تحصيل نسبتها والعمولات والضرائب والمكاسب من بيع السلع للقطاع الخاص الذي سيقوم بدور بيع الخبز والدقيق والأرز والسلع الأساسية للمواطن بعيدا عن دور وزارة التموين المباشر، وهو ما يمثل تحريرا لكل السلع وتركها على عناتها وفق قواعد العرض والطلب ، وهو ما قد يدفع بأسعارها إلى عنان السماء، وعندها ستتحدث الحكومة عن سوء استهلاك أو تنافس أو قوى احتكارية أو أي شيء غير دورها الأساسي، هروبا من المسئولية وتحميل لمواطن هموم حماية طعامه وشرابه وتوفيره بأسعار السوق ، وهي خطة جهنمية للانسجاب دور الدولة وتركيزه وحصره في القبضة الأمنية فقط لإخافة الشعب وترويعه إن فكر في أن يعلن آلامه أو شكواه.
معاناة السوق المصري
ويعاني السوق المصري من نقص مخزون الأرز والقمح والسكر والدقيق والزيوت، وهو ما يرفع أسعار تلك السلع الأساسية والتي تضرب المواطن المصري في مقتل ، وترفع نسب الفقر والجوع إلى أكثر من 80% من المصريين، وتجعل الاستقرار المجتمعي في مراحله الأخيرة قبل الانفجار، في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري خلال شهرين فقط بنحو 56% وفقدان ملايين المصريين لوظائفهم وأعمالهم وإغلاق أكثر من 10 آلاف مصنع وشركة إثر الأزمة المالية.. فهل ستجدي العصا الأمنية في معالجة الغضب الشعبي.
