بعد تشريد العاملين..صناعة الجلود تواجه الانهيار في زمن العصابة

- ‎فيتقارير

 

 

صناعة الجلود تواحه الانهيار في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، بسبب القرارات العشوائية التي أدت إلى تطفيش العاملين في هذه الصناعة وإجبارهم على الانتقال من مصر القديمة إلى مدينة الروبيكي التي لا تتوافر لها المقومات والإمكانات التي تساعد على استمرار هذه الصناعة والنهوض بها.

التجار وأصحاب المدابغ والمعارض أكدوا أن صناعة الجلود في أزمة كبيرة لعدة أسباب أولها التكلفة الزائدة التي يتحملها أصحاب الصناعة والتجار بسبب بُعد مدينة الروبيكي وارتفاع تكلفة المرافق وأبرزها تكلفة المياه، الأمر الذي تسبب في تراجع الإنتاج ، فضلا عن سيطرة عدد قليل من المصنعين على السوق بشكل كامل وأيضا تصدير المادة الخام من المواد اللاصقة والجلود والنعال واستيراد المنتج النهائي بتكلفة تزيد زيادة كبيرة على تكلفة ما تم تصديره.

وكشفوا أن من بين أسباب تراجع هذه الصناعة وعوائدها، أن الجزارين والتجار وأصحاب المصانع رأوا أن مدينة الروبيكي في منطقة بعيدة عن مواطنهم وعن المجازر التي يمتلكونها، مما أدى إلى صعوبة نقل الجلود إليها بسبب التكلفة الزائدة، إضافة إلى أن الكثير من العمال رفضوا العمل في الروبيكي وفضلوا ترك مهنتهم وبحثوا عن حرفة أخرى، ما يعني عدم توافر العمالة اللازمة.

وأكد التجار أنهم يعانون من الارتفاع الكبير في أسعار خامات إنتاج الأحذية الجلدية بداية من المواد اللاصقة والجلود والنعال، بسبب تحرك الأسعار جراء موجة التضخم الأخيرة.

وقالوا إن "قطاع دباغة الجلود يُعاني مشكلات عدة، خصوصا المصانع الصغيرة والمتوسطة، كما يعاني كبار الصناع من تراجع الصادرات، مطالبين بوضع آليات لتداول الجلود، وتتبع الحيوانات بدءا من مرحلة التربية وحتى الذبح بطريقة احترافية لا تتسبب في إهدار الجلد، وضبط منظومة البيع ومنع الممارسات الاحتكارية التي ترفع السعر، بما يُضعف التنافسية في الأسواق العالمية.

 

ركود

 

في هذا السياق كشف تقرير صادر عن المجلس التصديري أن صناعة الجلود تعاني من ركود أدى إلى انخفاض حجم صادراتها بنسبة 7% في النصف الأول من العام الماضي، تزامنا مع تراجع الطلب على الجلود الطبيعية عالميا، بالإضافة للمشكلات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي.

وأوضح التقرير أن معظم المصانع العاملة في مجال الجلود تعتمد على الجلود الصناعية المستوردة بديلا عن الجلود الطبيعية التي ارتفعت أسعارها بقيمة تتجاوز 3 أضعافها رغم تراجع مميزاتها في الصناعات الجلدية من حيث القوة والمتانة والعمر الافتراضي، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام ومستلزمات الصناعة والاعتماد على تصديرها واستيراد المنتج النهائي بتكلفة أعلى.

وأشار إلى أن صناعة الجلود تواجه مشكلتين هما، عدم نقل المدابغ بشكل كامل إلى مدينة الروبيكي بسبب بُعد المكان وقلة الإمكانات المتاحة هناك، وتصدير الجلد خام دون استفادة حقيقية منه، حيث إنه لم يتم نقل سوى 20% فقط من مدابغ مجرى العيون إلى الروبيكي ويتبقى 60% لم يتم نقلها حتى الآن، فيما حصل 20% من المدابغ على تعويضات.

 

ارتفاع الأسعار

 

من جانبه قال ياسر سامبو، تاجر جلود بمنطقة سور مجرى العيون، إن "هناك عدة عوامل تسببت في تدني مستوى صناعة الجلود وعدم قدرتها على الاحتفاظ بمكانتها كواحدة من أهم الموارد الاقتصادية والصناعات التاريخية، منها عوامل تتعلق بعوامل الإنتاج وهي الأبرز والأهم، حيث ارتفعت أسعار المواد الأولية اللازمة لإنتاج الجلود مع موجة ارتفاع الأسعار العالمية والأزمات الاقتصادية التي حدثت جراء الحرب الروسية الأوكرانية وتفشي وباء كورونا وموجة التضخم وارتفاع أسعار الدولار.

وكشف «سامبو» في تصريحات صحفية أن تأثير العوامل الخارجية كتصدير الجلود في صورتها الأولية للخارج واستيرادها في صورتها النهائية كان سببا آخر في ارتفاع الأسعار في السوق وعزوف المستهلك عن الشراء، مما أدى إلى ركود كبير أصاب الأسواق بالشلل التام، حيث تصاعدت الأسعار إلى 3 أضعافها أو 5 أضعافها في بعض المنتجات.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار المواشي وتراجع الطلب على اللحوم، تسبب في انخفاض معدلات الذبح اليومية، وهو ما أثر على المعروض من الجلود في السوق، ورفع سعرها النهائي بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضي.

 

احتكار التجار

 

وأكد يوسف ياسر صاحب معرض بيع منتجات الجلود في منطقة سور مجرى العيون، أن الركود الذي أصاب أسواق الجلود يعود إلى احتكار قلة من التجار للسوق المحلي وهو أحد العوامل التي كانت سببا رئيسيا في تدهور الصناعة وتراجع أوضاعها.

وقال «ياسر» في تصريحات صحفية "نقل الصناعة إلى مدينة الروبيكي الجديدة مع الظروف العالمية من تضخم وتدهور الأوضاع الاقتصادية أفقد صناعة الجلود ميزتها وقدرتها التنافسية، خاصة بعد ارتفاع الأسعار ووجود ما يُسمى السلع البديلة بأسعار أقل، مشيرا إلى أن اللجوء لاستيراد المنتجات النهائية من الخارج يرجع لامتلاك الدول الأجنبية الإمكانات والآلات القادرة على إنتاج السلع بصورة ذات جودة أعلى تجعلها مصدرا للجذب في السوق".

وطالب حكومة الانقلاب بتوفير مستلزمات الإنتاج لقطاع الجلود بأسعار معقولة، مما يساعد على تحقيق قيمة مضافة عالية، وتوفير شركات تسويق متخصصة على المستويين المحلي والعالمي، مما يساعد قـطاع الجلود على زيادة الميزة التنافسية وإعادة الصناعة لمكانتها في الأسواق مرة أخرى، وانتشال العاملين فيها وأسرهم من التشرد.

وأضاف «ياسر»  أنه بخلاف الأزمة الاقتصادية العالمية التي أثرت على عدد كبير من قطاعات التصنيع المختلفة ومنها المصنوعات الجلدية، تعاني الأخيرة من 4 معوقات رئيسية لنموها وفي مقدمتها ارتفاع الرسوم الجمركية على الخامات المستوردة وارتفاع أسعار الجلود الخام وانخفاض جودتها، فضلا عن زيادة أسعار الخامات المحلية وأخيرا المضاربة في السوق المحلية، مما يؤدي إلى تردي جودة المنتج المحلي بشكل لا يؤهله لغزو الأسواق الخارجية، التي تتطلب الجودة كمحفز رئيسي للاستحواذ على حصة ولو ضئيلة من كعكة التصدير الخارجي.

 

ورش الروبيكي

 

وأشار جمال السمالوطي، رئيس غرفة صناعة الجلود والأحذية والمنتجات الجلدية باتحاد الصناعات، إلى أن تأخر الإعلان عن آليات بيع الورش المخصصة للقطاع بمدينة الروبيكي للجلود، أدى إلى عدم الاستقرار على سعر المتر في الورش بالروبيكي ونظام البيع، سواء عن طريق الإيجار أو التمليك أو حق الانتفاع.

وقال «السمالوطي» في تصريحات صحفية إن "الغرفة اقترحت أن يتراوح سعر المتر في 100 ورشة تم تخصيصها لمستثمري القطاع بين 3 و4 آلاف جنيه، بناء على مطالب 120 شركة من أعضاء الجمعية العمومية للغرفة، مشيرا إلى أن الغرفة تفضل أن يحصل المستثمرون على الورش عن طريق البيع بشكل نهائي، مع مراعاة أن يكون السعر مناسبا للمصانع".

وأضاف أن أسعار مستلزمات ومدخلات الإنتاج ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية بنسبة تعدت 100%، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ونقص الواردات، لافتا إلى أنه على الرغم من تلك الارتفاعات المتتالية في الأسعار، لم تضف المصانع كامل نسبة الزيادة على سعر المنتج النهائي لتنشيط حركة المبيعات بالسوق.