نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للمحلل الاقتصادي، محمود حسان، سلط خلاله الضوء على الأزمة الاقتصادية في مصر والنقص الحاد في العملة الأجنبية.
وقال التقرير إن كومة السيسي تواجه مأزقا في محاولة الوفاء بالتزامات ديونها على مدى السنوات القليلة المقبلة وسط صراع متزايد مع نقص الدولار الأمريكي وانهيار قيمة الجنيه المصري والدين الخارجي المتزايد بسرعة. وهذا يعرض البلاد لخطر الوقوع في أزمة ديون، وربما التخلف عن السداد.
وأضاف التقرير أن احتياطيات النقد الأجنبي انخفضت إلى 34.352 مليار دولار في نهاية فبراير، معظمها ودائع خليجية تبلغ قيمتها نحو 28 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 82 في المائة من إجمالي احتياطيات البنك المركزي المصري.
وأوضح التقرير أن البلاد تشهد نموا سريعا في الديون الخارجية بسبب شهية حكومة عبد الفتاح السيسي للاقتراض. وبلغ المبلغ المستحق 162.9 مليار دولار بنهاية عام 2022، مقارنة مع 145.529 مليار دولار في نهاية عام 2021، بزيادة قدرها 12 في المائة وفقا للبيانات الحكومية. وبالنظر إلى القروض التي تعاقدت عليها حكومة السيسي خلال الربع الأول من هذا العام، يمكن أن يصل الدين الخارجي لمصر إلى 180 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني تقدر قيمة عبء خدمة الدين المستحق للسداد خلال السنتين الماليتين 2024 و2025 بنحو 70 مليار دولار، مقسمة بين 26 مليار دولار في شكل ديون قصيرة الأجل و43.6 مليار دولار في التزامات متوسطة وطويلة الأجل.
ووفقا لتقرير صادر عن بنك "إتش إس بي سي" ومقره لندن، فإن جدول السداد في مصر "صعب" الوفاء به، حيث تستحق المليارات للعديد من مؤسسات التمويل الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ودول الخليج.
ومن المقرر أن تسدد مصر 9.33 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام، و8.32 مليار دولار في النصف الثاني: ما مجموعه 17.65 مليار دولار في عام 2023. وترتفع فاتورة السداد إلى 10.9 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024 و13.3 مليار دولار في النصف الثاني. في عام 2025، يتعين على مصر سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول من العام، و5.8 مليار دولار في النصف الثاني، مقارنة ب 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2026 و 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني من نفس العام.
وتقول حكومة السيسي إنها سددت رأس المال والفوائد على ديون بقيمة 25.2 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2020 إلى سبتمبر 2021، بما في ذلك 19.93 مليار دولار في سداد رأس المال و 5.35 مليار دولار في الفوائد. في عام 2022 سددت حوالي 24 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري، التي نشرتها وكالة الأنباء المصرية الرسمية.
الودائع الخليجية
وقال التقرير إن دول الخليج هي أكبر دائني مصر، حيث تمتلك 25.1 في المائة من الديون الخارجية للبلاد. وتظهر بيانات البنك المركزي المصري أن صندوق النقد الدولي يمتلك نحو 15 في المائة.
وأضاف أن الودائع الخليجية من الإمارات والسعودية والكويت وقطر تهيمن على إجمالي احتياطيات مصر من النقد الأجنبي، حيث تبلغ 27.961 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 81.4٪ من إجمالي الاحتياطي النقدي للبلاد، ومعظمها ودائع طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل.
وتعد الإمارات أكبر الودائع الخليجية، بقيمة 10.661 مليار دولار، تليها الودائع السعودية بقيمة 10.3 مليار دولار. ووفقا للبيانات الحكومية الرسمية، تبلغ قيمة الوديعة الكويتية 4 مليارات دولار، وقطر 3 مليارات دولار.
في الشهر الماضي، أعلن البنك المركزي المصري عن تمديد وديعة كويتية بقيمة ملياري دولار حتى سبتمبر 2023 وجزء من وديعة إماراتية بقيمة 658.5 مليون دولار حتى أغسطس 2027. كما أعلنت المملكة العربية السعودية عن تمديد وديعة مالية بقيمة 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري ، دون الكشف عن تاريخ استحقاقها ، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
ولا تعلن حكومة السيسي عادة عن أسعار الفائدة الواجب دفعها على هذه الودائع أو غرامات التأخر في السداد، نظرا لأن قروض مصر من صندوق النقد الدولي تتجاوز حصتها في الصندوق، مما يؤدي إلى فرض رسوم إضافية على أسعار الفائدة.
وخلال ست سنوات فقط، بلغ إجمالي قروض حكومة السيسي من صندوق النقد الدولي أكثر من 23 مليار دولار، منها قرض بقيمة 12 مليار دولار في عام 2016، بالإضافة إلى قرضين في عام 2020، بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات كوفيد-19، وقرض بقيمة 5.2 مليار دولار ضمن برنامج التسهيلات الائتمانية. انتهى عام 2022 بقرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي مارس الماضي، أعلن البنك الدولي موافقته على إطار شراكة جديد مع حكومة السيسي للسنوات المالية 2023-2027، ستحصل مصر من خلاله على تمويل بقيمة 7 مليارات دولار.
وتصنف مصر ضمن أضعف الدول القادرة على سداد ديونها، التي تعادل الآن 95 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، مع ارتفاع خطر عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في السنة المالية الحالية إلى 43 في المائة، وفقا لوكالة موديز.
ولتجنب مخاطر عدم السداد، نصح خبير مصري (لم يذكر اسمه) الحكومة بوقف أو تقليل الاقتراض الأجنبي واستخدام القروض التي حصلت عليها لتمويل المشاريع المدرة للنقد الأجنبي والمشاريع التي تلبي احتياجات السوق المحلية من السلع، وبالتالي تقليل تكاليف الاستيراد التي تتجاوز 80 مليار دولار سنويا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إجراء مفاوضات مع الصناديق السيادية الخليجية لضخ السيولة النقدية في المشاريع والأنشطة الجديدة كبديل للاقتراض الأجنبي.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة ببرلمان السيسي، فخري الفقي، إن البلاد تحتاج إلى نحو 35 مليار دولار لتغطية عجز الحساب الجاري وسداد الفوائد وأقساط الديون خلال العام المالي 2022/2023. تبدأ السنة المالية لمصر في أوائل يوليو وتنتهي في نهاية يونيو من العام التالي.
بيع الأصول
ويبدو أن حكومة السيسي لا تملك خطة عملية للسداد من خلال زيادة الصادرات والحد من فواتير الاستيراد، بالإضافة إلى تعظيم إيراداتها من السياحة وقناة السويس وتحويلات العمالة الخارجية والاستثمار الأجنبي المباشر، فضلا عن تصدير الخدمات التعليمية والصحية والثقافية وغيرها. ووفقا للخبير الاقتصادي والعميد السابق للصحفيين المصريين ممدوح الولي، فإن نهجها يركز بدلا من ذلك على الاعتماد على وسيلتين للسداد: تأجيل التعويض، كما حدث مع دول الخليج. وجذب الأموال الساخنة عن طريق بيع أذون وسندات الخزانة للأجانب بالإضافة إلى إصدار السندات في الأسواق الخارجية.
وعلى النقيض من الوضع المتدهور في مصر، تعمل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر على تسريع خطواتها نحو تنفيذ عمليات استحواذ على حصص كبيرة في مجالات الطاقة والنقل والصحة والتعليم والاتصالات والبنوك والأسمدة والمواد الكيميائية.
وتخطط حكومة السيسي لبيع الأصول الحيوية والحساسة في غضون أربع سنوات، بما في ذلك ، كجزء من خطة للاكتتابات العامة الأولية حتى الربع الأول من عام 2024 ، 32 شركة عامة تغطي 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا. وهي تشمل شركات مملوكة للجيش المصري، مثل الشركة الوطنية لتوزيع المنتجات البترولية وشركة صافي للمياه المعبأة. ثلاثة بنوك سبع شركات بترولية وكيميائية ؛ أربع شركات تطوير عقاري ؛ ثلاث محطات طاقة شركتان للتأمين ؛ وشركتي شحن.
ومع ذلك، أشار الولي إلى أن الشركات التي تطرح حصصا للبيع تمثل أصولا مربحة ومربحة باستمرار، مثل شركات تجارة الحاويات (في شمال البلاد) التي كانت مربحة منذ بداية عملها حتى العام الماضي. وهذا يعني أن بيع هذه الحصص يمنح المشترين حصة من أرباح الشركات المملوكة للدولة، وفقا لنسبة ملكيتها. كانت هذه الأرباح تذهب إلى وزارة المالية وتساهم في زيادة إيرادات الدولة وتقليل فجوة العجز المزمن في الموازنة المصرية.
https://www.middleeastmonitor.com/20230403-creditors-are-standing-on-egypts-doorstep/
