قصص مأساوية يرويها أهالي عدد من المختفين قسريا منذ سنوات، حيث ترفض سلطات النظام الانقلابي الكشف عن أماكن احتجازهم، بما يتنافى مع أدنى معايير الحقوق ويعد جريمة ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، بحسب توثيق العديد من المنظمات الحقوقية .
من بين هولاء المهندس "عبدالرحمن محمد محمود بطيشة" البالغ من العمر 30 عاما، والمختفي قسريا منذ اعتقاله يوم 30 ديسمبر 2017 من قبل قوات أمن البحيرة، أثناء عودته من العمل لزيارة زوجته بمركز إيتاي البارود.
وتؤكد أسرته عدم توصلها لمكان احتجازه منذ اعتقاله بشكل تعسفي دون سند من القانون، واقتياده لجهة مجهولة حتى الآن دون ذكر الأسباب، بما يزيد من مخاوفهم على حياته.
وطالبت أسرة "بطيشة" كل من يهمه الأمر بالتحرك لرفع الظلم الواقع عليه، والكشف عن مكان احتجازه وسرعة الإفراج عنه واحترام حقوق الإنسان.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=273418955227717&set=a.179901484579465
والطفل "عبدالله بومدين نصر الدين عكاشة" المختفي من 11 يناير 2019 من قسم ثاني العريش الذي رفض تنفيذ قرار إخلاء سبيله، وأنكر وجوده ليتعرض للاختفاء مرة أخرى وهو لا يزال بعمر الرابعة عشر.
وفي وقت سابق وثقت عدد من المنظمات الحقوقية طرفا من الانتهاكات التي تعرض له "عبدالله" منذ أن تم اعتقاله من منزله بالعريش، في 31 ديسمبر 2017 وكان وقتها يبلغ من العمر 12 عاما .
وأكدت أن ما تعرض له من انتهاكات و إجراءات غير دستورية وغير قانونية، وتخالف جميع الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر.
https://www.facebook.com/photo?fbid=272424341993845&set=a.179901484579465
سلسلة من الانتهاكات المأساوية
وأشارت إلى أن من بين ما تعرض له من انتهاكات استمرار تعذيبه بعد اعتقاله واختفائه قسرا لقرابة 6 أشهر، متنقلا بين الأمن الوطني التابع لوزراة الداخلية بحكومة الانقلاب والكتيبة 101 بالعريش التابعة للقوات المسلحة المصرية ، حتى ظهر في 2 يوليو 2018 بمبنى نيابة أمن الانقلاب بالقاهرة، التي قامت بالتحقيق معه دون حضور محاميه، وذلك على ذمة القضية 570 لسنة 2018 بزعم المشاركة والانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون، والمساعدة في زرع مواد وعبوات متفجرة.
و أمرت النيابة بإيداعه إحدى دور رعاية الطفولة، وهو ما لم يحدث، حيث جرى ترحيله لقسم شرطة الأزبكية بالقاهرة، ومكث هناك لأكثر من ثلاثة أشهر في أوضاع سيئة وبيئة غير مناسبة لطفل، مما أثر على حالته النفسية والصحية والبدنية، وذلك بالمخالفة لقانون الطفل المصري رقم 126 لسنة 2008 وما نصت عليه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي وقعت عليها مصر.
وبعدما صدر قرار بإخلاء سبيله قبل نحو 5 سنوات ووصل إلى قسم شرطة العريش، رفض ضابط الأمن إخلاء سبيله، وتم ترحيله إلى مقر الأمن الوطني بالعريش، ليتم تعذيبه والتنكيل به بدنيا ونفسيا، وهو ما تسبب في إصابته بإصابات بالغة فقد معها القدرة على الحركة، وتزامنا مع إجراء الكشف الطبي عليه ومحاولة علاجه، أصيب بصدمة نفسية شديدة جدا، حاول خلالها الانتحار بتناول كمية كبيرة من الأقراص العلاجية.
أكثر من 5 سنوات على إخفاء كاتب القصة أحمد شاكر
ويتواصل إخفاء كاتب القصة والناقد الأدبي "أحمد شاكر عبد اللطيف عبد الفتاح" منذ أكثر من 5 سنوات عقب اعتقاله تعسفيا من كمين أمني صباح 21 مارس 2018 بزهراء مدينة نصر، واقتياده لجهة مجهولة حتى الآن دون سند.
ورغم تقدم أسرته ببلاغات للنائب العام ، ووزارة الداخلية، ونيابة مدينة نصر، وأقامت دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لإلزام وزير الداخلية بالكشف عن مكانه، وحتى الآن لم تتلقَ أسرته أي إجابة تفيد بمكان تواجده.
وأعربت أسرته عن خوفها الشديد وقلقها البالغ على سلامة حياته، في ظل الإنكار والتجاهل من قبل أجهزة الدولة، فضلا عن معاناته من الصداع النصفي المتلازم وارتجاع المريء، وحرمانه من جرعات الأدوية التي كان يتناولها بصفة مستمرة للعام الرابع على التوالي.
انتهاكات لا تتوقف
وتعتبر جرائم الإخفاء القسري التي تنتهجها سلطات الانقلاب في مصر انتهاكا لنص المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه “لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا”.
يشار إلى أن هذه الجرائم تعد انتهاكا لنص المادة الـ 54 الواردة بالدستور، والمادة 9 /1 من العهد الدولي للحقوق الخاصة المدنية والسياسية الذي وقعته مصر، والتي تنص على أن لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا ، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون ، وطبقا للإجراء المقرر فيه.
كان تقرير “المشهد الحقوقي لعام 2022” الذي أصدره المركز مؤخرا وثق 3153 حالة إخفاء قسري، فيما وصل عدد المخفيين قسريا خلال تسع سنوات إلى 16355 حالة.