العسكرة تتمدد.. بروتوكول لـ«تنمية روح الولاء» بين الجيش ووزارة التعليم

- ‎فيتقارير

يصر نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي على عسكرة المجتمع المصري من الألف إلى الياء؛ وآخر صور العسكرة توقيع بروتوكول للتعاون بين قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري بالجيش مع وزارة التربية والتعليم من خلال  تطبيق نظام "التأسيس العسكري" لعدد 100 مدرسة من مدارس التعليم الفني، بداية من العام الدراسي الجديد (2023-2024)، بدعوى حرص القوات المسلحة على تبادل الخبرات العلمية والعملية، وتنمية روح الولاء والانتماء للتلاميذ من مختلف المراحل الدراسية.

وحسب بيان القوات المسلحة، فإنّ البروتوكول يستهدف تطوير المنظومة التعليمية، من خلال برامج علمية وتدريبية متطورة، فضلاً عن تسخير كافة الإمكانيات لتحقيق أقصى استفادة علمية لكلا الجانبين. وفي كلمته أكد قائد قوات الدفاع الشعبي والعسكري اللواء وليد حامد الحماقي، دعم القيادة العامة للقوات المسلحة لتعزيز أوجه التعاون، وتعميق روح الولاء والانتماء لدى أبناء الوطن، مشيداً بالتنسيق المستمر بين الجيش ووزارة التعليم، في ما يخص برامج التعاون المشتركة التي تعتمد على أحدث النظم. من جانبه أبدى وزير التربية والتعليم رضا حجازي، عن سعادته بالتعاون الوثيق بين الوزارة والقوات المسلحة، مشيداً بالانضباط والولاء والانتماء الذي لمسه عند زيارة عدد من المدارس الفنية التي تطبق التأهيل العسكري، باعتبار أن الولاء والانتماء أحد الأهداف الاستراتيجية للوزارة، وكذلك رؤية "مصر 2030".

وكان الدكتاتور عبدالفتاح السيسي قد شهد في 3 إبريل 2023م، اختبارات المعلمين المتقدمين للالتحاق بوظائف مدنية في وزارة التربية والتعليم، في مقر الكلية الحربية، بحضور وزير الدفاع الفريق محمد زكي، ومدير الأكاديمية العسكرية الفريق أشرف سالم. في ترجمة حرفية لمسئولية الجيش عن تدريب واختبار كل المتقدمين للوظائف العامة في الجهاز الإداري، وإخضاعهم لدورات حول "مقتضيات الأمن القومي"، بناءً على تعليمات مباشرة من السيسي؛ بهدف التأكد من ميولهم السياسية تجاه السلطة الحاكمة، وعدم تسرب أي معارضين لها في جهاز الدولة.

وفي أعقاب الانقلاب العسكري يوليو 2013م، تمددت صور العسكرة داخل المجتمع المصري على نحو كبير؛ ولا ينسى المصريون مقطع الفيديو لأحد الضباط  وهو يخاطب تلاميذ مرحلة ابتدائي بأن الجيش سيطر على البلد بناء على "الشرعية المسلحة"، بمعنى أنه الجهة التي تمتلك القوة والسلاح وبالتالي فمن حقه الحكم والسيطرة على البلد!

وأجبر ملايين التلاميذ على ترديد أحد أناشيد الصاعقة كشكل من أشكال بث روح الولاء للقوات المسلحة مع أن الولاء يجب أن يكون للوطن وليس للجيش أو أي جهة أو نظام لأن هناك فارقا ضخما بين الوطن والحكومة؛ فالوطن هو ملك للجميع أما الحكومة فقد تكون حكومة أقلية تفرض نفسها على الشعب بأدوات القهر والإرهاب ككل حكومات النظام العسكري منذ انقلاب يوليو 1952م.

لم تتوقف العسكرة عند ذلك؛ بل تمددت على شقين: الأول الشق الفكري، فيما يتعلق بالمناهج حيث تم أوسع انقلاب على مناهج التعليم من أجل تعظيم دور الجيش ووصف ما جرى في 30 يونيو و3 يوليو 2013م بوصفه ثورة  وليس انقلابا عسكريا؛ كما تم حذف ما يتعلق بثورة يناير إلا ما كان للجيش فيها حول مزاعم الجيش والشعب إيد واحدة، كما تم حذف جميع النصوص والمواد التي تتحدث عن "إسرائيل" بوصفها احتلالا  استيطانيا، وتم استبدال ذلك بالحديث عن السلام؛ وهو ما قوبل بإشادة إسرائلية واسعة.

أما الشق الثاني وهو الشق الاقتصادي، فإن الجيش يسيطر تماما على هيئة الأبنية التعليمية من الألف إلى الياء ويتولى جميع ما يتعلق بالشئون المالية والإنشائية داخل الوزارة؛ فهو من يتولى عملية توريد الغذاء المدرسي وترميم وإنشاء المدارس وخلافه،  أما ديوان الوزارة فيسيطر عليه فعليا حفنة من اللواءات الذي يمسكون مفاصل الوزارة بشكل كامل.

وفي مطلع نوفمبر ٢٠١٣ م، أعلن اللواء أسامة عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني، عن تصديق الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع وقائد الانقلاب، على إقامة مدرسة دولية بمدينة السلام فوق مساحة 30 فدانا بتكلفة وصلت ٩٠ مليون جنيه، وبالفعل تم افتتاح تلك مدرسة بدر الخاصة العسكرية للغات في مارس من عام ٢٠١٥ م. وحسب ما ورد ضمن تعريف بالمدرسة على موقعها الإلكتروني، فلقد خطط للمدرسة أن تكون الأولى ضمن سلسلة من المدارس الاستثمارية المملوكة للقوات المسلحة التي تدرس المنهجين البريطاني والأمريكي. وفي التعريف بها جاء أن المدرسة “تتبع بفخر أخلاق القوات المسلحة من أجل تمهيد الطريق لطرق تعليمية أرفع لكل طلابنا”. وبلغت مصاريف المدرسة حينها "2015"، 32 ألف جنيه، وهي اليوم تتلقى مصاريفها بالدولار وليس بالجنيه بعد التعويم وانخفاض قيمة الجنيه بنحو 80% عما كان عليه في 2015م. لكن العجيب حقا أن المدرسة أعلنت عن تبينها مناهج بريطانية أمريكية، في اعتراف كامل بالمؤامرة على الهوية المصرية والعربية والإسلامية؛ وأعلنت سلسلة مدارس بدر الدولية فور افتتاحها أنها تأسست من قبل “القوات المسلحة المصرية بهدف أن تصبح أفضل سلسلة مدارس دولية… يقدم فيها أعلى جودة من التعليم بحسب ما جاء في التعريف بالمدرسة فوق موقعها الرسمي على الإنترنت. وقالت المدرسة، إنها توفر فرصة فريدة كونها تمثل مجتمعا من القادة، مع تبعيتها للجيش المصري. وجاء الإعلان عن تأسيس المدرسة لكي يفجر عاصفة من الانتقادات لتلك الفكرة، من قبيل التساؤل: “هل هذه هي اللمسة الوطنية التي تتحدث عنها القوات المسلحة وهي تنشئ نظام تعليمي بريطاني وأمريكي في مصر وبهذه المبالغ الكبير.

وحتى 2016م، وصل تعداد المدارس الدولية بمصر نحو 13 ألف مدرسة في المتوسط، تمتلك أغلبها أسر قيادات وضباط بالجيش والشرطة وعدد من كبار رجال الأعمال المتحالفين معهم، وفي تلك المدارس ما يقرب من 500 ألف طالب وطالبة بمختلف المراحل التعليمية، وقد شهدت هذه المدارس ارتفاعاً ملحوظاً في مصروفاتها تراوح ما بين 36 ألفا و162ألف جنيه حينها أما اليوم فإنها تتلقى مصروفاتها بالدولار وبأسعار خيالية.