بعد تحذيرات متتالية من المؤسسات المالية الدولية، ومنها تقرير قبل ساعات من وكالة بلومبيرج الأمريكية لتصنيف 60 دولة، حسب الدين العام وتكاليف الفائدة والعائد على السندات الدولارية، احتلت دولة مصر المركز الثاني عالميا بعد أوكرانيا التي تدور على أرضها حرب وغزو روسي، وحذر عميد تجارة الإسكندرية الأسبق الدكتور السيد الصيفي الحكومة من الزيادة في خدمة فوائد الدين العام، التي ارتفعت إلى 1.3 تريليون جنيه، من 1.2 تريليون جنيه بالموازنة الحالية.
وقال د. السيد الصيفي، خلال مشاركته في جلسات الحوار الوطني قبل أيام: إن "البنك المركزي، 40% من إيرادات البنوك، لتمويل نفقات الحكومة، مقابل طبع سندات، ترفع الدين العام، دون القدرة على توفير إيرادات لسداد الديون المستحقة للبنوك".
وعن خطورة الأزمة، أكد أن الخطورة هي: "أننا لم نستخدم القروض بوضوح في تحقيق عوائد تقلل شعورنا بالضغط، وإحساس المواطن بالأزمة في ظل زيادة عجز الموازنة، وبالتالي الضغط على الخدمات".
وأضاف أنه بخلاف تكلفة خدمة الدين هناك 1.3 تريليون جنيه أقساط ديون مستحقة محلية وأجنبية، لافتا إلى أن الدين العام لا يوجد به مشكلة إذا حقق عوائد أعلى من معدلات الفائدة، ولكن هذا لا يتحقق في الحالة المصرية.
بيع الأصول بثمن بخس
وأشار الأكاديمي والخبير الاقتصادي السيد الصيفي، أن الدين العام في مصر بلغ 6 تريليونات جنيه دين داخلي، و165 مليار دولار دين خارجي، محذرا من أن ضغوط المؤسسات المالية الدولية تدفع مصر باتجاه بيع الأصول.
ولفت إلى أن هناك تعمدا لحرمان مصر من الحصول على قروض جديدة طويلة الأجل، يتم من خلالها تسديد القروض القصيرة، وبالمقابل يتم الضغط على الدولة المصرية لبيع الأصول، والمعروف أن بيع الأصول يتم بأثمان بخسة وبصورة غير عادلة.
وقال: "لا أفترض نظرية المؤامرة، ولكن المؤسسات الدولية حرمتنا من البند الخامس من بنود التمويل، وهو الحصول على قروض طويلة لسداد القروض قصيرة الأجل بعد تخفيض التصنيف الائتماني، وبيع السندات المصرية المتداولة بالخارج بنسبة أقل من تسعيرها بنحو 20% لنضطر لبيع أصول الدولة بثمن بخس".
اختلالات في السياسات الاقتصادية
وأوضح الصيفي أن الموازنة المصرية تشهد اختلالات واضحة، حيث إن إجمالي الإيرادات 2.1 تريليون جنيه منها 1.5 تريليون جنيه ضرائب، وهو ما يشعرنا بالقلق من عدم قدرة الشركات على دفع الضرائب، وبالتالي زيادة العجز في الإيرادات العامة، بحيث تكون خدمة الدين أعلى من كل ديون الدولة ونضحي بالفائض الأولي والذي يُعدّ أحد الاختلالات الواضحة، حيث إنه عمليا لا يجوز استبعاد الفوائد لتحقيق فائض أولي بالموازنة.
وشدد على أن المشكلة الأكبر تتمثل في أن البنك المركزي لكي يغطي هذا العجز، يلجأ إلى طباعة العملة أو بيع أذون الخزانة بمبلغ كبير جداً، حيث أن 40% من أصول البنوك المصرية موضوعة في أذون الخزانة، وهو ما يعني أن مدخرات المصريين يتم من خلالها تسديد ديون الدولة، أي تسديد الدين بدين آخر، وبذلك فإنها لن تظل هناك سيولة للدخول في استثمارات".
وحذر من أنه حال وقعت تلك البنوك لحقها الإفلاس، فستكون هناك كارثة كبيرة، خاصة وأن حجم التسهيلات المقدمة من قبل الدولة، والبالغ 700 مليار جنيه، يستفيد منها 100 مستثمر فقط، بنسبة 17% فضلا عن أنه لدينا 5 بنوك فقط كبرى، وليس لدينا بنك دولة قادر على قيادة الاستثمار في حال وجود أي أزمة، وخاصة مع تراجع الملاءة المالية للبنوك.
الأسوأ وفق توقعات
وفي تقرير حديث عن البنوك، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني: إن "صافي الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي معرض لخطر الزيادة، بسبب التراكم الكبير لطلبات الاستيراد، ونقص العملات الأجنبية، مضيفة أن الوضع تدهور بشكل كبير منذ يناير 2022 مع خروج استثمارات من محفظة الديون المصرية بقيمة تزيد على 22 مليار دولار، ونقص السيولة الخارجية".
وتوقع التقرير أن يتدهور الوضع إذا تزايدت وتيرة خروج الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين المصرية، واعتماد الحكومة المصرية على القطاع المصرفي في تلبية طلبات الاستيراد المتراكمة في مصر، أو في حال تدخل السلطات المصرية لإدارة سعر الصرف.
وتعاني مصر نقصا حادا في الدولار، وتراكمت البضائع المستوردة في الموانئ مع عدم قدرة البنوك على تلبية العملة الصعبة، بجانب تراجع سعر الجنيه مقابل الدولار في السوقين الرسمية والموازية.
وبحسب فيتش، فإنه من الممكن أن يهدأ ضغط سعر صرف الجنيه إذا نجحت السلطات المصرية في بيع الأصول لمستثمرين خارجيين، ما يعزز تدفقات رأس المال والعملات الأجنبية إلى مصر.
وبدأت مصر بالفعل مؤخرا خطة لبيع أصول حكومية في محاولة منها لتوفير النقد الأجنبي، وحتى يونيو الماضي، أبرمت الحكومة المصرية اتفاقات لبيع حصص في شركات بقيمة 1.9 مليار دولار، كما ت
تخطط لبيع أصول حكومية بخمسة مليارات دولار بحلول يونيو 2024.