مع استمرار الانهيار الاقتصادي في مصر وتزايد الديون وأعبائها وعدم قدرة نظام السيسي على خلق استثمارات جديدة، أو زيادة الحصيلة الدولارية وتراجع التصنيع والتصدير والإنتاج، وهو ما يمثل خصما من قوة مصر الاقتصادية توقعت شركة “فيتش سوليوشنز” (Fitch Solutions) أن تنخفض قيمة الجنيه، بنهاية العام 2023 إلى نحو 38.02 جنيها للدولار، مقابل سعر رسمي يدور حاليا حول 30.95 جنيها للدولار.
وقالت الشركة، في تقرير “المخاطر الاقتصادية في مصر” أمس الأربعاء: إن “العملة المصرية ستعاود الارتفاع نهاية العام 2024 إلى نحو 36.12 جنيها للدولار، وأشارت إلى أن التوقعات تشير إلى أن البنك المركزي سيسمح بانخفاض العملة المحلية خلال شهر سبتمبر الجاري أو أكتوبر المقبل، إلا أنها توقعت أيضا أن يؤجل البنك قراره إلى ما بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية أوائل العام المقبل”.
وذكرت الشركة، أن مصر تواجه حاليا ضغوطا متزايدة على مركزها الخارجي بسبب ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي وسط تدفقات رأس المال المحدودة، مشيرا إلى أن نقص احتياطي النقد الأجنبي لا يترك للحكومة سوى مجال محدود للحركة لا تسمح بأخطاء أو تأخير في تأمين التمويل.
وأضافت أن “تحقق هذه المخاطر من شأنه أن يضعف العملة أكثر مما نتوقع حاليا، وهو ما سوف يؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية وارتفاع المخاطر السياسية وزيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي.
وتوقعت الوكالة أن يصل الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2023 بالدولار إلى نحو 300 مليار مقابل 425.9 مليار دولار نهاية 2021، ونحو 409.3 نهاية 2022، متوقعة أن يعاود الارتفاع نهاية 204 إلى 318.7 مليار دولار، كما توقعت ارتفاع التضخم إلى 38.7% نهاية العام الجاري.
العجز المالي
وأشارت إلى أن أهم المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري في المدى القريب هي العجز المالي الكبير، الأمر الذي سيستغرق بعض الوقت لمعالجته بسبب ارتفاع تكاليف خدمة الديون، كما أن استنفاد جميع خيارات التمويل الخارجي تقريباً يجعل البلد عرضة للصدمات.
وتحدث التقرير عن اعتماد القطاع الصناعي بشكل كبير على المواد المستوردة، وهو ينتج سلعا ذات قيمة مضافة منخفضة، مما يعني أن صافي الصادرات غير الهيدروكربونية لا يزال يواجه صعوبات في الانطلاق، إضافة إلى ارتفاع مستويات الفساد والبيروقراطية، فضلا عن استمرار الوجود الكبير للجهات الفاعلة المرتبطة بالدولة والجيش في الاقتصاد على حساب القطاع الخاص.
على طريق اوكرانيا
ووفق وكالة “بلومبرج” الأمريكية، فإن مصر تعد ثاني أكثر دول العالم عرضة لخطر أزمة الديون، بعد أوكرانيا التي مزقتها حرب روسية مستمرة منذ 24 فبراير 2022.
وأظهرت بيانات أنه مع الأخذ في الاعتبار الدين العام وتكاليف الفائدة والعائد على السندات الدولارية، فإن الاقتصاد المصري هو الأكثر عرضة للخطر في الشرق الأوسط، وفقا لتقرير بموقع ميدل إيست آي البريطاني (MEE).
وكانت ثلاث دول أخرى في الشرق الأوسط، هي تونس والبحرين والأردن، من بين الدول الأكثر عرضة لخطر أزمة الديون.
ومنذ سنوات، تعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة، وأظهرت أرقام رسمية صدرت الأحد الماضي أن معدل التضخم السنوي في مصر وصل إلى مستوى قياسي جديد بلغ 39.7% في أغسطس الماضي، وهو الأكبر منذ 40 عاما، في حين فقد الجنيه المصري في أوائل العام الجاري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء .
ومنذ انقلاب السيسي في 2013، اعتمدت مصر على عمليات الإنقاذ من جيرانها الخليجيين الأثرياء وصندوق النقد الدولي، بينما سحب المستثمرون المليارات من احتياطيات البنوك المصرية الأجنبية.
وقال تيموثي إي كالداس، من معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط، على منصة إكس: “وفقا لتحليل بلومبرج، تعد مصر ثاني أكثر الدول عرضة على وجه الأرض لأزمة الديون”.
وتابع، الدولة الوحيدة الأكثر عرضة للخطر هي أوكرانيا، تم غزو أوكرانيا من قِبل الجيش الروسي، في حين تم غزو اقتصاد مصر من قِبل جيشها.
ويمثل التعبير الأخير أساس الانهيار الشامل للمجتمع المصري وليس للاقتصاد فقط، فقد تدهورت منظومة التعليم والصحة والتجارة والاقتصاد والغذاء والصناعة، وغيرها ، إثر توغل العسكر في مفاصل مصر.
يشار إلى أنه قبل نهاية العام الجاري، تستعد مصر لسداد التزامات دولية بقيمة 15.1 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وبلغ حجم الدين الخارجي لمصر 163 مليار دولار بنهاية 2022، مسجلا ارتفاعا بمعدل 5 أضعافه خلال السنوات العشر الماضية.
وتتوقع حكومة الانقلاب أن يصل معدل الدَّين إلى 95.6% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي 2022-2023؛ بسبب تقلبات سعر الصرف وانهيار قيمة الجنيه المصري أمام الدولار.