“أبوعبيدة”.. الملثم الذي تثير إطلالته الحماس والأمل في نفوس الصغار والكبار

- ‎فيلن ننسى

 

بات ظهور الملثم “أبو عبيدة” على شاشات التليفزيون يلهب حماس العرب والمسلمين بل وحتى الأجانب غير المسلمين، يكفي أن تنوه إحدى الفضائيات بسطر على العاجل “بعد قليل، خطاب للناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة”، ليترك الصغير لعبته والكبير هاتفه المحمول ويجتمع الناس في المقاهي والمصانع والورش لمشاهدة والاستماع إلى كلمات أحد أهم شخصيات العالم في الوقت الراهن.

 

وأصبحت الكلمة التي لا ينفك عدد كبير من سكان العالم اليوم عن ترديدها هي كلمة «أبو عبيدة»، الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة “حماس” الذي امتد الاهتمام به، بالطبع، إلى المحتل الصهيوني في خضم معركة صعبة ومعقدة وضارية، حوّلته ملهما لكثير من مناصري المقاومة في العالمَين العربي والغربي، وعدوا مكروها في تل أبيب ولدى حلفائها.
يطل «أبو عبيدة» منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعدما أعلن محمد الضيف، قائد «القسام»، بدء معركة «طوفان الأقصى»، مرة كل أيام عدة، عبر خطاب مسجل، مرتديا زي الجنود الأخضر المموه، متلثما بكوفية حمراء، ليلقي موقف القسام ويتحدث عن جديد المعركة.

ومنذ بدأ العدوان الصهيوني الأمريكي الغربي على قطاع غزة، خرج «أبو عبيدة» قبل أو بعد كل موقف فاصل، وأدار الحرب الإعلامية باحترافية لافتة في مواجهة الناطقين الإسرائيليين، بحسب ما يقول مراقبون، فقد كان يسبقهم أحيانا إلى معلومات مهمة، وأحرجهم بالإعلان عن أعداد قتلى أو أسرى إسرائيليين قبل صدور أرقام رسمية في تل أبيب.
كما أحرج «أبو عبيدة» الإسرائيليين بإعلانه رغبة «القسام» في الإفراج عن بعض الأسرى، ورفض إسرائيل تسلمهم، كما كان أكثر واقعية من الإسرائيليين في توصيف تطورات المعركة على الأرض، بما في ذلك إعلانه عن قتل جنود إسرائيليين قبل ساعات طويلة من صدور تأكيد عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي عليه أن ينتظر إبلاغ عائلات جنوده القتلى قبل الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام.
ظهر «أبو عبيدة» أول مرة عام 2002 كأحد مسؤولي «القسام» الميدانيين، وكان يتحدث إلى جميع وسائل الإعلام تقريبا وفي المؤتمرات الصحافية، لكنه لم يظهر أبداً مكشوف الوجه، مقتدياً بذلك بالقيادي السابق في القسام عماد عقل الذي قتلته إسرائيل عام 1993 وكان ينفذ عملياته معتمرا كوفية حمراء.
بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، عُيّن «أبو عبيدة» رسميا ناطقاً باسم «القسام».

ينحدر من بلدة نعليا في غزة، والتي احتلتها إسرائيل عام 1948، وهو يعيش الآن في جباليا شمال شرقي غزة، بحسب المعلومات القليلة ومصدرها إسرائيل، قُصف منزله من قبل أكثر مرة، في الأعوام 2008 و2012 و2014، وفي الحرب الحالية في غزة.
برز «أبو عبيدة» كثيرا في حرب عام 2014 بعد إعلانه اختطاف الجندي الإسرائيلي شاؤول أرون في خضم مواجهات برية، وخرج فلسطينيون آنذاك إلى الشوارع في الضفة الغربية في مسيرات عفوية يهتفون له ولـ«المقاومة».
يشير الخبير في الجماعات الإسلامية، الدكتور حسن أبو هنية، إلى أن خطب أبو عبيدة كانت ولا تزال تحظى بمتابعة كبيرة على الصعيدين السياسي والعسكري والشعبي، وكسبت مصداقية عالية، وتُنفذها حرفيا كتائب القسام، وهذا يُعتبر تطورا مهما في الخطاب العسكري الذي أعطى لحماس مصداقية بارزة، بالإضافة إلى ذلك أصبح أبو عبيدة رمزا للخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية عموما ولكتائب القسام بشكل خاص.

وحسب أبو هنية، تستفيد الحركات الاجتماعية دائما وخصوصا حركات المقاومة المسلحة من مدى مصداقية خطابها، لذا يسعى أبو عبيدة دائما لتقديم خطب مدروسة وأسلوب مبتكر يجذب المستمعين العرب والفلسطينيين الذين اعتادوا سماع خطب الأنظمة الرسمية وبيانات الشجب والاستنكار التقليدية التي لا تجذبهم، وهذا ما يجعل شخصية أبو عبيدة مميزة، إذ يعبر بوضوح عن نفسه، وعندما يعلن أنه سينفذ أي عملية تترجم حماس الخطاب إلى الواقع مباشرة، وهذا الأسلوب يجذب اهتمام الجماهير وجعل أبو عبيدة رمزا للمقاومة.
إذا سُئل أي فلسطيني في الشارع عندما يسمع عن خطاب لجناح حماس العسكري، فإن أول شيء يتبادر إلى ذهنه هو صورة “أبو عبيدة” مع كوفيته وشخصيته المميزة، إن لغة جسده تحمل رسائل مهمة، إذ استخدم إصبع السبابة ليوجه تهديدا إلى وزير الحرب الإسرائيلي يعالون، وعبّر عن استعداد القسام لمواجهة الاحتلال، هذه اللغة الجسدية تُظهر التصميم والثقة في مواجهة العدو.
كما أن أبو عبيدة لم يقتصر على إشارة السبابة فقط، بل استخدم يده المشمَّرة عن ساعد واحد في تعبير عن استعدادهم للدفاع والمقاومة، هذا الأسلوب في لغة الجسد أظهر التصميم والقوة اللذين تتمتع بهما كتائب القسام.
علاوة على ذلك، تمثلت رسالات أبو عبيدة والقسام في معركة برية ناجحة أسفرت عن تحرير الأسرى من السجون، إذ أعلن أبو عبيدة بوضوح أن أحد جنود الاحتلال أُسر وهذا كان إنجازا مهما للمقاومة.

تلخيصا لذلك فإن لغة جسد أبو عبيدة تنقل رسائل قوية عن التصميم والقوة في مواجهة العدو، وتعكس إصرار القسام على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.