توقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” البريطانية للأبحاث أن تخفض مصر قيمة عملتها المحلية بشكل كبير الفترة المقبلة، من أجل الحصول على قرض بمليارات الدولارات من صندوق النقد الدولي.
وقالت الوكالة، الخميس: إنها “تتوقع خفض سعر الصرف إلى 65 جنيها مصريا للدولار الأمريكي، وأن يستمر التضخم في مصر عند مستويات مرتفعة لبعض الوقت نتيجة لذلك الخفض، بالإضافة إلى تأخر حركة الاستيراد، الذي من المرجح أن يتفاقم بسبب اضطراب التجارة في البحر الأحمر”.
كما توقعت المؤسسة إجراء مصر المزيد من تشديد السياسة النقدية، وأن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة بواقع 300 نقطة أساس على الأقل، ليرتفع سعر العائد على الإيداع لليلة واحدة إلى 24.25%.
وأشارت إلى أنه في حال تم هذا التخفيض المحتمل، ستكون هي المرة الرابعة التي تخفض فيها مصر قيمة عملتها، منذ مارس 2022، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 70% تقريبا مقابل الدولار الأمريكي.
أزمات متلاحقة
يعاني الاقتصاد المصري من أزمة تمويل ممتدة، حيث يبلغ العجز في تمويل الموازنة العامة نحو 15 مليار دولار، على مدار السنوات الخمس المقبلة، كما يشكل عجز الميزان التجاري مع الخارج أزمة ضاغطة على العملة المحلية، والتي فقدت نحو نصف قيمتها في الفترة من مارس 2022، وحتى يناير 2023، وهو ما أدى لموجات تضخمية متتالية بلغت ذروتها في ديسمبر الماضي، لتصل إلى 24.9%، وفقا لبيانات البنك المركزي، ما أدى بدوره لرفع سعر الفائدة، وهو ما يفاقم أزمة الدين العام مجددا.
أوجاع الشعب
تلك الأزمات انعكست بشكل مباشر على الشارع المصري، الذي بات يغلي من الجوع والفقر، وتزايدات صرخات المصريين ، نساء ورجال، كبار وصغار، يشكون الفقر والجوع وقلة الحيلة نتيجة تسونامي الغلاء الذي يجتاح مصر إثر أزمة اقتصادية ومالية عنيفة لم يعد يجدي معها مفعول المُسكّنات.
ومع فشل السيسات التي يتبعها السيسي وعساكره تفاقمت الأوجاع الاقتصادية، من ارتفاع تكاليف الاقتراض، وتراجع حجم الاستثمارات الجديدة، وهبوط معدلات التوظيف، وارتفاع نسبة البطالة، وفي بعض البلدان يصاحب زيادة الفائدة هبوط قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وعودة معدلات التضخم للارتفاع مجددا على المدى الطويل.
وأفرطت مصر على مدار السنوات العشر الماضية، في استخدام المسكنات لعلاج أزمتها الاقتصادية والمالية، فأدمنت القروض، واستساغت الإسعافات الخليجية، وركنت إلى الحلول السهلة بزيادة الضرائب وبيع الأصول المغرية ورفع الدعم وزيادة أسعار الخدمات، إلى أن دخلت فيما يسميها خبراء الاقتصاد بالدائرة الجهنمية، وهي دائرة متصلة الحلقات من الأزمات المتداخلة يتعذر الخلاص منها. وقد يكون مصطلح الدائرة الجهنمية أقرب في التشبيه للمثل الشعبي “يطلع من نُقرة يقع في دُحديرة”.
واقترضت مصر في العقد الأخير نحو ثلاثة أضعاف ونصف حجم دينها الخارجي في 2014، ومع ذلك لا تزال تعاني من فجوة تمويلية ضخمة، نتيجة لزيادة أقساط وفوائد الديون.