مشتركات وتداخل أدوار يجري زمانيا ومكانيا بين مخطط الصهاينة لمجاعة عارمة أشد فتكا على أهل قطاع غزة، عبر عن ذلك مدير الإعلام الحكومي في غزة بقوله: “شعبنا في غزة دخل مرحلة المجاعة، بسبب حصار الاحتلال وقصفه المتواصل، وبين تجويع أسر المعتقلين في سجون عبدالفتاح السيسي رصدها المعتقل السابق والسياسي المصري الرافض للفساد منذ عهد المخلوع م : يحيى حسين عبد الهادي في مقالة نشرها الثلاثاء بعنوان: (يحسبهم الجاهلُ أغنياء من التعفف) ليرى أن عُشاق الوطن الحقيقيين في السجون يتعرضون لمخطط أشد من التجويع.
مأساة غزة
ولأن الإبادة التي يتعرض لها الآلاف في غزة ذات حضور وأولوية، حيث القضية الإسلامية والعربية الأولى فلسطين، ابتدر الباحث في المعهد المصري للدراسات محمود جمال، هذا المشترك غير متعجب من أفعال المخذلين، وعبر @mahmoud14gamal قال: “لا تُلام مقاومة شعب فلسطين لسعيها لتحرير وطنها المحتل، ولم يتخيلوا أن الانحطاط العربي وصل لتلك المرحلة، القادة العرب لن يرحمهم التاريخ، والشارع العربي عليه دور كبير الآن”.
واتفق معه الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية موسعا الدائرة قليلا وتعجب، معقول 57 زعيما عربيا و 200 زعيم حول العالم مش قادرين يتحركوا لإغاثة شعب يموت من الجوع ؟ معقول ما فيه نخوة ولا إنسانية ولا دم في العروق؟ اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل”.
وأضاف @adham922، “أيام وليالي ونحن نناشد الإنسانية الحقيرة والأنظمة العربية والأسلامية المتخاذلة أن تتحرك لإنقاذ الوضع الإنساني في شمال قطاع #غزة دون استجابة، الناس في شمال القطاع تموت، الشهادات الواردة من هناك مرعبة، حتى أعلاف الحيوانات انتهت”.
ويفصل الصحفي أنس الشريف أكثر وعبر @AnasAlSharif0 كتب، “في شمال غزة المجاعة تجاوزت كل المراحل لا طحين لا أعلاف لا ماء لا وقود لا مقومات للحياة”.
https://twitter.com/AnasAlSharif0/status/1759973146600280074
ونزع الصحفي عبدالفتاح فايد عن هؤلاء الحكام وفي صدارتهم الجار الأول مصر مروءة الجاهلية في رفع الحصار عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعبر @fayednet قال: “يموت الناس في غزة جوعا، فمن نجا من القصف مات من الجوع، والعرب يتفرجون وبعضهم يشاركون، فلا مروءة الجاهلية، ولا أخلاق الإسلام”.
https://twitter.com/fayednet/status/1759966598524260402
ويشير الصحفي شريف منصور @Mansour74Sh إلى أن “الجوع يأكل أجساد أطفال غزة، والعرب الذين يعانون من التخمة ويستوردون كل أنواع الغذاء بمليارات الدولارات عاجزون عن إدخال الطعام لأطفال غزة، أو قل إن الذي يُجوع أطفال غزة هم العرب.”.
https://twitter.com/Mansour74Sh/status/1759962168554856643
يحسبهم الجاهل
وفي مقال (يحسبهم الجاهلُ أغنياء من التعفف) اعتبر الكاتب يحيى حسين عبدالهادي أن أوضاع المعتقلين وأسرهم لما يحدث ليس له شبيهٌ في كل ما شهدته مصر من ديكتاتوريات، باستثناء ما حدث للعرابيين وعائلاتهم في أعقاب عودة الخديوي الخائن.
وأضاف أنه “في ظل الغلاء الفاحش والشدة المستنصرية الثانية التي طالت حتى الأغنياء، لا ينشغل أحد بالتفكير في حال عائلات كريمة غاب عنها عائلها خلف الأسوار منذ سنوات هناك من باعت ذهبها، فماذا عمن لا تملك الذهب؟”.
قصص من السجون
وأشار إلى حالة (محمود) أحد رفقاء طرة، و”كان قبل أن يُحبس منذ ٥ سنوات، يستأجر محلا صغيرا في بلدته بالصعيد يديره كمطعم للفول والطعمية، لم تَقْوَ زوجته على الاحتفاظ بالمحل بعد حبس محمود واضطرت للعمل على عربة فول صغيرة بمساعدة ابنها الصبي رغم النظرة الصعيدية السلبية لعمل المرأة في الشارع، ومع ملاحقات الأجهزة وزيادة الأعباء يوشك المشروع الصغير أن يتوقف وهو مشلول اليد عن فِعل أي شيء، خرجتُ من المعتقل قبل حوالي عامين، ولا يزال محمود سجينا، ولا أدري ماذا فعلت الدنيا بزوجته وأبنائه الثلاثة، ولا ينشغل بهم أحد”.
منظفة بعيادة طبيب
وأشار إلى حالة ثانية وهي لصلاح الذي كان يعمل في أدنى درجات السلم الوظيفي، فقد حكى لي وهو يعتصر ألما وقهرا، كيف أن طبيبا إنسانا وشجاعا وافق على عمل زوجته خادمة في عيادته تقوم بتنظيفها، فهذه هي خبرتها الوحيدة في الحياة، للصرف على ابنتهما في الإعدادية.
وأضاف أن صلاح مَنَع زوجته وابنته من زيارته لتوفير تكاليف المواصلات وبعد فترة طويلة فُوجئ بزوجته تزوره لتخبره باكتشاف إصابتها بالسرطان، وتعطلت لغةُ الكلام عنده وعندي.
الوزير باسم عودة
وكتب الرجل الذي لطالما حارب الفساد في مصر، عن وزير الغلابة الذي ليس محسوبا على قاع المدينة كما يرى.
وأوضح أن “باسم عودة الوزير السابق والأستاذ الجامعي المعتقل منذ عشرة أعوام، فإن مَنْ حبسه لم يكتفِ بفصله وإيقاف راتبه، بل قبض على أخيه الأصغر بهاء للإجابة عن سؤال مِن أين تعيش الدكتورة؟ فأجابهم، إنها زوجة أخي وأنا مُلزم شرعا وقانونا بإعالة أبناء أخي مما يفيض من راتبي، حُبس بهاء احتياطيا ٤ سنوات وفُصل وأُوقف راتبه الذي عز على الأبالسة أن يُساعد منه أسرة أخيه، ثم حكم عليه بعشر سنوات، لتمتزج محنتا الأسرتين في محنة واحدة”.
مستشارون ومحامون
ورصد يحيى حسين قصصا أخرى لمعتقلين ضمن النخبة، وكيف يتم تجويعهم عمدا قائلا: “لا تتوقف المأساة على المعتقل أثناء حبسه وإنما تمتد إلى ما بعد خروجه، لا ينشغل أي منا بكيف يعيش المستشارون الأجلاء (أ) و (م) و (ج) ومعاشاتهم لا زالت موقوفة منذ خروجهم من المعتقل، دعك من الحرمان من مزاولة مهنة المحاماة في مصر بعد فصلهم من القضاء، وإبلاغ الدول العربية بذلك، لتجفيف منابع الرزق تماما”.
وأضاف “عندما لم يجد القاضي الشاب (أ.خ) سبيلا لكسر هذا الحصار غير قيادة تاكسي، تعرض لانتقاد لما في ذلك من مساس بهيبة المهنة الرفيعة”.
وأشار إلى أن “هذا أيضا حال عشرات المحامين النجباء عصام سلطان مثلا الذين تغافل عنهم نُقَباؤهم ونسيتهم نقابتهم، وليت رفع الظلم عنهم يتصدر برامج المرشحين في الانتخابات النقابية الوشيكة”.
وباع محيى الدين بيته
وعن حالة الدكتور م/محمد محيي المعتقل في بداية ٢٠١٩، قال له الضابط: “أنت زعلت مصر يا دكتور وقد أدهشه ذلك، فالرجل لم يكن مناوئا للنظام القائم بل كان يرى أنه من العقل الاعتراف به والتركيز على إعداد البديل في انتخابات ٢٠٢٢ ومن هذه الأرضية اعترض بأدب ومنطق على تعديل الدستور والتفريط في تيران وصنافير، وهي مواقف كان يظنها لا تُغضب #مصر لم يكن يعرف أن (مصرهم) غير (مِصرنا) استمر غضب (مصر) ٤٠ شهرا رافقني فيها د. محيي في المعتقل، واضطرت الفاضلة زوجته لبيع عقار كانا يدخرانه للزمن لتتمكن من الإنفاق على مصاريف البيت ومدارس الأبناء، لكن غضب مصر لم ينتهِ بخروجه من المعتقل منذ حوالي عامين، إذ بمجرد تقدمه بطلب للعودة لعمله قامت الجامعة بفصله لانقطاعه عن العمل طوال فترة اعتقاله، وقد انتزع منذ أسابيع حُكما واجب النفاذ بعودته لوظيفته، فطعنت الجامعة في الحُكم.
وخلص الكاتب إلى أن المُشترك في كل هؤلاء وغيرهم أن ليس بينهم إرهابي واحد، وأنهم عُشاق حقيقيون لهذا الوطن المُبتلى، هل المطلوب أن يسأل شرفاء هذا البلد الناس إلحافا على قارعة الطريق؟” مضيفا، إنْ كان هذا يُرضي الأبالسة فإن الله لا يرضى.”.