في 25 أكتوبر الجاري، انطلقت دعوة شعبية بمصر، لجمع أكثر من 7500 توقيع إلكتروني عبر موقع “تشينج” المتخصص في تسهيل الالتماسات وإنشاء العرائض الإلكترونية، تحت عنوان “ساعدونا نحافظ على حديقة الزهرية”.
وقد وقّع بالفعل على العريضة أكثر من 5 آلاف شخص، في حين لا تزال عمليات التوقيع مستمرة لإنقاذ الحديقة التراثية من إغلاق محتمل بهدف التطوير على غرار حديقتي الأورمان وحديقة الحيوان في محافظة الجيزة، وهو ما رفضه محبو الحديقة الذين اتخذوا قرارهم بتقديم شكوى رسمية في السادس من أكتوبر الماضي إلى الجهات المعنية، من أجل الحيلولة دون إحداث أي تغييرات في الحديقة، بالإضافة إلى جمع التوقيعات وتنظيم الزيارات إلى الحديقة مع التأكيد على أن هناك من يهتم حقا لأمر “الزهرية”.
وتضم حديقة الزهرية التراثية في مصر أشجارا يتخطى عمرها 100 عام، أشهرها شجرة التين البنغالي الضخمة في منطقة الجزيرة، وقد أُنشئت الحديقة العريقة في عام 1868 بقرار من الخديوي إسماعيل، على مساحة 49 فدانا، قبل أن تتقلص لتصبح 8 أفدنة فقط.
أنتج مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية فيلما بعنوان “حديقة الزهرية” يوثق تاريخ الحديقة التي أنشأها الخديوي إسماعيل لتكون جوهرة الحدائق ومركزا لتجارب زراعة النباتات النادرة، وتعد الحديقة مصدرا رئيسيا للأشجار التي زُرعت في شوارع العاصمة المصرية لأكثر من 150 عاما، إذ أمر الخديوي إسماعيل بجمع الأشجار النادرة من مختلف أنحاء العالم وزراعتها في مصر تحت إشراف بستانيين عالميين، مثل جون بيير باريليه دي شو، كبير بستانيي غابات بولونيا وباريس، ومساعده جوستاف ديلشيفاليري، الذي أصبح ناظر الحدائق الخديوية.
وشهدت الحديقة وجزيرة الزمالك زراعة أكثر من مليون نبتة، مع اهتمام خاص بأقلمة النباتات الجديدة على مناخ مصر داخل حديقة الزهرية، التي أصبحت مركزا للتجارب، حيث أُقيمت صوب عتيقة من هياكل حديدية وألواح زجاجية لحماية النباتات القادمة من المناطق الاستوائية من صقيع الشتاء، ورياح الخماسين في الربيع، وحرارة الصيف المرتفعة.
وخلال العقد الماضي، لم تحظ حديقة الزهرية بشهرة واسعة، إذ ظلت مغلقة لسنوات، وفي عام 2021، زارها وزير الزراعة المصري ووجّه برفع كفاءتها وفتحها أمام الزوار، وهو ما تحقق بالفعل، لكن الزوار تلقوا لاحقا إخطارات بأن الحديقة قد تُغلق مجددا بغرض “التطوير”، مما أثار مخاوف بشأن الحفاظ على قيمتها التاريخية والتراثية. استجابة لهذه المخاوف، انطلقت مبادرات عدة للحفاظ على الحديقة، بدأت بعريضة على موقع “تشينج” أطلقها محبو “الزهرية” لتقديمها إلى الجهات المعنية في مصر، أملا في حماية الحديقة التي تتميز بأشجار نادرة، وتفاصيل فريدة وشهدت تصوير العديد من الأفلام المصرية الكلاسيكية.