قالت الدكتورة سلمى يسري، مدير برنامج التنمية الحضرية في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إن 37% من عمران مصر غير مخطط ويقع ضمن السكن العشوائي.
وأضافت أنه تم رصد مشاكل العشوائيات في عام 2017، موضحة أن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (هابيتات) يعمل على وضع دراسة جديدة لتصنيف العمران في المدن وتحديد الفرص المتاحة التي يمكن استغلالها من خلال تمويل المناطق غير المخططة، مؤكدةً أن 80% من هذه المدن تستطيع أن تتلقى دعمًا حكوميًا.
وجاءت هذه التصريحات خلال فعاليات اليوم الثالث للمنتدى الحضري العالمي، الذي يناقش إنشاء وحدات للتطوير الحضري تحقيقاً لرؤية التنمية العمرانية المستدامة، في جلسة بعنوان “تطوير المناطق الحضرية غير المخططة: الفرص والتحديات والتجربة.”
5 مليارات دولار ولا جديد
وتأتي هذه التصريحات تزامنًا مع تصريحات شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الذي أشار إلى أن إجمالي الاستثمارات التي خصصتها الدولة للتخلص من العشوائيات منذ 2017 بلغ نحو 5 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن هذه الميزانية الضخمة وُجِّهت لتخطيط وتنفيذ مشاريع استراتيجية تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفير بيئة سكنية آمنة ومستدامة، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.
تهجير الملايين
ووفق خبراء، تُعد تجربة القضاء على المناطق العشوائية بالعاصمة القاهرة من الأكثر فشلاً، حيث شكلت أحد التحديات الكبرى التي لم تحقق الدولة فيها نجاحًا كبيرًا، فبالرغم من إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة تستوعب الملايين، إلا أنها لم تستقبل سوى ما يقارب مليون مواطن جرى نقلهم إليها، بعد طردهم من منازلهم وتعويضهم بمبالغ زهيدة جعلتهم مستأجرين بعد أن كانوا ملاكًا، فضلاً عن بُعد هذه المناطق عن مواقع عملهم.
وأشارت دراسة للخبير المعماري والباحث العمراني بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن، إبراهيم عز الدين، إلى أن مصر شهدت خلال السنوات العشر الأخيرة توسعًا في مشروعات التنمية العمرانية، صاحبته سياسات فرض السيطرة واستخدام القوة، حيث تزايدت عمليات إخلاء المساكن بالإكراه وطرد سكان الأحياء الفقيرة، بعضهم تم تغريبه عن منطقته، وآخرون لم يجدوا مأوى.
وتُبين الدراسة، الصادرة في أغسطس الماضي، أن آلاف حالات الإخلاء القسري التي قامت بها الحكومة شملت ضاحية الجميل بمحافظة بورسعيد، حيث أُخرج الناس بأمر، دون تعويضات، لصالح مستثمر خليجي، بالتزامن مع إخلاء منطقة مشروع مدينة رأس الحكمة بالقوة مقابل تعويضات زهيدة للأهالي عن مساكنهم وبيوتهم ومزارعهم.
وترصد الدراسة إخلاء ما يقرب من 57 ألفًا و343 وحدة سكنية يقطنها 2.8 مليون نسمة بمحافظتي القاهرة والجيزة خلال الفترة من 2018 إلى 2022، لاستغلال قيمة الأرض بالمواقع الحيوية في مشروعات استثمارية، مشيرًا إلى نقل سكان منطقتي نزلة السمان بالجيزة، ومدابغ عين الصيرة جنوب القاهرة، في مدة تتراوح بين 14 إلى 30 يوماً فقط.
كما يذكر التقرير، نقلاً عن منظمة هيومن رايتس ووتش، إجلاء السلطات سكان مدينة رفح وهدم 3 آلاف و255 منزلاً على الأقل خلال 48 ساعة في الفترة من 2013 إلى 2015، دون توفير بدائل لهم، بالمخالفة للدستور الذي يحظر التهجير القسري والقوانين التي تحدد آليات التفاوض والتعويض المالي والاجتماعي.
وتدفع الإجراءات الحكومية كثيرًا من الناس إلى تفضيل الحياة داخل العشوائيات والمناطق المهددة بالهدم على الانتقال إلى المناطق البديلة، التي يشعرون فيها بالاغتراب وبكثرة الأعباء المالية وندرة الوظائف.
وتمثّل العشوائيات خطرًا كبيرًا على النشء الجديد، إذ تنتشر فيها الجريمة والفقر والأمراض، ما يؤدي إلى انحراف الأطفال والشباب.