في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة اليى تعيشها مصر في زمن الانقلاب تزايدت أعداد الفقراء بصورة غير مسبوقة، وفي نفس الوقت ومع انهيار مستوى المعيشة لم يعد بإمكان فئات كثيرة في المجتمع تقديم تبرعات للأعمال الخيرية كما كان في السابق؛ لأن هذه الفئات لم تعد تستطيع تلبية احتياجاتها الأساسية بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار .
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك كشفت الكثير من الجمعيات الخيرية والعاملين في المجال الخيري أنهم لم يعد بإمكانهم إعداد شنطة رمضان ولا تقديم أي مساعدات للأسر الفقيرة، بسبب تراجع التبرعات بصورة كبيرة مع زيادة أعداد الفقراء والمحتاجين .
وأكد العاملون في المجال الخيري أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد انعكست على تراجع حجم التبرعات، وارتفاع تكاليف الخدمة، وصعوبة توفير الاحتياجات الأساسية للأسر الفقيرة، موضحين أن هذه العوامل جعلت الجمعيات الخيرية تحت ضغط، ووضعت الفقراء في مأزق كبير .
وقالوا: إن “شهر رمضان على الأبواب والذي كانت تنشط فيه أعمال الخير، لكن الكثير من الجمعيات تشكو من تراجع التبرعات نتيجة تزايد الأعباء المالية على الأفراد بسبب ارتفاع الأسعار، وصعوبة الظروف المعيشية”.
وأشار العاملون في المجال الخيري إلى أن الجمعيات تواجه مأزقا كبيرا، مؤكدين أن الجمعيات بجانب التراجع في التبرعات تواجه أزمة إضافية تتمثل في ارتفاع تكاليف الخدمات التى تقدمها ، حيث إن زيادة الأسعار في مختلف القطاعات، من الطعام إلى الأدوية، تجعل الجمعيات أمام تحد كبير لتقديم نفس مستوى الدعم الذي كانت تقدمه في السنوات الماضية.
تراجع التبرعات
حول هذه الأزمة قال أيمن الكرفي مسئول بإحدى الجمعيات الخيرية: إن “الجمعيات تواجه تحديات كبيرة في الفترة الحالية، بسبب العديد من العوامل التي تؤثر على قدرتها في دعم الفئات الأكثر احتياجًا”.
وأوضح الكرفي في تصريحات صحفية أن من أبرز الأسباب التي تسببت في تدهور الوضع وهي قلة الموارد المالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نمر بها، مشيرا إلى أن نسبة الأشخاص الأكثر احتياجًا زادت بشكل ملحوظ، الأمر الذي ضاعف الأعباء على الجمعيات.
وأضاف، أن التبرعات التي كانت تصل من المتبرعين بشكل منتظم شهدت تراجعًا كبيرًا، خاصة من الذين كانوا يساهمون بمبالغ بسيطة، مما أدى إلى نقص حاد في الموارد المالية .
وأوضح الكرفي أن الجمعيات أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التواصل مع المتبرعين عبر الهاتف لمحاولة تحفيزهم على العودة للتبرع، وهو ما يمثل تحديًا جديدًا في ظل ضغوط الحياة التي يمر بها الجميع.
وأكد أن الضغط على الجمعيات أصبح غير مسبوق، لافتا إلى أن زيادة عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم يتطلب المزيد من التبرعات والموارد، ولكن مع تراجع التبرعات، تواجه الجمعيات صعوبة في تلبية احتياجاتهم
وطالب الكرفي بضرورة تكاتف المجتمع والمساهمة الفعالة من قبل الأفراد والمؤسسات لضمان استمرار العمل الخيري وتقديم الدعم للمحتاجين في ظل هذه الظروف الصعبة.
محدودية المخزون
وقال أحمد عبد العليم مسؤول بإحدى الجمعيات الخيرية بالقاهرة: إن “أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير، وهذا أثر في القدرة على تغطية متطلبات الأسر المحتاجة، حتى الأدوات الطبية التي نقدمها للمحتاجين أصبحت عالية السعر”.
وأوضح عبد العليم في تصريحات صحفية أن الجمعيات تواجه تحديًا إضافيًا يتمثل في محدودية المخزون المتاح لديها من المساعدات، مؤكدا أنه مع تناقص التبرعات، يصبح من الصعب شراء الكميات الكافية لتلبية احتياجات المستفيدين وأدى ذلك إلى تقليص حجم المساعدات المقدمة .
وأشار إلى أن هذه الأوضاع دفعت إلى تقليص المساعدات فبدلًا من تقديم سلة غذائية متكاملة تحتوي على مواد متنوعة، قد يتلقى المستفيدون كرتونة تحتوي على بعض السلع الأساسية فقط، مما يقلل من فعالية الدعم المقدم لهم.
بيئة متوترة
وقالت لمياء إحدى المتطوعات بالجمعيات الخيرية التي تسهم في تجهيز العرائس: “الوضع أصبح مختلفا هذا العام تمامًا عن السنوات الماضية، فلم يعد الكثير من الناس قادرين على التبرع كما كان في السابق، فالجميع يعاني من ضيق الحال “.
وأضافت لمياء في تصريحات صحفية : في السنوات الماضية كان لدينا ميزانية ثابتة، وكان لدينا أمل في تلبية احتياجات أكبر عدد من الأسر، أما الآن فقد أصبحنا نختار بين الأسر الأكثر احتياجًا – وهو اختيار صعب- ونضطر أحيانًا إلى إخبار البعض أننا لا نستطيع مساعدتهم هذا الشهر .
وأكدت أن المشاكل لم تقتصر على الأوضاع المالية فقط، بل امتدت إلى الجانب الإداري والنفسي أيضا، فالكثير من العاملين والمتطوعين يشعرون بالضغط النفسي نتيجة للعمل في بيئة متوترة، حيث يتوجب علينا تقديم حلول عاجلة ومؤقتة لتلبية احتياجات الفئات المستحقة، مع قلة الموارد المتاحة.
ظروف صعبة
وكشف أحمد عبدالله أحد المتطوعين أن العديد من الجمعيات الخيرية في الفترة الأخيرة تشهد تراجعًا كبيرًا في التبرعات، مما أدى إلى توقف علاج بعض الحالات وتأخر صرف الرواتب الشهرية.
وقال عبدالله في تصريحات صحفية : “يعود هذا الوضع المؤسف إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها أغلب الناس، ومع ذلك وفي ظل هذه الضغوط، التبرعات لا تقتصر على مساعدات مالية للأسر المحتاجة لتغطية احتياجاتها الأساسية فقط، بل تعينها على الحفاظ على كرامتها وتمنع تعرضها للضغوط الاجتماعية الناتجة عن انقطاع الدعم” .
وأضاف : يمكن لكل فرد تنزيل تطبيقات مثل «فودافون كاش» أو «اتصالات كاش» للتبرع ويساهم بما يستطيع حتى ولو بمبلغ صغير مثل 10 جنيهات، فهذا المبلغ قد يكون له تأثير كبير في هذه الحالات، مؤكدا أن هذه الطريقة تعتبر أكثر أمانًا وفعالية من التبرع للأشخاص في الشوارع، الذين قد لا يكونون في حاجة فعلية للصدقة.