ابتزاز جديد أم إصلاح ضريبي .ما المقصود ب “ضريبة موحدة” على صافي أرباح الشركات ؟

- ‎فيتقارير

 

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية، أعلن المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، عن إقرار "ضريبة موحدة" على صافي أرباح الشركات بدلًا من عشرات الرسوم المتفرقة التي كانت مفروضة عليها. الخطوة، التي رُوّج لها على أنها تبسيط للإجراءات وتحقيق للشفافية، يراها خبراء محاولة جديدة من النظام لتحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال من جيوب المواطنين والشركات، في وقت يمر فيه الاقتصاد المصري بأزمة خانقة.

 

ما المقصود بالضريبة الموحدة؟

بحسب ما أوضحه الدكتور نبيل عبد الرؤوف إبراهيم، أستاذ المحاسبة والضرائب، فإن "الضريبة الموحدة" تعني دمج الرسوم العديدة التي تُحصّل من الشركات في ضريبة واحدة تُفرض على صافي أرباحها.

 لكن تلك الرسوم ليست بسيطة كما يُروج لها، بل تشمل قائمة طويلة من الالتزامات التي ترفع العبء الضريبي الفعلي إلى نحو 37% من أرباح الشركات، أي ما يفوق بكثير المعدلات الرسمية لضريبة الدخل.

 

عشرات الرسوم التي أثقلت كاهل الشركات

وتشمل هذه الرسوم – وفق عبد الرؤوف – كلًا من: رسوم تجديد السجل التجاري والصناعي، رسوم هيئة التنمية الصناعية، رسوم الترخيص في الأحياء والوحدات المحلية، رسوم البطاقة الاستيرادية، رسوم الوكالة الأجنبية، الحماية المدنية، تجديد تراخيص السيارات، الجودة الصناعية، اشتراكات التأمينات الاجتماعية، رسوم مكتب العمل، الدمغة البنكية، توسعات النشاط، والمرافق، وغير ذلك من التكاليف التي تتراكم سنويًا.

 

هل توحيد الرسوم يخفف العبء أم يعيد توزيعه؟

يرى بعض الخبراء أن توحيد هذه الرسوم تحت مظلة "ضريبة موحدة" قد يسهم نظريًا في تبسيط النظام الضريبي، لكن الواقع العملي أكثر تعقيدًا. فبحسب أحمد الإمام، خبير دراسات الجدوى، فإن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في عدد الرسوم، بل في ارتفاع المعدل الفعلي للضريبة مقارنة بالنسب الرسمية، ما يجعل مصر غير تنافسية في جذب الاستثمارات الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل التسهيلات التي تقدمها دول مثل السعودية.

 

أما بدوي إبراهيم، خبير الضرائب، فيؤكد أن تطبيق الضريبة الموحدة أمر بالغ الصعوبة، لأن الرسوم الحالية تختلف من قطاع إلى آخر ومن نشاط إلى آخر، ما يجعل من المستحيل تقريبًا إيجاد صيغة عادلة وموحدة تطبق على الجميع.

 

خبير اقتصادي: خطوة ارتجالية تزيد من عزوف المستثمرين

ويرى الخبير الاقتصادي د. حسام الغمري، أن ما وصفه النظام بـ"الضريبة الموحدة" لا يعدو كونه محاولة أخرى لابتزاز المستثمرين المحليين بعد أن نضبت فرص تحصيل الأموال من المواطن العادي. ويضيف في تصريحات صحفية:

 

"بدلًا من التفكير في تخفيض الأعباء وتحفيز الاقتصاد، يصر النظام على فرض مزيد من الضرائب غير المباشرة التي تطرد الاستثمارات وتزيد من حالة الركود… نحن أمام حكومة ترى في المستثمر ‘خزنة متحركة’، لا شريكًا في التنمية."

 

أين المشكلة الحقيقية؟

المفارقة، بحسب أحمد الإمام، أن النظام لم يلتفت بعد إلى التفاوت الهائل بين القطاعين الرسمي وغير الرسمي، حيث يتحمل الأول عبئًا ضريبيًا ضخمًا، بينما يظل الثاني خارج مظلة الضرائب تمامًا، ما يخل بمبدأ العدالة ويضعف قدرة الدولة على التخطيط المالي السليم.

 

ضغوط على الشركات… وصمت حكومي

ورغم إعلان وزارة المالية  بحكومة الانقلاب في وقت سابق عن "حوافز ضريبية" لزيادة الإيرادات، فإن البيانات الرسمية تُظهر أن الجزء الأكبر من الزيادة تحقق بعد تحييد إيرادات قناة السويس المتراجعة، ما يعني أن الشركات والمواطنين وحدهم هم من يدفعون ثمن الأزمة الاقتصادية، في ظل هيمنة اقتصاد غير رسمي يصعب ضبطه.