في ظل تراجع غير مسبوق للملف الحقوقي في مصر منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشهيد محمد مرسى أول رئيس مدنى منتخب في تاريخ البلاد ، ومع توثيق اعتقال أكثر من 70 ألف مواطن، حذّرت 16 منظمة حقوقية دولية ومصرية من إدراج مصر ضمن قائمة "دول المنشأ الآمنة"، معتبرة أن هذه الخطوة تعرض حياة طالبي اللجوء المصريين للخطر، وتناقض التزامات الاتحاد الأوروبي بمبادئ حقوق الإنسان.
تحذيرات حقوقية من تصنيف يتجاهل الواقع القمعي
أعربت المنظمات، في بيان مشترك صدر بالتزامن مع إعلان المفوضية الأوروبية مقترحها يوم 16 أبريل/نيسان الجاري، عن قلقها البالغ من تصنيف مصر "دولة منشأ آمنة". واعتبرت أن القرار يسرّع في البت بطلبات اللجوء المقدمة من المصريين مع زيادة احتمالات الرفض دون تقييم فردي دقيق، بما يخالف القانون الدولي ويقوض مصداقية نظام اللجوء الأوروبي.
تجاهل التقارير الأممية والدولية
رغم إقرار المفوضية الأوروبية بوجود تحديات حقوقية في مصر، فإنها اعتبرت – بشكل وصفه البيان بأنه "يثير التساؤل" – أن هذه الانتهاكات لا ترقى إلى حد الاضطهاد أو الضرر الجسيم، اعتمادًا على تفسير خاص للمادتين 9 و15 من لائحة التأهيل الأوروبية رقم 2024/1347.
ووصفت المنظمات هذا التقييم بأنه "تجاهل صارخ" لما وثقته هيئات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني المستقلة من انتهاكات جسيمة.
قمع مستمر رغم مبادرات شكلية
أكد البيان أن الانتهاكات الحقوقية في مصر تشمل القيود المشددة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، واضطهاد النشطاء والمعارضين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن هذه الانتهاكات دانتها الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومنظمات دولية عدة.
كما شدد على أن مبادرات مثل "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" و"الحوار الوطني"، التي طرحتها السلطات المصرية، لم تؤد إلى أي تحسن ملموس، بل ظل القمع مستمرًا مع غياب استقلال القضاء وتصاعد الاعتقالات التعسفية.
انتهاكات تطال طالبي اللجوء
انتقدت المنظمات بشدة قانون اللجوء المصري الجديد، الذي جاء دون مشاورات مجتمعية فعلية، ويفرض قيودًا تعسفية ويجرم الدخول غير النظامي، دون تقديم ضمانات كافية تحمي من الإعادة القسرية. واستشهد البيان بحالات اعتقال وترحيل طالت مؤخرًا مواطنين من الإيغور والسودان وإريتريا.
مطالب بإلغاء التصنيف وإجراء تقييم مستقل
طالبت المنظمات مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي برفض اقتراح المفوضية الأوروبية بتعديل اللائحة (EU 2024/1348)، داعية إلى إجراء تقييم موضوعي ومستقل لوضع حقوق الإنسان في مصر، استنادًا إلى تقارير الأمم المتحدة وآليات المجتمع المدني المستقل.
كما شددت على ضرورة احترام حق طالبي اللجوء المصريين في الحصول على إجراءات لجوء عادلة وفردية، وإنشاء آليات مشاورات دائمة مع هيئات حقوق الإنسان الأممية قبل اتخاذ أي قرار بشأن تصنيفات دول المنشأ الآمنة.
دعوات لضمان الرقابة والشفافية
دعت المنظمات إلى اعتماد آلية منتظمة لإعادة تقييم تصنيفات "الدول الآمنة"، تضمن رقابة برلمانية مبنية على تقارير حقوقية محدثة، وتعزيز الشفافية عبر إشراك المجتمع المدني ووسائل الإعلام في مراقبة تبعات هذه السياسات.
المنظمات الموقعة
وقعت البيان منظمات بارزة بينها: أنخ (ANKH)، إيجيبت وايد لحقوق الإنسان، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمات إقليمية ودولية أخرى.
تغاضي أوروبي عن الانتهاكات المصرية
تأتي هذه التحذيرات وسط اتهامات متزايدة لسياسات الاتحاد الأوروبي بالتغاضي عن الانتهاكات الجسيمة في مصر، حيث سبق لـ16 منظمة حقوقية أن طالبت، في يونيو/حزيران الماضي، الاتحاد الأوروبي بربط مساعداته لمصر باحترام حقوق الإنسان.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وثقت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" في تقرير مقدم لمجلس حقوق الإنسان بجنيف 35 انتهاكًا خطيرًا، شملت ممارسات التعذيب في السجون، الاعتقالات الجماعية، التمييز الديني، وغياب المساواة بين الجنسين.
