في خطوة أثارت جدلًا واسعًا حول الدوافع السياسية والاقتصادية الكامنة خلفها، أعلن وزير الإسكان في حكومة المنقلب عبد الفتاح السيسي، شريف الشربيني، أن الحكومة بصدد إخلاء نحو 2.5 مليون وحدة سكنية خاضعة لقانون الإيجارات القديمة خلال مدة أقصاها خمس سنوات، بدعوى "تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر"، مع التعهد بتوفير سكن بديل لمن يتم إخلاؤهم.
ضغط لإخلاء وسط البلد: وجهة المستثمرين والأنظار
ويرى مراقبون أن الخطة الحكومية تتجاوز البعد التشريعي إلى إعادة هيكلة ملكية العقارات في قلب القاهرة، وتحديدًا منطقة وسط البلد، التي أصبحت محط أنظار جهات استثمارية خليجية، بالإضافة إلى اهتمام خاص من جهات يهودية تسعى لاستعادة أملاك قديمة في المنطقة قبل هجرتهم إلى إسرائيل.
وتأتي هذه التحركات في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمر بها البلاد، يبحث فيها النظام عن أي فرصة لتحصيل عملة صعبة، حتى ولو كان الثمن تفكيك النسيج العمراني والاجتماعي لتلك المناطق التاريخية.
"الأسمرات" بديل عن "الزمالك" و"وسط البلد"
أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، فى برلمان الانقلاب أعرب عن مخاوفه من أن تنقل الحكومة سكان أحياء راقية مثل الزمالك والمهندسين إلى مناطق مثل الأسمرات، في إطار ما تسميه "السكن البديل"، مما يعني فعليًا إخلاء تلك الأحياء لصالح مستثمرين جدد.
مشروع قانون مثير للجدل
القانون المقترح يضاعف القيمة الإيجارية للوحدات القديمة 20 مرة دفعة واحدة، مع زيادتها سنويًا بنسبة 15%، على ألا تقل عن ألف جنيه شهريًا في المدن، و500 جنيه في القرى، ويُلزم المستأجر بإخلاء الوحدة خلال خمس سنوات. وفي حال الرفض، يمكن للمالك اللجوء للقضاء لإصدار أمر بالطرد.
خلفية دستورية مشروطة
وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت حكمًا بعدم دستورية بعض فقرات قانون الإيجارات القديم، لكنها منحت البرلمان مهلة حتى يوليو 2025 لتقنين الوضع، دون أن تطالب صراحة بالإخلاء، بل بإعادة النظر في القيمة الإيجارية.
مخاوف من "البيع بالقطعة"
وسط صمت حكومي مريب، يتزايد الحديث عن مساعٍ لإعادة بيع عقارات وسط البلد التاريخية، أو استغلالها ضمن مشروعات استثمارية وسياحية بالشراكة مع جهات خليجية أو دولية صهيونية ، في وقت تُثار فيه تساؤلات حول دور أطراف يهودية تمتلك وثائق قديمة تزعم ملكيتها لعقارات في شارع فؤاد وقصر النيل والموسكي وغيرها.
وبينما تُقدَّم المسألة على أنها "تحرير للسوق"، يرى منتقدو النظام أن الهدف الحقيقي هو تصفية إرث اجتماعي وثقافي مقابل حفنة دولارات، في ظل تجاهل شبه تام لاحتياجات الطبقات المتوسطة والفقيرة التي تسكن تلك الوحدات منذ عقود.
