مع اقتراب موعد المراجعة الخامسة للاقتصاد المصرى ووصول بعثة صندوق النقد الدولي الى القاهرة تسابق حكومة الانقلاب الزمن لطرح الكثير من اصول الدولة المصرية من مستشفيات وموانىء ومطارات وشركات أدوية ومصانع أسمدة وبيعها بزعم تنشيط ودعم القطاع الخاص فى حين أن الهدف الأساسى هو الحصول على مزيد من القروض من الصندوق وتمديد سداد الديون التى أغرقت فيها عصابة العسكر البلاد.
كان صندوق النقد الدولى قد أعلن في أغسطس الماضي، عن توجّه حكومة الانقلاب لبيع 4 أصول بالعام المالي الحالي الذي ينتهي يونيو المقبل، بنحو 3.6 مليار دولار، فيما باعت بالسنة المالية السابقة أصولا حكومية بـ2.2 مليار دولار.
مستشفيات الحكومة
يُشار إلى إنّ صناديق استثمار سعودية وإماراتية وكويتية وقطرية، وصندوق لدولة أجنبية، تتفاوض لشراء حصص استراتيجية بمستشفيات حكومية وشركات أدوية طُرحت مؤخرا فيما يصل متوسط كل صفقة ملياري جنيه.
ويأتي منح امتياز إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية لمستثمرين مصريين وأجانب بين 3 وحتى 15 عاما، إثر قانون جرى إقراره في مايو 2024، رغم اعتراض نقابة الأطباء، وسط مخاوف من تأثر الخدمة الصحية وزيادة تكلفتها على المواطن وحرمان الفقراء منها، خاصة مع ما تعانيه المنظومة من ضعف وأزمات.
وخلال السنوات الماضية، باعت العصابة العديد من الأصول الصحية والطبية والعلاجية ومعامل التحاليل ومراكز الأشعة، حيث استحوذت "أبراج كابيتال" الإماراتية على مستشفيات: "كليوباترا" و"القاهرة التخصصي" و"النيل بدراوي"، ومعامل "البرج" و"المختبر" الشهيرين.
أيضا، استحوذت "علاج الطبية" السعودية، على 9 مستشفيات منها "الإسكندرية الدولي"، و"ابن سينا"، و"الأمل والعروبة"، ومعامل "كايرو لاب"، ومراكز "تكنو سكان" للأشعة.
المطارات المصرية
فى هذا السياق زعم محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس وزراء الانقلاب أن حكومة الانقلاب تواصل جهودها لتطوير البنية التحتية للمطارات ورفع كفاءتها التشغيلية، من خلال الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والدولي، في خطوة تهدف إلى تعزيز تجربة السائح وتقديم خدمات أكثر احترافية وفقًا للمعايير العالمية وفق تعبيره.
واعترف "الحمصاني" فى تصريحات صحفية، بأن وزارة الطيران المدني بحكومة الانقلاب تعاقدت مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، لإجراء دراسة متكاملة تتعلق بآليات طرح المطارات المصرية للقطاع الخاص، وتحديد أنسب الأساليب الزمنية والتنظيمية لتنفيذ هذه الخطوة.
وأشار إلى أن التوجه العام يشمل جميع المطارات المصرية دون استثناء، ما عدا مطار القاهرة الدولي الذي سيتم طرحه ضمن إطار مستقل؛ نظرًا لطبيعته الخاصة.
كما زعم "الحمصاني" أن إشراك شركات إدارة عالمية سيساهم في إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات، وسيمكن مصر من التنافس إقليميًا في قطاع الطيران والسياحة، مشيرًا إلى أن حكومة الانقلاب تعتزم تنفيذ الطرح على مراحل متتالية لضمان نجاح التجربة وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والجذب الاستثماري بحسب تصريحاته.
وشدد على أن هذه الخطوات تأتي في إطار استراتيجية دولة العسكر لتعزيز دور القطاع الخاص، ودعم الاستثمار في البنية التحتية، وتحقيق التنمية المستدامة، بما يواكب رؤية مصر 2030 لجعل المطارات المصرية نموذجًا متطورًا يُحتذى به في المنطقة وفق تعبيره.
جثة هامدة
فى المقابل أكد الخبير الاقتصادي علاء الدين سعفان أن مراجعات صندوق النقد لن تتوقف ولن يترك الصندوق مصر إلا جثة هامدة؛ مشيرا إلى أن هناك موجة جديدة لن تكون الأخيرة من طروحات وبيع الأصول المنتجة والمربحة من جسد مصر الاقتصادي .
وتوقع سعفان فى تصريحات صحفية أن تكون تلك الصفقات لعيال زايد فى الإمارات ومن وراءهم من عجم، ولباقي دول الخليج التي اشترت مصر كلها في صفقة استحواذ بالتزامن مع آخر الانقلابات الأمريكية في عام 2013، كانت دفعتها المقدمة نحو 300 مليار دولار أمريكي سُددت على أقساط لعشرات الشخصيات من ورثة الأسرة العلوية التي كانت تمتلك مصر قبل الانقلاب الأمريكي الأول في عام 1952، دونما أي استفادة للخزانة المصرية أو للاجئين المصريين فيما تبقى من مصر .
وأعرب عن أسفه من أنه ليس أمام عصابة العسكر الآن إلا الاستمرار في طرح ما تبقى من الشركات العامة والأصول الحكومية إلى جانب المستشفيات وشركات الأدوية والأراضي الاستراتيجية .
وأكد سعفان أن هذا الموقف الذى وضعت فيه عصابة العسكر البلاد أدخلها فى دوامة إجراء مراجعات للاقتصاد المصرى في إطار قروض لا تنتهي من صندوق النقد ما أدى إلى خنق الشعب المصري، والتضييق عليه، في معيشته وافقاده القدرة على فهم ما يحدث من حوله من تغيير هيكل ملكية مصر وأسر حريتها وكسر إرادتها وتحويلها وشعبها إلى مفعول به .
غيبوبة اقتصادية
ولفت إلى أن ذلك الوضع يجري في ظل تحولات دراماتيكية في المنطقة، افتقدت الدور المحوري المصري التاريخي لحماية الأمة ومقدساتها، وكأنه قد تم محوها عن خريطة المنطقة، مؤكدا أن غالبية الشعب المصرى فقدت القدرة على متابعة ما يحدث من حولها وهى تعاني من غيبوبة اقتصادية أفقدتها الوعي وشلت حركتها وقيدت حريتها وأخرست لسانها .
وعن بيع تلك الأصول لجهات بعينها، قال سعفان : لم يعد يهم اليوم ما هي جنسية ما يسمى بـ(صناديق الاستثمار) التي تتفاوض لشراء حصص استراتيجية بالمستشفيات الحكومية وشركات الأدوية التي تم طرحها مؤخرا .
وأوضح أنّ هناك فواتير قديمة مطلوب من الشعب سدادها، وهناك خلف الغُترة والعقال طواقي سوداء صغيرة، تدعي أن لها حقوقا قديمة في مصر وتطالب باستعادتها، معربا عن أسفه لأنّ عصابة العسكر أدمنت الاقتراض غير المنضبط ، وجاء وقت التخلص من الأصول من أجل جرعات جديدة، وطالما ليس للمدمن أهل يعالجونه ويخافون عليه فلا حل في الأفق .
وعن حجم خسارة مصر من التنازل عن أصولها الاستراتيجية، شدد سعفان على أن حجم الخسارة غير قابل للقياس، وهو أثمن وأمر وأفدح بكثير من مجرد العمليات الحسابية .