في تطور عسكري خطير قد يعيد رسم خارطة الصراع في الشرق الأوسط، أعلنت إيران فجر اليوم الجمعة بدء الرد على الهجوم الإسرائيلي الواسع الذي استهدف العمق الإيراني، في عملية حملت الاسم الرمزي "الأسد الصاعد"، وأطلقت عليها طهران رسميًا اسم "الوعد الصادق 3".
ووفق ما نقلته وسائل إعلام إيرانية، فقد أطلقت إيران حوالي 800 طائرة مسيّرة وصاروخ كروز باتجاه أهداف داخل إسرائيل، في رد غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق، ما يرفع من احتمال انزلاق الوضع نحو مواجهة إقليمية مفتوحة.
ضربة قاصمة في العمق الإيراني
إسرائيل من جهتها كانت قد شنت، في ساعات الفجر الأولى، سلسلة غارات جوية هي الأعنف منذ سنوات، مستهدفة أكثر من 350 موقعًا في إيران ضمن خمس موجات متتالية من الهجمات، شملت منشآت عسكرية ونووية حساسة، بحسب المصادر الإسرائيلية.
وقد أسفرت الضربات عن مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين البارزين، من بينهم:
اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني.
اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة.
اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء".
العالم النووي مهدي طهرانجي.
فريدون عباسي، أحد أبرز العلماء النوويين.
أحمد رضا ذو الفقاري، أستاذ الهندسة النووية.
الأميرال علي خشماني، مستشار المرشد الأعلى ورئيس المجلس القومي.
الحرس الثوري نعى اللواء سلامي، واصفًا إياه بأنه "رجل الجهاد العلمي والعسكري والأمني"، بينما شدد المرشد الأعلى علي خامنئي على أن "القيادة لن تُكسر، والمقاومة ستتواصل"، معلنًا أن خلفاء القادة الذين سقطوا بدأوا مهامهم فورًا.
ما وراء التصعيد؟
الهجوم الإسرائيلي جاء في أعقاب تقارير تحدثت عن نشاطات إيرانية متزايدة في الملف النووي والصاروخي، و"تحركات عدائية في الإقليم"، وفق رواية تل أبيب، التي تبدو أنها اختارت تنفيذ هجوم استباقي واسع النطاق لضرب ما تصفه بـ"التهديدات الوجودية".
في المقابل، يضع المراقبون هذا الهجوم في إطار محاولة فرض قواعد اشتباك جديدة في المنطقة، بعد أن تجاوزت إسرائيل خطوطًا حمراء لطالما هددت بها طهران.
الرد الإيراني بهذه الكثافة و"الاحتراف الناري" ـ على حد وصف وكالة تسنيم ـ يُظهر تحولًا في عقيدة الردع الإيرانية، التي انتقلت من التحذير إلى التنفيذ المباشر، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل التوازنات العسكرية في المنطقة.
من يملك اليد العليا؟ مقارنة قدرات الجيشين
وفق تصنيف "غلوبال فاير باور" لعام 2025:
المعيار إيران إسرائيل
التصنيف العالمي 16 15
عدد السكان 88 مليونًا 9.4 ملايين
عدد الجنود (الإجمالي) 960 ألفًا 635 ألفًا
عدد الجنود الفاعلين 610 آلاف 170 ألفًا
الاحتياط 350 ألفًا 465 ألفًا
الطائرات الحربية 551 611
الطائرات المقاتلة 186 240
المطارات الصالحة 319 42
القوة البحرية 107 قطع 62 قطعة
الغواصات 25 5
الدبابات 1713 1300
المدرعات 65,825 35,985
ميزانية الدفاع 15.45 مليار دولار 30.5 مليار دولار
ورغم التفوق العددي الإيراني في بعض الجوانب، إلا أن إسرائيل تتفوق تقنيًا وتكنولوجيًا، إذ تعتمد على منظومات متطورة مثل "القبة الحديدية" و"السهم"، ومقاتلات الجيل الخامس، بدعم أمريكي مباشر ومستمر.
التوازن الهش: ما احتمالات الحرب الشاملة؟
الهجمات المتبادلة تنذر بخطر حرب إقليمية شاملة، خاصة أن مسرح العمليات يتسع تدريجيًا ليشمل أطرافًا أخرى في الإقليم. لكن رغم التصعيد، يرى مراقبون أن الطرفين قد يسعيان إلى احتواء الموقف دون الدخول في مواجهة مفتوحة، لأسباب تتعلق بالتكلفة السياسية والاقتصادية والعسكرية لمثل هذا السيناريو.
ومع ذلك، تبقى الترسانة الصاروخية الإيرانية، وانتشار وكلائها في المنطقة، مصدر قلق دائم لتل أبيب، في وقت تعول فيه الأخيرة على دعم أمريكي وأوروبي لتحييد التهديد الإيراني.
خلاصة
الرسالة التي أرادت طهران إيصالها من خلال "الوعد الصادق 3" تبدو واضحة: الرد سيكون مكلفًا، ولن يمر أي استهداف للقيادات والعلماء بدون عقاب. أما إسرائيل، فتبدو عازمة على مواصلة "المعركة بين الحروب"، ولو تطلب الأمر المغامرة بضربات استباقية في العمق الإيراني.
لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل ما يحدث هو إعادة تموضع لقواعد الردع التقليدية؟ أم أننا أمام إرهاصات مواجهة كبرى في الشرق الأوسط؟