اقتصاد هشٌّ وحكومة عاجزة: التداعيات الثقيلة للحرب الإسرائيلية-الإيرانية على مصر

- ‎فيتقارير

 

مع تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، تكشّفت من جديد هشاشة الاقتصاد المصري تحت إدارة حكومة  المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، التي باتت عاجزة عن حماية الأسواق من الارتباك والتقلبات، ففي ظل غياب رؤية اقتصادية واضحة، وانكشاف الاقتصاد على أزمات خارجية، جاءت الحرب الإقليمية لتزيد الطين بلة، وتسلّط الضوء على فشل المنظومة الاقتصادية الرسمية في الصمود أمام الأزمات الطارئة.

 

في مشهد يعكس هذا الضعف، سجلت مؤشرات البورصة المصرية تراجعاً ملحوظاً، إذ خسر مؤشر EGX30 أكثر من 1.3% من قيمته، ليغلق عند نحو 30,725 نقطة، متأثراً بموجة بيع واسعة من المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء. وتزامن ذلك مع ضغوط إضافية على الجنيه المصري، حيث ثبت سعر الدولار في السوق الرسمية عند نحو 50.08 جنيهًا للشراء، لكنه تجاوز 50.50 جنيهًا في السوق الموازية، في ظل طلب متزايد على العملات الصعبة والذهب، ما يعكس تنامي المخاوف من انفلات اقتصادي أوسع.

 

ورغم إعلان الحكومة عن تشكيل لجنة أزمة لمتابعة تداعيات التصعيد العسكري، وصف خبراء الخطوة بأنها "متأخرة وغير كافية"، بالنظر إلى طبيعة التهديدات وتعقيدات الأزمة. وأشار محمد سعده، السكرتير العام للاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أهمية التحرك الحكومي، لكنه أقر ضمنيًا بحجم القلق داخل أروقة الدولة، قائلاً إن السوق في حالة ترقب و"المخزون الاستراتيجي هو خط الدفاع الأخير".

 

في تحليل أوضح، اعتبر أحمد زكي، أمين شعبة المصدرين، أن الأزمة الراهنة قد تكون لها تداعيات مزدوجة: أولاً بارتفاع أسعار الطاقة بسبب اضطراب إمدادات النفط، وثانيًا بفتح بعض الفرص التصديرية إذا أحسنت الحكومة إدارتها. إلا أنه حذر من غياب خطط واضحة لتقليل الاعتماد على أسواق غير مستقرة، مشيرًا إلى أن مصر حتى الآن لم تستثمر بما يكفي في بدائل الطاقة أو التصنيع المحلي، ما يجعلها عرضة للارتدادات العالمية.

 

أما في قطاع النقل، الذي يُعد شريانًا حيويًا لأي اقتصاد، أكد عمرو السمدوني، سكرتير شعبة النقل الدولي، أن الوضع لا يزال مستقراً من حيث الأسعار، لكن الأفق ملبد بالغيوم. فاستمرار التوتر أو اتساع رقعة المواجهة ليشمل مضيق هرمز أو منشآت نفطية سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، ما ينعكس مباشرة على الأسعار في السوق المحلي.

 

تحليل اقتصادي: هشاشة هيكلية وغياب استباقية

 

يرى خبراء الاقتصاد أن ما تشهده مصر الآن هو نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية قائمة على الاقتراض والجباية وغياب الإنتاج الحقيقي، فضلاً عن إغلاق آلاف المصانع وتحول الاقتصاد إلى بيئة طاردة للاستثمار، ويؤكد محللون أن حكومة السيسي لم تُعِدّ نفسها لأية صدمة خارجية، وأن اعتمادها المفرط على القروض والمساعدات الخارجية، بدلاً من دعم القطاعات الإنتاجية والزراعية والصناعية، ترك البلاد مكشوفة أمام أي ارتباك في الأسواق العالمية.

 

وتشير التقديرات إلى أن استمرار الحرب أو اتساعها نحو الخليج قد يدفع أسعار الطاقة للارتفاع بما يضغط على ميزان المدفوعات المصري، ويؤدي إلى مزيد من تآكل الاحتياطي النقدي، ورفع أسعار النقل والطاقة محلياً، ما يفاقم أزمة التضخم ويزيد العبء على المواطنين.

 

نظام لا يملك أدوات المواجهة

 

في المحصلة، تبدو مصر مرة أخرى ضحية لسياسات اقتصادية فاشلة، لا تمتلك أدوات التكيف أو المواجهة في ظل الأزمات الدولية، وبينما تقف الحكومة في موقف المتفرج أو المتأخر في التعامل مع الأزمة، يدفع المواطن المصري الثمن، وسط تضخم مرتفع، وجنيه يتهاوى، وأسواق تترنح، واقتصاد بلا رؤية إنتاجية أو استراتيجية إنقاذ حقيقية.