الغضب الشعبي يتصاعد.. حرائق الاتصالات والكهرباء بين هشاشة البنية التحتيةوصراع الأجنحة بنظام السيسي؟

- ‎فيتقارير

 

لم تعد موجة الحرائق التي تضرب مرافق حيوية في مصر، من سنترال رمسيس "العقل التكنولوجي للبلاد" إلى محطات الكهرباء في العاشر من رمضان والإسكندرية، مجرد حوادث عرضية أو نتيجة حرارة الصيف كما تزعم البيانات الرسمية. هذه الكوارث المتكررة تفتح الباب واسعًا أمام أسئلة أكثر عمقًا: هل نحن أمام إهمال إداري مزمن؟ أم فساد متجذر يلتهم البنية التحتية؟ أم أن هناك خطة مدبرة من داخل السلطة نفسها لإزاحة رأس النظام عبر تفجير الغضب الشعبي؟

 

في أسبوعين فقط، التهمت النيران مرافق الاتصالات وأهم سنترالات البلاد، وأحرقت محطات محولات وشبكات توزيع كهرباء، مخلفة وراءها خسائر بالمليارات وحالة ذعر مجتمعي متصاعدة، خصوصًا مع وصول معدلات استهلاك الكهرباء إلى ذروتها في الصيف.

 

البنية التحتية تنهار.. أين ذهبت مئات المليارات؟

على مدار عقد كامل أنفقت حكومة الانقلاب أكثر من نصف تريليون جنيه على قطاع الكهرباء وحده، بحسب بيانات رسمية، لكن الواقع يكشف بنية تحتية مهترئة عاجزة عن الصمود أمام أي طارئ. أزمات الصيانة الدورية، نقص العمالة الفنية المدربة بعد هجرة المئات للخليج، والتقشف المالي الذي دفع لتصفية المخزون الاحتياطي للمعدات، جعلت القطاع أشبه بـ"قنبلة موقوتة".

 

وإذا كان المسؤولون يبررون الكوارث بارتفاع الأحمال وسرقة الكهرباء، فإن أرقام الجهاز المركزي للإحصاء تكذب الرواية الرسمية: أكثر من 46 ألف حريق في أنحاء البلاد عام 2024، بزيادة 3.2% عن العام السابق، نصفها تقريبًا خلال الصيف، فيما يربط خبراء الطاقة الحرائق بسوء التخطيط واعتماد شبكات الكهرباء على "نقاط ارتكاز متهالكة".

 

فساد أم تصفية حسابات داخلية؟

لكن خلف كل هذه التفاصيل الفنية، يهمس مراقبون بتساؤل أكثر خطورة: هل هذه الكوارث المتزامنة مجرد صدفة، أم جزء من صراع مكتوم داخل أجنحة السلطة؟ فمع تزايد الاحتقان الشعبي جراء سياسات اقتصادية كارثية وديون تجاوزت 165 مليار دولار، قد يسعى جناح داخل النظام لإضعاف السيسي وإظهاره بمظهر العاجز، تمهيدًا لإزاحته دون انفجار شعبي شامل.

 

الأصوات المعارضة تؤكد أن ما يحدث ليس بعيدًا عن "ألعاب القوة" التي شهدتها أنظمة مشابهة في تاريخ المنطقة، حيث تُستخدم الكوارث والاختناقات المعيشية كوسيلة لإعادة توزيع النفوذ داخل السلطة.

 

خبراء يحذرون: الفشل يهدد الدولة

هاني النقراشي، المستشار السابق للطاقة، أشار إلى تخطيط "عقيم" للشبكات أدى إلى عدم ربط وحدات سيمنز العملاقة بالشبكة الموحدة حتى الآن، بينما دعا حسام بدراوي إلى خطة طوارئ شاملة لإعادة هيكلة أنظمة الأمان في المنشآت الحيوية. لكنه حذر في الوقت نفسه من أن استمرار التراخي قد يدفع الناس للاعتقاد بأن الدولة لم تعد قادرة على حماية أبسط حقوقهم، ما يجعل الاحتجاجات القادمة أكثر عنفًا.

 

الغضب الشعبي يتصاعد.. هل ينفجر قريبًا؟

وسط كل ذلك، يجد النظام نفسه في مواجهة سيناريو خطير: شعب فقد الثقة بعد 12 عامًا من وعود لم تتحقق، وبنية تحتية تحترق أمام عينيه، وجهاز دولة عاجز عن وقف الانهيار أو حتى تفسيره بشكل مقنع. فهل هذه مجرد "حرائق صيف"، أم بداية نهاية لنظام طال بقاؤه على وقع أزمات متلاحقة؟