السيسي والديانة الإبراهيمية.. تطبيع مقنّع أم تفريط في الهوية الإسلامية؟

- ‎فيتقارير

 

في الوقت الذي يعاني فيه المصريون أزمات اقتصادية خانقة، لا يتردد نظام  المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي في التماهي مع الأجندات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، عبر انخراطه المتزايد في ما يُعرف بـ"التحالف الإبراهيمي" – المشروع الذي يهدف إلى دمج إسرائيل ضمن منظومة إقليمية أمنية واقتصادية، تدعمها واشنطن وحلفاؤها من الأنظمة المطبعة في الخليج، وعلى رأسهم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي افتتح مجمع "بيت العائلة الإبراهيمية" في قلب أبوظبي، كرمز لهذا التوجه.

 

وبينما لم تعلن القاهرة رسمياً انضمامها إلى هذا التحالف، إلا أنها شاركت في لقاءات اقتصادية وأمنية تضم إسرائيل، مثل "منتدى النقب" و"قمة شرم الشيخ الأمنية"، متذرعة بما تسميه "سياسة التوازن". لكن متابعين يرون أن هذه المشاركة الصامتة تمهد لانزلاق كامل إلى التطبيع العلني، بما يحمله من مخاطر على الهوية الدينية والأمن القومي المصري.

 

ضغوط أميركية.. وابتزاز اقتصادي

 

تكشف مصادر دبلوماسية أن إدارة ترامب تمارس ضغوطاً مباشرة على القاهرة، تربط استمرار المساعدات الاقتصادية والدعم الدولي بمدى انخراط مصر في التحالفات الإقليمية الجديدة التي تدمج إسرائيل كلاعب أساسي. ومع اقتصاد مترنح، وتضخم قياسي، وتراجع الدعم الخليجي، تجد مصر نفسها أمام خيارات ضيقة قد تدفعها للتنازل أكثر عن ثوابتها الاستراتيجية.

 

صندوق النقد الدولي، بدوره، لم تعد شروطه مالية فحسب، بل بات يربط تسهيل التمويل بوجود "مناخ إقليمي مستقر" – وهو تعبير دبلوماسي يشمل ضمنياً تقارباً أكبر مع إسرائيل، وتأييداً للمحاور التي تعمل على إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة لصالح تل أبيب.

 

“الديانة الإبراهيمية”.. مشروع ديني مضلّل؟

 

إلى جانب البعد السياسي، يثير المشروع الإبراهيمي جدلاً دينياً واسعاً. فوفق علماء الشريعة، فإن ما يُسمى "الديانة الإبراهيمية" هو بدعة تضليلية تخالف العقيدة الإسلامية، إذ جاء في القرآن الكريم: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” (آل عمران: 19). ويحذر هؤلاء من مساعي الجمع بين العقائد الثلاث في إطار واحد، معتبرين ذلك تسوية مرفوضة للعقيدة وتفريطاً بثوابت الدين.

 

تساؤلات عن موقف السيسي

 

تصريحات السيسي الأخيرة بمناسبة 30 يونيو التي قال فيها إن "السلام لا يُفرض بالقوة، ولا يتحقق بتطبيع ترفضه الشعوب"، بدت محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، لكنها تتناقض مع تحركاته الفعلية التي تشجع على إدماج إسرائيل إقليمياً.

 

السفير المصري الأسبق محمد حجازي يرى أن واشنطن تسعى لإعادة إنتاج محاولات قديمة لتمكين إسرائيل دون معالجة جوهر الصراع الفلسطيني، بينما السفير معصوم مرزوق حذر من أن الانخراط في التحالفات الإبراهيمية "لن يجلب إلا مزيداً من الهدايا المجانية للكيان الصهيوني".

 

“مصر كبيرة بالحجم.. محدودة بالدور”

 

الخبير توفيق طعمة يلخص المأزق بقوله إن أميركا تريد إبقاء مصر داخل المعادلة الإقليمية "كبيرة بالحجم لكن محدودة بالدور"، ما لم تقرر القاهرة كسر هذا القيد عبر سياسات سيادية مستقلة، وهو ما يبدو مستبعداً في ظل ارتهان النظام الحالي للاشتراطات الغربية والخليجية.

 

تساؤلات مشروعة

انخراط السيسي في مشروع التحالف الإبراهيمي، سواء كان معلناً أو ضمنياً، يمثل تهديداً لهوية مصر الإسلامية والعربية، ويثير تساؤلات مشروعة حول ثمن هذا التوجه: هل هو مجرد محاولة للبقاء في السلطة بدعم أميركي-إسرائيلي؟ أم أنه انزلاق متعمد نحو مشروع أكبر لتفكيك الثوابت الدينية والسياسية للمنطقة؟