مجاميع أقل وتنسيق أعلى! ..لماذا حوّل السيسي طلاب الثانوية العامة 2025 إلى “زبائن” للجامعات الأهلية؟

- ‎فيتقارير

 

في خطوة أثارت صدمة آلاف من طلاب الثانوية العامة وأسرهم، جاء إعلان الحد الأدنى للمرحلة الأولى من تنسيق الجامعات الحكومية لعام 2025 مفاجئًا وصادمًا، رغم الانخفاض الملحوظ في عدد الناجحين ومعدلات المجاميع مقارنة بالأعوام السابقة.

 

اللافت أن تنسيق هذا العام، وخاصة للنظام الحديث، هو الأعلى منذ عام 2023، ليطرح سؤالًا سياسيًا واقتصاديًا مشروعًا: هل أصبح التعليم في عهد المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي وسيلة للجباية وتحويل الطلاب إلى زبائن للجامعات الأهلية؟

 

مفارقة تنسيقية: مجاميع أقل وتنسيق أعلى!

رغم تقليص عدد المواد الدراسية في النظام الحديث إلى خمس فقط، وإجمالي درجات لا يتعدى 320 بدلًا من 410، ورغم انخفاض عدد الناجحين الإجمالي، إلا أن التنسيق ارتفع بشكل لافت.

فقد سجل الحد الأدنى لكليات القمة في "علمي علوم" نسبة 91.5% للنظام الحديث، بينما لم يتجاوز في النظام القديم 85.37%. وفي الشعبة الأدبية، بلغ الحد الأدنى 82.81% (حديث)، مقارنة بـ65.85% (قديم)، في قفزة غير مبررة بمقاييس التعليم وحده.

 

خطة حكومية لخلق أزمة مصطنعة؟

يرى مراقبون أن رفع الحد الأدنى للمرحلة الأولى لا يعكس العدالة، بل يكشف عن نية مبيتة لتقليل عدد المقبولين في كليات القمة الحكومية (الطب، الصيدلة، الهندسة، الإعلام، الاقتصاد، …)، وبالتالي دفع الحاصلين على مجاميع مرتفعة — الذين اجتهدوا واستحقوا أماكنهم إلى الخيار الوحيد المتاح: الجامعات الأهلية التي تشرف عليها الدولة ولكن بمصروفات تصل إلى 15 ضعف نظيرتها الحكومية.

 

الجامعات الأهلية تدخل السوق.. فمن الزبائن؟

تزامن ارتفاع التنسيق مع دخول 12 جامعة أهلية جديدة الخدمة هذا العام، موزعة بعناية على أغلب المحافظات، في ما يبدو أنه تحريك متعمد لبوصلة التعليم نحو السوق، وليس نحو الجودة أو العدالة.

الجامعات الأهلية، رغم تبعيتها للدولة، لا تقدم التعليم مجانًا ولا حتى برسوم رمزية، بل بمصروفات تصل إلى 150 ألف جنيه سنويًا في بعض التخصصات. ومع ثبات عدد مقاعد الجامعات الحكومية، يظهر واضحًا أن الحكومة تتبع سياسة تقليل العرض ورفع الطلب لتوجيه الطلاب قسرًا نحو التعليم المدفوع.

 

تعليم لمن يدفع فقط؟

الأخطر أن هذه السياسة لا تراعي الطبقات المتوسطة أو الفقيرة، حيث أن طلابًا حصلوا على مجاميع تُمكّنهم نظريًا من دخول الكليات التي حلموا بها، وجدوا أنفسهم خارج هذه الكليات بسبب ارتفاع الحد الأدنى.

في دولة السيسي، لا يكفيك أن تكون متفوقًا، بل يجب أن تكون ثريًا أيضًا. فمن لا يملك عشرات الآلاف من الجنيهات سنويًا مصيره الضياع أو القبول في كليات لا علاقة لها بتخصصه أو ميوله.

 

هل التعليم أصبح "بزنس" حكومي؟

البيانات والإجراءات ترجّح أن السيسي لا يرى التعليم كحق دستوري أو كرافعة للتنمية، بل كأداة للجباية وإعادة هندسة الطبقات الاجتماعية. وتحويل التعليم إلى قطاع ربحي تُديره الدولة عبر بوابة الجامعات الأهلية والخاصة لا يأتي من فراغ، بل في إطار مشروع أكبر لخصخصة كل شيء، وبيع الأمل نفسه مقابل المال.

 

ختامًا:

بدلًا من تطوير الجامعات الحكومية وتوسيع قدرتها الاستيعابية، يتعمد النظام المصري خنقها تدريجيًا ليُرغم المواطنين على الاتجاه نحو التعليم المدفوع، حتى وإن كان على حساب كرامتهم أو مستقبل أبنائهم.

 

السؤال الأهم: هل فقدت حكومة السيسي الإحساس بالعدالة الاجتماعية؟ أم أن تحويل الطلاب إلى زبائن جدد لمؤسسات الدولة الربحية أصبح سياسة ممنهجة؟