تراجع الدولار أمام الجنيه مؤقت…خبراء لرئيس حكومة الانقلاب : الأزمة الإقتصادية مستمرة ومصر غارقة فى الديون  

- ‎فيتقارير

 

  

 

مع التحسن الطفيف فى قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي بعد أن بلغ أدنى مستوياته في مطلع أبريل الماضي عند 51.6 جنيها للدولار،فى حين سجل الدولار حاليا 48.6 جنيها ورغم أن هذا التحسن مؤقت وفق تأكيدات خبراء الاقتصاد إلا أن حكومة الانقلاب تزعم على لسان رئيس وزرائها مصطفى مدبولى أن الأزمة الاقتصادية انتهت وأن الأسعار سوف تشهد انخفاضات كبيرة وهو ما آثار انتقادات الكثير من المراقبين مؤكدين أن ما تشهده العملة المصرية مجرد تعاف مؤقت تدفعه أدوات مالية قصيرة الأجل وسياسات غير قابلة للاستمرار، مما يترك مستقبل استقرار الجنيه رهن التطورات الجيوسياسية . 

 

كان مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب قد زعم أن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها دولة العسكر في الفترة الماضية قد تم تجاوزها، مشيرا إلى أن مؤشرات أداء الاقتصاد كلها جيدة، إلا أن أسعار السلع لا تتناسب مع هذا التحسن وفق تعبيره. 

وأضاف مدبولي، خلال اجتماع لمتابعة جهود خفض الأسعار المختلفة مع التجار والمصنّعين: يتعين أن نوفر الأسباب التي تدفع نحو مسار نزولي للأسعار، فكما زادت الأسعار في فترات سابقة نظرا لتحديات واجهناها، يجب أن تنخفض الآن بحسب تصريحاته. 

واعترف بأن المواطن لن يشعر بأي تحسن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد إلا من خلال عنصر واحد فقط، وهو انخفاض الأسعار بشكل ملموس ومستدام، دون أن تعود للارتفاع مجددا. 

وأشار مدبولى إلى أن تسعير الدولار وقت الأزمة الاقتصادية كان يتم على أساس سعر السوق السوداء، كما أن المصانع لم تكن قادرة على العمل بكامل طاقتها بسبب نقص المعروض وندرة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وهي تحديات تمكنت دولة العسكر من التغلب عليها وفق زعمه. 

 

الزمن لا يعود إلى الخلف 

 

فى هذا السياق كشف الخبير المصرفي محمد عبد العال، أن هناك عدة عوامل وراء تحسن أداء الجنيه المصري أمام الدولار مؤكدا أن ذلك لا يعني عودة الزمن إلى الخلف، أو أنه  يدل على استمرار الارتفاع أمام الدولار 

وقال عبدالعال فى تصريحات صحفية إن هذا التحسن سيظل مرهونا بعوامل داخلية وخارجية مشيرا إلى أهم أسباب تحسن الجنيه أمام الدولار: 

    ضعف الدولار عالميا ودخوله مرحلة عدم اليقين منذ تولي ترامب الرئاسة بسبب حروب الرسوم الجمركية. 

    تحسن مصادر النقد الأجنبي، مثل ارتفاع عوائد السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وزيادة الاحتياطي النقدي. 

    التحسن في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مثل قطر والسعودية وتحرك ملف برنامج الطروحات. 

    ارتفاع شهية المستثمرين تجاه أدوات الدين الحكومي (سندات، أذون خزانة) وتحقيق عوائد مرتفعة تصل إلى أكثر من 27.5%. 

وشدد على أن هذه العوامل تُبعد شبح فجوات النقد الأجنبي على المدى القصير، لكن تبقى النقطة الأساسية أن التضخم، رغم تراجعه إلى نحو 15%، فإن البنك المركزي  لا يزال يثبت الفائدة المرتفعة عند 25% لضمان جاذبية أدوات الدين. 

وأوضح عبد العال أن متوسط سعر الصرف يدور حول 49.75 جنيها للدولار، وقد يتحرك جنيها صعودا أو هبوطا بنطاق محدود، لكن من غير المتوقع حدوث تقلبات حادة سواء بالانخفاض أو الارتفاع. 

وحول نعكاس هذا التحسن على المواطنين وخفض الأسعار، خاصة أن مصر تستورد الكثير من السلع الأساسية والأولية، أوضح أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، بالإضافة إلى التنسيق والضغط مع حكومة الانقلاب لافتا إلى أن العقود التجارية -ومعظمها آجلة- يجب أن تأخذ دورتها الكاملة من التعاقد حتى الاستيراد، لكن النتائج الإيجابية لن تظهر إلا مع استقرار سعر الصرف وتوافر الدولار. 

 

الدين العام 

 

وحدد وائل جمال، رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية الأسباب التي ساهمت في صعود الجنيه أمام الدولار موضحا أنها تتمثل فى تراجع قيمة العملة الأمريكية عالميا وزيادة تحويلات المصريين بالخارج وارتفاع عائدات السياحة إلى جانب تدفق الاستثمارات على أدوات الدين الحكومية، مما وفر سيولة دولارية ساعدت على تحسن الجنيه. 

وقال جمال في تصريحات صحفية من أن هذا التحسن في سعر الصرف غير قابل للاستمرار على المدى الطويل موضحا أن حكومة الانقلاب تواجه التزامات مالية ضخمة في المرحلة المقبلة، سواء على صعيد سداد أقساط وفوائد الديون أو تمويل برامج الدعم والإنفاق العام، وهو ما قد يعيد الضغط على احتياطي النقد الأجنبي ويهدد استقرار الجنيه مستقبلا. 

وأوضح أنه طالما الدين العام يستمر في التصاعد، وترتفع معه تكلفة خدمته، بينما لا تنمو مصادر النقد الأجنبي بالمعدل ذاته، فإن الجنيه سيظل عُرضة للتقلب بين فترات من التحسن والضغط.   

وأكد جمال أن الوضع يتطلب خفض مستويات الدين العام إلى نطاق آمن، خاصة في ظل المخاطر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتي تُعد من العوامل الخارجية المؤثرة على استقرار العملة. 

 

الأزمة الاقتصادية 

 

وحول تصريحات رئيس وزراء الانقلاب التى زعم فيها انتهاء الأزمة الاقتصادية، أعرب عن تحفظه على هذا الكلام، متسائلا : لا أعرف أي أزمة يقصد بأنها انتهت. ربما يتحدث عن أزمة نقص الدولار، لكنها أزمة تظهر وتختفي دون حلول جذرية، فقد شهدنا تكرارا لها أكثر من مرة في السنوات الأخيرة . 

واستبعد جمال حدوث انخفاض ملحوظ في الأسعار، رغم تحسن الجنيه، موضحا أن الأسعار تميل دائما إلى الارتفاع سريعا مع صعود الدولار، لكنها لا تتراجع بالحدة نفسها عند انخفاضه. 

وارجع ذلك إلى غياب المنافسة ووجود درجة من الاحتكار، مشيرا إلى إن شريحة من كبار المستوردين والتجار والمصنّعين يهيمنون على السوق.