قُتلت شاب من قبيلة الرميلات .. سيناء تحت سطوة “ميليشيا العرجانى”: هل فقد النظام السيطرة على العريش؟

- ‎فيتقارير

 

تشهد محافظة شمال سيناء تطورات مقلقة تعيد إلى الأذهان فصول الفلتان الأمني التي كانت سائدة في ذروة المواجهة مع تنظيم "داعش"، ولكن هذه المرة ليس على يد جماعة مسلحة خارجة عن القانون، بل على يد كيان شبه رسمي أنشأته الدولة نفسها تحت اسم "اتحاد قبائل سيناء"، الذي يقوده رجل الأعمال النافذ إبراهيم العرجاني، أحد أبرز وجوه الاقتصاد القبلي المتداخل مع منظومة السلطة الحالية.

 

ففي حادثة صادمة، قُتل الشاب فراس ياسر أبو عمرو، من قبيلة الرميلات، برصاصة في الرأس على يد أحد القادة العسكريين المنتمين إلى هذا "الاتحاد"، وفقاً لما أفادت به مصادر قبلية لـ"العربي الجديد". وقعت الجريمة جنوب مدينة الشيخ زويد، ولم تتمكن أجهزة الأمن من القبض على الجاني حتى لحظة كتابة هذا التقرير، رغم معرفة هويته وتبعيته الواضحة للكيان شبه العسكري.

 

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها اشتباكات عنيفة الأسبوع الماضي في مدينة العريش، شهدت استخدام سيارات دفع رباعي تابعة لـ"اتحاد قبائل سيناء" وأسلحة نارية، وأسفرت عن إصابة مدنيين واختطاف أحدهم في وضح النهار. كل ذلك وسط غياب تام لقوات الشرطة، التي بدت وكأنها عاجزة أو متواطئة بصمتها عن مواجهة الانفلات المتصاعد.

 

التساؤلات المشروعة التي تدور اليوم في أذهان أبناء سيناء لا تتعلق فقط بمن أطلق الرصاصة، بل بمن سمح لهذا الكيان الذي نشأ بغطاء رسمي لمحاربة الإرهاب أن يتحول إلى قوة موازية خارج نطاق المساءلة. فـ"اتحاد قبائل سيناء"، الذي استُخدم طيلة السنوات الماضية كأداة للنظام في إدارة الحرب ضد "داعش"، يبدو اليوم وقد خرج عن السيطرة، متحولاً إلى ما يشبه "ميليشيا معتمدة" تُرهب الأهالي وتمارس سلطتها بقوة السلاح دون حسيب أو رقيب.

 

المفارقة أن الدولة التي كانت تبرر قمعها للأهالي بدعوى "محاربة الإرهاب" تسلّمت هي نفسها مفاتيح السلطة الأمنية لكيان قبلي مسلح، دون أطر قانونية واضحة أو إشراف مؤسسي. وهو ما يفتح الباب لتكرار جرائم القتل والاختطاف والانتهاكات، في ظل تغييب متعمد للعدالة، وتواطؤ أمني يكشف حدود هشاشة سيطرة الدولة على الأرض.

 

فهل أصبحت العريش بالفعل خارج سيطرة الدولة؟

أم أن ما نشهده هو شكل جديد من أشكال "السيطرة" التي يُعاد فيها تشكيل المشهد الأمني من خلال قوى محلية تتبع المصالح أكثر مما تتبع القانون؟

وإذا كانت قوات الأمن قد فقدت قدرتها على ضبط من يفترض أنهم "حلفاؤها"، فماذا تبقى من هيبة الدولة وسلطتها؟

 

سكان سيناء، الذين دفعوا ثمناً باهظاً في السنوات الماضية من أرواحهم وبيوتهم وحقوقهم، يواجهون اليوم واقعاً جديداً لا يقل رعباً: واقع تتحكم فيه الميليشيات الموالية للنظام، لكن دون أي وازع، ولا رادع.