فتش عن “كامل الوزير” و”الهيئة الهندسية” .. دماء على الأسفلت ب”صحراوي” المنيا بعد “الإقليمي”

- ‎فيتقارير

 

تتواصل الحوادث على "الصحراوي الشرقي"، الذي يربط 9 محافظات بالصعيد رغم أعمال التطوير، وما نتج عنها من وفيات وإصابات، والجهات وبعض الشركات التي أشرفت على إنشائه أبرزها الهيئة الهندسية التي سارعت بتنفيذ الأعمال وفق أوامر الزعيم أبو 50% متجاهلة كود الطرق المعتمد من أجل سرعة التقاط الصور والفيديوهات وإطلاق الشعارات الرنانة مع خواء المضمون.
 

والأربعاء الماضي لقيت 3 فتيات مصرعهن وأصيب 12 شخصا في انقلاب سيارة بصحراوي المنيا الشرقي، وكان من حظ كامل الوزير أن الفتيات طالبات انقلب بهن "ميني باص" كان يقل القتلى والمصابين.

ورصد مراقبون أن الحادث لم يكن الوحيد بل كان الأحدث في سلسلة من حوادث الطرق الدامية، التي يجمع بينها وقوعها على طرق شهدت أعمال تطوير تكلفت مليارات الجنيهات تحت إشراف جهات حكومية مختلفة، ورغم ذلك تظهر عيوب بها تُسهم في ارتفاع أعداد الحوادث، ووجودها ضمن الطرق الأكثر خطورة، حسب إحصاءات رسمية.

كما أن الحادث وقع عند مدخل الشيخ فضل – رأس غارب تحديدًا، وهي وصلة تربط محافظة المنيا والبحر الأحمر، كان افتتحها عبد الفتاح السيسي في عام 2016، ضمن توسعات لـ"الصحراوي الشرقي" استمرت لمدة 5 سنوات؟!

وشاركت جهات حكومية عدة في تطوير الطريق وتوسعته منذ عام 2014، منها وزارة النقل، التي تتولى من خلال هيئة الطرق والكباري، تنفيذ أعمال التطوير والإنشاءات على "الصحراوي الشرقي"، ومنها؛ الجهاز المركزي للتعمير، التابع لوزارة الإسكان، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

واُسندت بعض أعمال الطريق، إلى شركات حكومية مثل المقاولون العرب، والنصر العامة للمقاولات، وشركة النيل العامة للطرق والكباري والمنشآت، والتي شاركت في تنفيذ بعض أعمال طريق الدائري الإقليمي أيضًا من قبل تحت إشراف الهيئة الهندسية.

وشاركت "الطرق والكباري" في أعمال رفع كفاءة "الصحراوي الشرقي" (تحسين الطريق)، في عدد من الطرق الفرعية منه، مثل قنا/سفاجا، وقفط/القصير، وإدفو/مرسى علم، بحسب بيان صادر عن وزارة النقل في 22 يوليو الماضي.

ورصد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 8 نقاط لـ"الصحراوي الشرقي" ضمن "الأكثر خطورة" على مستوى الجمهورية، بسبب تكرار الحوادث بها، وذلك منذ بدء رصد تلك النقاط في نشرة الحوادث والطرق منذ عام 2022، وحتى أحدث "نشرة" صادرة في عام 2024.

وجاءت عدة مناطق واقعة على الصحراوي الشرقي في نطاق محافظة المنيا، ضمن النقاط الأكثر خطورة على مستوى الجمهورية خلال عام 2024، من بينها نفق سنور، ومدخل ملوي، والمنطقة الواقعة بحري بوابة الرسوم، بالإضافة إلى الجزءين البحري والقبلي من مدخل بني حسن.

ومنذ 2022 وحتى يوليو الماضي وقع على "الصحراوي الشرقي" 146 حادثًا على الأقل، أسفرت عن وفاة 267، وإصابة 771 آخرين، وذلك دون احتساب إجمالي ضحايا وحوادث عام 2022، لعدم توفر بيانات عنهم في "الحوادث والطرق".

https://www.facebook.com/photo/?fbid=1075884181399132&set=a.103872331933660

وقال أحد مرتادي الطريق: إن "الطريق به هبوط أرضي وحُفر ضخمة، وأجزاء مكسرة بالكامل، تجعل من القيادة ليلًا أمرًا مستحيلًا، أضطر إلى استخدامه في النهار فقط، وبسرعة منخفضة للغاية، وبحذر شديد، لتفادي أي مفاجآت".

وأضاف سائقون يستخدمون الطريق أن الطريق لا يزال غير ممهد، ويعاني من حفر وتشققات، بالإضافة إلى انعدام الإضاءة ليلاً، ويضيفون أن "الصحراوي الشرقي" يُغلق بشكل متكرر تحت زعم "أعمال التطوير".

 

وافتتح المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري في عام 2011 المرحلة الأولى (القاهرة – أسيوط) منه التي امتدت لحوالي 309 كم بتنسيق وإشراف من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ليمر "الصحراوي الشرقي" بـ9 محافظات، يبدأ من القاهرة وينتهي عند أسوان.

وخلال سنوات حكم عبد الفتاح السيسي مر الطريق بـ5 مراحل لتطويره وتوسعته، بين عامي 2016 و2024، بتكلفة إجمالية 3.2 مليار جنيه؛ يمتد الطريق الآن حتى محافظة الأقصر، وتعمل الحكومة حاليًا على الانتهاء من مَده حتى أسوان.

وأكد مراقبون أن افتتاح المحاور والوصلات الجديدة، لم يوقف المشكلات على "الصحراوي الشرقي" خصوصًا في المناطق الممتدة من بني سويف حتى المنيا..

الإقليمي الدائري

وخلال 6 أعوام، افتتح عبد الفتاح السيسي الجزء الأخير من مشروع الطريق الدائري الإقليمي، باعتباره أحد إنجازات البنية التحتية العملاقة التي تربط قرابة 15 محافظة بطول 400 كيلومتر، وبعد تشغيله، تحوّل الطريق إلى مسرح لحادث مأساوي أودى بحياة 18 فتاة من المنوفية، وكشف عن خلل بنية المشروع الذي تجاوزت تكلفته نحو 15 مليار جنيه.

وتدهور الطريق بشكل سريع، إذ لم يكمل دورة صيانته الأولى، وأظهرت صور الأقمار الصناعية علامات تكشف عن ظهور حفر وهبوط أرضي في أجزاء متفرقة من نهر الطريق، في نطاق محافظة المنوفية، قبل عامين.

المعاينة الميدانية للطريق أجمعت على وجود مخالفات في فحص التربة، وسماكة طبقات الأسفلت، وجودة الردم والدمك، بما يتعارض صراحة مع الكود المصري للطرق رقم 104.

وكشفت أن شركات المقاولات لجأت إلى تقليل الخامات وتجاوز مراحل أساسية في التنفيذ لتوفير التكاليف والوقت، ما أدى إلى تشققات وهبوط مبكر في الطريق.

وأكدت أن الطريق به رمال غير مضغوطة جيدًا وتسرب مياه إلى الطبقات التحتية، ما تسبب في ما يُعرف فنيًا بـ"السوستة"، وهي مناطق رخوة تشكّل خطرًا على سلامة الطريق، وغياب شبه تام لأعمال الصيانة الدورية المسؤولة عنها الشركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة والتي تُدير الطريق منذ عام 2018. وسط فشل حكومي في معالجة مشكلة الإنارة والحمولات الزائدة في سيارات النقل "التريلا".

شركات الجيش

وبعد الهيئة الهندسية، تولت "الشركة الوطنية"، التابعة للقوات المسلحة، إدارة الطريق الإقليمي منذ تشغيله في سبتمبر 2018، وتشمل مسؤولياتها الصيانة الدورية وتحصيل الرسوم من بوابات العبور، وفي أغسطس 2024، أعلنت محافظة المنوفية أن الشركة أغلقت جزءًا من الطريق وبدأت أعمال تطوير بالتعاون مع شركة أوراسكوم، المملوكة للأخوين ناصف وسميح ساويرس.

ورغم إغلاق نحو 20 كيلومترًا من الطريق الدائري الإقليمي منذ سبتمبر الماضي، استمرّت شاحنات النقل الثقيل في استخدام الطريق، مما تسبب في وقوع حوادث إضافية، خاصة في ظل غياب الإنارة تمامًا في الجزء الواقع داخل محافظة المنوفية. وبحسب مصدر في المحافظة، لم تُركّب الشركة الوطنية أي أعمدة إنارة منذ تسلّمها مسؤولية تشغيل الطريق.

ومنذ بدء شركة أوراسكوم للإنشاءات – المملوكة للأخوين ناصف وسميح ساويرس – أعمال الصيانة في أغسطس 2024، أُغلق أحد نهري الطريق، مع تحويل حركة السير القادمة من الباجور باتجاه بنها.

لكن موقع حادث المنوفية شهد، بحسب تقديرات رسمية، أكثر من 60 حادثة منذ اكتمال إنشاء الطريق في عام 2018، ما يعكس تفاقم مشكلات الأمان على هذا المحور الحيوي.

نشرة حوادث السيارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وجود 17 نقطة خطرة على امتداد الطريق الدائري الإقليمي، في نطاق محافظات الشرقية، والجيزة، والقليوبية، والقاهرة، والفيوم.

 

وتُشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2024 إلى أن عدد شاحنات النقل والمقطورات في محافظة المنوفية تجاوز 56 ألف مركبة، أي ما يعادل 4.5% من إجمالي المركبات المشابهة في مصر، والبالغة أكثر من 1.3 مليون.

وتسمح وزارة النقل بمرور شاحنات بحمولات تتراوح بين 46 و63 طنًا حسب نوع المحور (أمامي، خلفي، ترادفي…)، لكنها أصدرت بيانًا في مارس 2024 تحذّر فيه من تأثير الحمولات الزائدة في تدمير الطرق، دون أن تتخذ إجراءات رقابية صارمة لضبطها.
 

ويشير مصدر في محافظة المنوفية إلى أن الإغلاق الجزئي للطريق ساهم في زيادة الحوادث، ما دفع مديرية الطرق بالمحافظة إلى طرح مقترح يقضي بمنع سير سيارات النقل الثقيل من الساعة 6 صباحًا حتى 6 مساءً، لكنه لم يُبت فيه حتى الآن، وفقًا للمصدر.

 

وبحسب هيئة الطرق والكباري، يوجد في مصر  نحو 40 ميزانًا للشاحنات، منها 28 ميزانًا ثابتًا و12 متحركًا، وهي الجهة المسؤولة عن قياس حمولة المركبات الثقيلة.

ويحدّد القرار الوزاري رقم 724 لسنة 2019 أن الحد الأقصى للحمولة الزائدة المسموح بها هو 5%، وتُفرض غرامات في حال تجاوزها، وقد تصل النسبة إلى 25% من وزن الحمولة. وطبقًا لبيان مارس 2024، نسّقت وزارة النقل مع وزارة الداخلية لتغليظ العقوبات، وفرض غرامات، وسحب رخص المركبات المخالفة، كجزء من محاولاتها للحد من الحمولات الزائدة.

 

آراء التواصل

وتعليقا على استمرار الحوادث انتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مجازر الطرق المستمرة، وكتب إسلام أحمد، "أغلبية الطرق لا تصلح للاستخدام".

وأضاف وسام Wessam Rashed "لاشك أن الطريق غير مطابق للمواصفات القياسية.".

واعتبر أحمد Ahmad Abdelhakim أن "سواقين متهورين، الطريق ممتاز وموجود حارة مخصوص للنقل".

أما إبراهيم N Ibrahim Mahuob فقال: "إحنا مفهوم الصيانة عندنا معدوم ، بنعمل الطرق مش علشان تخدمنا ، لاعلشان نقول عملنا ونأخذ اللقطة ، زي اللي بيجيب عيال مش علشان يربيهم ، لاء علشان يزود عددهم ، الطريق ده كل تلاته أربعة كيلو كويس لو لقيت عمود نور شغال فطبيعي ، ذنب الناس دي في رقبة الناس اللي فاكرة نفسها مخلدة في المناصب ولما ترجع لربنا ستجد خيرا منها منقلبا ، اللهم جازي كل مقصر بما أنت أهل له يا جبار وانتقم منهم شر انتقام .".

واشار "محمد ابراهيم مجاهد" إلى مجموعة إشارات "رصف زفت، طرق مليانة نقر وارتفاعات وانخفاضات وبواقي اسفلت عاملة مطبات

طرق غير مطابقة للمواصفات.. مفيش إضاءة ليلاً.. مفيش علامات فسفورية علشان تكشف الطريق ليلاً.. مفيش خدمات علي الطريق.. ده حال الطرق السريعة اللي أنا بمشي عليها".