في اعتراف رسمي جديد يُضاف إلى سجل الإخفاقات الاقتصادية لنظام المنقلب عبد الفتاح السيسي، أقرّ رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، بأن القناة تكبّدت خسائر فادحة خلال عام 2024، وصلت إلى تراجع بنسبة 66% من الإيرادات، مع توقعات باستمرار هذا الانهيار خلال العام الجاري.
ورغم محاولة النظام تحميل المسؤولية الكاملة لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، فإن الأرقام تكشف أزمة أعمق تتعلق بتراجع الثقة الدولية في استقرار الممر الملاحي، إضافة إلى عجز السلطة عن تقديم حلول واقعية أو حماية فعالة. فقد بلغت خسائر القناة 800 مليون دولار شهرياً منذ بداية 2024، وفقاً لتصريحات رسمية.
إغراءات وتخفيضات.. دون جدوى
في خطوة تعكس تخبط إدارة القناة، لجأت الهيئة إلى تخفيض رسوم العبور لسفن الحاويات الكبيرة بنسبة 15% لمدة ثلاثة أشهر، وسط حديث عن إمكانية تمديد التخفيضات، في محاولة يائسة لاستعادة حركة العبور. لكن المسؤول نفسه اعترف بأن السبب الأهم لعزوف السفن هو "الهاجس الأمني"، ما يكشف فشل الدولة في تأمين شريان اقتصادي استراتيجي.
ترامب يطالب بالمرور المجاني… والقاهرة ترد بخجل
وعلى صعيد آخر، فجّر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب جدلاً واسعاً بطلبه السماح للسفن الأميركية بالعبور مجاناً عبر قناة السويس، بحجة أن القناة ما كانت لتوجد لولا الولايات المتحدة. وبينما تجاهلت القاهرة الرد الرسمي على الإهانة العلنية، اكتفى رئيس الهيئة بالتأكيد أن "مصر تحترم المعاهدات" ولا تميز بين السفن، في موقف يعكس انبطاحاً سياسياً واضحاً.
تسويق للوهم.. ومغازلة المستثمرين الأجانب
وفي الوقت الذي تئن فيه البلاد تحت وطأة الديون وانهيار العملة، يواصل السيسي تسويق مشاريع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باعتبارها بوابة الاستثمارات. فخلال مايو الماضي، تحدث عن تطلع مصر لإنشاء منطقة صناعية أميركية، رغم الفشل المتكرر في جذب استثمارات حقيقية أو تحقيق عوائد توازي الإنفاق الضخم على البنية التحتية.
قناة السويس من ركيزة اقتصادية إلى عبء مالي
لطالما تفاخر النظام بقناة السويس باعتبارها "هدية مصر للعالم"، لكنها اليوم تتحول إلى عبء مالي واستراتيجي، نتيجة غياب الرؤية وتخبط الإدارة، وسوء التقدير في التعامل مع الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الملف اليمني وتأمين الممرات الملاحية.
وبات واضحاً أن الانحدار في أداء قناة السويس ليس ناتجاً فقط عن الأزمات الإقليمية، بل هو تجلٍّ مباشر لفشل نظام سياسي واقتصادي يضع الدعاية قبل الواقع، ويستبدل السيادة بالتنازلات، ويغرق في وهم "المشاريع الكبرى" بينما يتآكل الاقتصاد في العمق.