من هدم أنفاق غزة لتسليم المعابر للاحتلال.. تناقض فج بين الخطاب السياسي للسيسي والواقع العملي

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يعكس حجم التناقض بين الخطاب السياسي والواقع العملي، خرج المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي، اليوم مجدداً بتصريحات يدين فيها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، متحدثاً عن "الإبادة الجماعية" و"التجويع" الذي يتعرض له الفلسطينيون، في حين أن سجله على مدار 13 عاماً يظهر انخراطاً مباشراً في تشديد الحصار وتهيئة الأرض لمخططات الاحتلال.

خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفيتنامي، قال السيسي: إن "حرب غزة لم تعد لأهداف سياسية، بل باتت حرباً للتجويع والإبادة وتصفية القضية الفلسطينية"، مضيفاً أن أكثر من 5 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر الدخول إلى غزة، لكن إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

لكن هذه التصريحات لم تنطلِ على متابعين كثر، لا في الداخل المصري ولا في الشارع الفلسطيني، الذي لا يزال يتذكر كيف قاد نظام السيسي حملة غير مسبوقة لهدم أكثر من ألف نفق بين غزة وسيناء، كانت تمثل شريان حياة لأهالي القطاع، في وقت كانت فيه الحدود الرسمية مغلقة باستمرار.

ولم يكتف النظام بذلك، بل بنى جداراً فولاذياً على طول 12 كيلومتراً، وعمّق الحصار بالتنسيق الأمني الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى باتت القاهرة شريكاً فعلياً في خنق غزة، وهو ما عبّر عنه ناشطون فلسطينيون في مظاهرة نادرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب، متهمين القاهرة بالمشاركة في سياسة التجويع.

ورغم نفي الخارجية المصرية الاتهامات، وادعائها الدفاع عن "الدور التاريخي لمصر في دعم القضية الفلسطينية"، إلا أن الوقائع على الأرض، من إغلاق مستمر لمعبر رفح، إلى تسليم إدارة محور صلاح الدين الحدودي للاحتلال، تشير إلى تراجع كارثي في الموقف المصري لصالح أجندة تل أبيب.

وتزامناً مع العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والذي خلف حتى الآن أكثر من 61 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، لم تُفتح بوابة العبور المصري سوى بشكل محدود وانتقائي، وسط تقارير عن رفض دخول مساعدات أساسية، في وقت تتصاعد فيه المجاعة وتنتشر الأوبئة في القطاع المنكوب.

السيسي، الذي طالما تباهى بـ"مواقف مصر الثابتة"، يحاول اليوم أن يظهر بمظهر الداعم لحقوق الفلسطينيين، بينما ممارساته الميدانية تصب في صلب المشروع الصهيوني لتصفية القضية وتهجير الشعب الفلسطيني، ليس فقط بالصمت، بل بالمشاركة الفعلية في الحصار والخنق.

إن ازدواجية الخطاب الرسمي المصري، واستثمار القضية الفلسطينية في المؤتمرات واللقاءات الإعلامية، لم تعد تُقنع أحداً، وسط شواهد متراكمة على أن نظام السيسي جزء من معسكر الإبادة لا ضده.