بسبب الفقر والضغوط الاقتصادية..الأمُّ تقتل أبناءها في زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

الضغوط الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة الذي يعاني منه المصريون في زمن الانقلاب الدموي، تسبب في ظهور جرائم غريبة لم تكن تحدث قبل ذلك، وبسبب عدم توافر الإمكانات والاحتياجات الضرورية ،بل ولجوء الكثير من الأسر إلى الاستدانة يلجأ البعض إلى الانتحار أو قتل الأبناء أو قتل الأبوين دون اعتبار لصلة الأرحام، ودون اعتبار لارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة التي تدمر مستقبل أسر وعائلات بالكامل .

ورغم أن الأم كانت ولا زالت مصدر الرحمة والعاطفة والأمان لأبنائها، إلا أن هناك أمهات تجردن من كل ذلك، ليحل محلها قسوة القلب، فعوضاً عن الحنان والرحمة التي يجب إعطاؤها لأبنائهم، اعطوهم الموت خنقاً أو قتلا،

ما هي الدوافع التي تدفع بأم إلى قتل أبنائها، وما تأثير ذلك على الأسرة والمجتمع ؟.

 

تقتل أطفالها الثلاثة

 

كانت منطقة الشروق قد شهدت جريمة مروعة دارت أحداثها داخل فيلا، عندما أقدمت سيدة على إنهاء حياة أطفالها الثلاثة خنقًا ثم اتصلت بالشرطة.

تلقى قسم شرطة الشروق، بلاغًا من النجدة بوجود جثث أطفال داخل شقة بدائرة القسم، وتم العثور على جثامين ٣ أطفال ووجود آثار لخنق حول الرقبة .

كشفت التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة والدتهم، وأُلقى القبض عليها وتبين أنها سيدة منفصلة عن زوجها منذ ٤ سنوات، وكانت تقيم في الفيلا برفقة أطفالها.

ولأن السيدة لم تستطع دفع مصاريف أطفالها الثلاثة بالمدرسة الخاصة فكرت في التخلص منهم، واستغلت نومهم وأحضرت قطعة قماش وقامت بخنقهم، وبعد تأكدها من وفاتهم قامت بالاتصال بالشرطة.

 

كفر الشيخ

 

وشهدت كفر الشيخ، واقعة مقتل فتاة تبلغ من العمر ١٧ عامًا، بعد العثور عليها مخنوقة داخل غرفتها بقرية سنديون التابعة لمركز فوه.

تبين أن والدتها أقدمت على خنقها بإيشارب بسبب خلاف حاد نشب بينهما إثر علاقة عاطفية جمعت الفتاة بابن عمها.

قامت مفتشة الصحة، الدكتورة تسنيم مكي بإبلاغ الشرطة، مؤكدة أنها تشتبه بوجود شبهة جنائية في وفاة "دعاء. أ. أ"، ١٧ عامًا، طالبة بدبلوم التجارة، بعد ملاحظتها وجود آثار حبل حول الرقبة.

تبيّن أن الجثة ترتدي كامل ملابسها، مع آثار واضحة للخنق حول الرقبة، وزعمت الأم "رضا. ع. غ"، ٤٣ عامًا، ربة منزل، أن ابنتها توفيت أثناء نومها دون معرفة الأسباب.

إلا أن علامات الارتباك، وكدمة ظاهرة بعينها اليسرى، أثارت شكوك فريق التحقيق، كما كانت هناك مظاهر خوف وارتباك على ابنها "مصطفى. ع. أ"، ١٦ عامًا، شقيق الفتاة.

وبعد استجوابه، اعترف الشقيق بأن والدته هي من قتلت شقيقته، وقال إنه عاد إلى المنزل بعد منتصف الليل ليجد شقيقته ملقاة على الأرض، وعندما سأل والدته، ردت عليه: "ريحتك من مصايبها"، ثم طلبت منه مساعدتها في إخفاء ما حدث.

 

ضغوط اقتصادية

 

حول هذه الكوارث قال الدكتور فتحي قناوي أستاذ علم كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: إن "جرائم قتل الامهات لأبنائهن رغم بشاعتها إلا أنها لا تشكل ظاهرة في حد ذاتها، لافتاً إلى أنها ليست شائعة، لكنها تحدث بين الحين والآخر وتترك أثرًا عميقًا في المجتمع، فهي صادمة في حد ذاتها".

وأوضح قناوي في تصريحات صحفية أن أهم الدوافع المؤدية لارتكاب هذه الجريمة تتمثل في الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، كأحد الدوافع الرئيسية وراء وقوع هذه الجرائم، مشيرا إلى أن الفقر والبطالة قد يدفعان بعض الأمهات إلى اليأس، خاصة إذا كنّ عائلات وحيدات لأطفالهن.

وأشار إلى أن الزواج المبكر أو القسري قد يجعل الأم في أحيان كثيرة غير مؤهلة نفسيًا لتحمل مسؤولية الأمومة، علاوة على العنف الأسري والإدمان، مؤكدا أن بعض الأمهات يتعرضن للعنف الجسدي أو النفسي من قبل الأزواج، مما يخلق بيئة غير مستقرة، وهو ما ينعكس سلبا على الأبناء وقد يؤدي إلى ارتكاب جرائم في حقهم .

وأضاف قناوي : هناك بعض الأمهات اللواتي وقعن اسيرات لإدمان المخدرات أو الكحول وهو ما قد يفقد الأم السيطرة على أفعالها لافتا إلى أن الام أو الزوجة قد ترتكب الجريمة بدافع الانتقام من الزوج بعد الطلاق أو الخلافات الأسرية، وهو ما ترتب عليه جرائم كثيرة من هذا النوع تحدث بحق الأبناء .

وشدد على أنه لكي نحد من ظهور تلك الجرائم، لا من وجود برامج لتوعية الأمهات ومراكز نفسية لتأهيلهن، فلا يمكن اختصار الحل في تغليظ العقوبات فقط فهناك من الأمهات من يحتاج السجن كعقوبة وآخريات يحتجن إلى علاج نفسي مكثف.

 

اضطرابات نفسية

 

ورجحت الخبيرة النفسية والسلوكية الدكتورة داليا العقاد أن تكون الأسباب والدوافع النفسية والأمراض النفسية غير المُعالجة وراء ارتكاب الأم جريمة في حق أبنائها، لافتة إلى أن بعض الأمهات تعاني أحيانا من اضطرابات نفسية حادة مثل، اكتئاب ما بعد الولادة، الذي قد يؤدي إلى هلاوس وأفكار انتحارية أو إيذاء الطفل، علاوة على مرض الذهان أو الفصام، حيث تفقد الأم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.

وقالت "داليا العقاد" في تصريحات صحفية: إن "عدم تلقي بعض الأمهات العلاج المناسب لاسيما ذات الميول الإجرامية، بسبب الوصمة الاجتماعية أو نقص الوعي، يفضي حتماً إلى حدوث جريمة سواء في حق أبنائها أو في نفسها بالانتحار" .

وأوضحت أنه يمكن الوقاية من هذه الجرائم، بحلول عملية، من بينها تعزيز الرعاية النفسية مشددة على ضرورة فحص الأمهات بعد الولادة لاكتشاف أي علامات للاكتئاب أو الاضطرابات النفسية، علاوة على توفير خطوط مساعدة نفسية مجانية للحد من الأزمات، وايضا لابد من التوعية المجتمعية، وذلك بكسر حاجز الصمت حول الأمراض النفسية وتشجيع طلب المساعدة.