ورقة “حريات” البحثية: كيف تمنع أي سلطة من تكرار محرقة رابعة العدوية؟!

- ‎فيتقارير

 

تقدم مركز "حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية" بورقة بحثية عبر منصاته على التواصل الاجتماعي بعنوان "رابعة: محرقة العصر.. الذاكرة، والعدالة، ومنع التكرار" مؤكدة أن "منع تكرار محرقة رابعة ليس شعارًا أخلاقيًا فقط، بل ضرورة وطنية واستراتيجية لأي مشروع تغيير ديمقراطي مستقبلي".

6 تحصينات

ورأت الورقة في إصدراها التحليلي والحقوقي والاستراتيجي أن هذا المنع يعتمد على مجموعة من المسارات المترابطة التي تمزج بين الإصلاح المؤسسي، والوعي المجتمعي، والضمانات السياسية والقانونية وأبرزها.

1. بناء ضمانات دستورية وقانونية مستقبلية:

 • نصوص واضحة في اي دستور مقبل تحمي الحق في التظاهر السلمي والاعتصام، مع حظر استخدام القوة المميتة ضد المدنيين إلا في أضيق نطاق ووفق ضوابط صارمة.

 • إصلاح القوانين المقيدة للحريات مثل قانون التظاهر وقوانين الطوارئ، بما يضمن أن أي تدخل أمني يخضع لمساءلة قضائية فورية.

 • تجريم المجازر بشكل صريح من خلال إدراج نصوص تجرم أي عمليات قتل جماعي للمدنيين، وتعتبرها جرائم ضد الإنسانية غير قابلة للتقادم.

2. العمل على إعادة هيكلة مؤسسات الأمن من خلال:

 • فصل الأمن السياسي عن الأمن العام لضمان عدم استخدام الشرطة كأداة قمع سياسي.

 • إدماج التدريب الحقوقي في المناهج الأمنية لضباط الشرطة والجيش، مع تدريس تجارب دولية تحترم حقوق المتظاهرين.

 • آليات رقابة مدنية: عبر برلمان منتخب ولجان مستقلة لها صلاحية التحقيق في أي انتهاكات.

3. تمكين المجتمع المدني:

 • دعم المنظمات الحقوقية المستقلة: باعتبارها حائط الصد الأول ضد انتهاكات السلطة.

 • إشراك النقابات والاتحادات في حماية الحق في التعبير والتظاهر.

 • حملات توعية مجتمعية تشرح معنى السلمية وحقوق المواطنين في التعبير، وتفضح المخاطر التي يسببها القمع الدموي على مستقبل الوطن.

4. بناء قوة مجتمعية للردع:

 • شبكات تضامن سريعة الاستجابة، قادرة على التحرك إعلاميًا وحقوقيًا فور وقوع أي انتهاك، لردع السلطة ومنع التصعيد.

 • التعبئة الإعلامية الميدانية باستخدام البث المباشر، والوسائط الرقمية، والشهادات الفورية لخلق ضغط دولي عاجل.

 • تحالفات سياسية واسعة تتفق على خطوط حمراء مشتركة، أهمها رفض أي مجزرة بحق المدنيين مهما كانت الخلافات السياسية.

5. تدويل الحماية:

 • العمل مع آليات الأمم المتحدة لإدخال مراقبين دوليين عند أي احتجاجات كبرى قد تتعرض للقمع.

 • اتفاقات حقوقية إقليمية مع منظمات عربية وأفريقية تلتزم برصد الانتهاكات ومساءلة مرتكبيها.

 • شبكات ضغط دولية تضم برلمانيين وحقوقيين من مختلف الدول، لضمان أن أي محاولة لقمع دموي تجد رد فعل فوري ومتصاعد.

6. تحويل الوعي الشعبي إلى ثقافة رادعة:

 • إحياء ذكرى رابعة سنويًا: ليس فقط بالبكاء على الضحايا، بل كحافز لبناء منظومة تمنع التكرار.

 • تعليم الأجيال الجديدة: أن حماية الحق في الحياة والحرية مسئولية جماعية.

 • ربط الذاكرة بالمسئولية: بحيث يدرك كل مواطن أن الصمت على الجرائم هو مقدمة لتكرارها.

وشددت على أن التعامل مع آثار رابعة لا يكتمل إلا بخطة منع التكرار من خلال:

 • العمل على إصلاح مؤسسات الأمن على أسس تحترم القانون وحقوق الإنسان.

 • دستور يضمن الحق في التظاهر السلمي مع آليات عملية تمنع تغول السلطة التنفيذية.

 • رقابة مدنية على القوات الأمنية من خلال برلمانات منتخبة ولجان حقوقية مستقلة.

توصيات الورقة:

 1. توثيق الحقيقة وحفظ الذاكرة من خلال إنشاء أرشيف وطني موثّق يضم الشهادات والصور والفيديوهات المتعلقة بالمجزرة، بما يحفظ الرواية الحقيقية للأجيال القادمة، ويمنع محاولات طمسها أو تزييفها.

 2. إصلاح المنظومة الأمنية والقانونية من خلال وضع ضوابط واضحة على استخدام القوة، وتجريم القتل خارج القانون، وإلزام الأجهزة الأمنية بالمساءلة العلنية أمام البرلمان والقضاء المستقل.

 3. إطلاق مسار عدالة انتقالية من خلال تأسيس لجنة مستقلة للتحقيق في مجزرة رابعة وكافة الجرائم المشابهة، بما يضمن كشف الحقائق، ومحاسبة المسئولين، وجبر ضرر الضحايا وعائلاتهم.

 4. تعزيز الوعي الشعبي بحقوق الإنسان وإطلاق حملات مجتمعية وإعلامية لتثقيف المواطنين حول حقوقهم الدستورية والقانونية، وأهمية الدفاع عنها بوسائل سلمية وفعّالة.

 5. بناء تحالف وطني لحماية الحق في الحياة وتوسيع قاعدة التضامن بين القوى السياسية والمدنية والنقابية حول مبدأ رفض القتل خارج القانون كقضية جامعة تتجاوز الانتماءات الأيديولوجية.

خلاصة النتائج

وقالت الورقة "إن رابعة ليست صفحة من الماضي يمكن طيّها، بل جرح مفتوح في جسد الوطن، ومسئوليتنا الوطنية والإنسانية أن نعمل على ألا تُكتب مثلها في مستقبل مصر مرة أخرى. حماية الحق في الحياة والكرامة ليست ترفًا سياسيًا، بل حجر الأساس لأي مشروع وطني جاد نحو الحرية والاستقلال".

وأضافت أن مجزرة رابعة أثبتت أن غياب الضمانات القانونية والسياسية، واحتكار القوة في يد السلطة، يمكن أن يحوّل أي خلاف سياسي إلى مأساة إنسانية. ورغم مرور السنوات، ما زالت آثار هذه الجريمة ماثلة في وجدان المصريين، سواء في صورة فقدان الثقة بين الدولة والمجتمع، أو في تآكل الإحساس بالأمان الشخصي، أو في الانقسام المجتمعي الذي غذّاه الإفلات من العقاب.

وشددت على أن "التعامل مع رابعة اليوم يجب أن يتجاوز منطق “التأبين” إلى منطق “التحصين”، بحيث نُعيد صياغة منظومة حماية الحقوق الأساسية على نحو يمنع أي سلطة، مهما كانت شعبيتها أو قوتها، من تكرار مثل هذه الجريمة. وهذا يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية جادة لإصلاح بنية الدولة، وتقوية المجتمع المدني، وضمان حياد مؤسسات الأمن والقضاء، وتعزيز وعي المواطنين بحقوقهم وآليات الدفاع عنها.

https://web.facebook.com/hfpssOfficial/posts/pfbid02xgjhfmy9EfV5YrPoSwds7Ehu594TwuTP5avh7dmN45JmyQfoaMLm4K1ac9H22ZT6l