حكومة الانقلاب تشرع بعض القوانين وتصدر قرارات وتعليمات ليس بهدف حل مشاكل المواطنين بل الهدف الأساسى هو استنزافهم بالرسوم والضرائب وتضييع وقتهم فى قضايا هامشية حتى يبتعدوا عن التفكير فى المصلحة العليا للوطن ومستقبله وما يواجهه من مشكلات وأزمات فى زمن الانقلاب الدموى تسببت فيها عصابة العسكر .
فى هذا السياق يواجه ملف التصالح في مخالفات المباني أزمات متراكمة رغم سداد الرسوم، مما يثير غضبا متزايدا حيث يشكو المواطنون من بطء الإجراءات وتعطيل مصالحهم بينما تزعم حكومة الانقلاب أنها تعمل على تسريع المنظومة.
بطء الاجراءات ووقف الحال جعل المواطنين يؤكدون أنه لا يوجد تصالح في مخالفات المباني وأصبحت هذه القضية بندا رئيسيا للجدل في الشارع المصري حيث يعيش ملايين المواطنين حالة من الانتظار القلق بعدما سددوا رسوم التصالح واستلموا نموذج ثلاثة لكنهم ما زالوا محرومين من توصيل المرافق أو استصدار التراخيص النهائية .
ولا يزال ملف التصالح في مخالفات المباني عالقا رغم وعود حكومة الانقلاب بسرعة الحسم، رغم مرور أعوام على بدء تطبيقه، ويسيطر الغموض على خطوات استكمال الإجراءات، وهو ما أثار انتقادات واسعة بين أصحاب العقارات .
هذا البطء المفرط دفع شريحة واسعة من المواطنين للتساؤل عن جدوى القوانين الجديدة التي وعدت بتبسيط الإجراءات وتقصير مدتها ؟.
الجيزة والقاهرة
فى هذا السياق تعاني محافظات كبرى مثل الجيزة والقاهرة من تزايد الملفات غير المستوفاة وكشفت تقارير محلية أن غالبية الطلبات المقدمة ينقصها مستندات أساسية وهو ما يفاقم الأزمة ويضاعف التأخير برغم استعداد المواطنين للالتزام بالقانون وكشفت بيانات لجنة الإسكان بمجلس نواب السيسي أن ما يقارب من المليونين ونصف المليون طلب لم يتم البت فيها حتى منتصف العام الماضي .
وكشفت تقارير رسمية عن تراكم ضخم للطلبات إذ بلغ عددها أكثر من ثلاثة ملايين منذ عام 2019 وحتى نهاية 2024 بينما لم يتم إنجاز سوى نحو مليون وسبعمائة وخمسين ألفا فقط وتشير تصريحات لجنة الإسكان إلى أن هناك أكثر من مليونين ونصف المليون طلب عالق ما بين لجان الفحص والتظلم الأمر الذي خلق حالة من الاحتقان داخل المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة.
نموذج عشرة
تجاهل حكومة الانقلاب للشكاوى دفع محمد عبدالله زين الدين عضو مجلس نواب السيسي إلى توجيه انتقادات حادة لحكومة الانقلاب مؤكدا أن استمرار البطء في ملف التصالح يضعف ثقة المواطن في مؤسسات دولة العسكر
وقال زين الدين فى تصريحات صحفية إن حصول المواطن على نموذج ثلاثة لا يعني نهاية المطاف لأنه يظل عاجزا عن استكمال حقوقه من كهرباء ومياه أو إعادة البناء حتى يحصل على نموذج عشرة وهو ما لم يتحقق للكثيرين منذ أشهر طويلة .
وحذر حكومة الانقلاب من أن هذا الوضع يدفع البعض إلى التوقف عن الدفع من الأساس.
البيروقراطية
يشار إلى أن القانون رقم 187 لسنة 2023 جاء ليمنح أملا للمواطنين حيث نص على تقليص مدة البت إلى ثلاثين يوما بدلا من ستين إضافة إلى تشكيل لجان فنية متخصصة وتحديد مسار للتظلم لكن الواقع العملي لم يواكب هذه التعديلات إذ ما زالت البيروقراطية تطغى على المشهد وتؤخر إنجاز الملفات.
التنمية المحلية
من جانبها زعمت وزارة التنمية المحلية بحكومة الانقلاب أنها تتابع الملف بشكل يومي وأن قياداتها تتواجد في المراكز التكنولوجية لحل المشكلات
وأشارت الوزارة إلى أنها أطلقت خطة لتقليص خطوات استخراج التراخيص من خمسة عشر خطوة إلى ثماني خطوات فقط وخفض المدة إلى ستة وعشرين يوما للحالات العادية وأربعين يوما للحالات التي تحتاج وثيقة تأمين فضلا عن إلغاء بعض الشروط التي كانت تعرقل استكمال الطلبات مثل تقديم جدول الإحداثيات أو شهادة الارتفاق وفق تعبيرها .
أدوات قديمة
ورغم مزاعم وزارة التنمية المحلية إلا أن شكاوى التصالح فى مخالفات البناء ما زالت تتصاعد أرض الواقع ويؤكد مواطنون أن المنظومة تعمل بأدوات قديمة تعيق سرعة الأداء .
وقال أحد المتقدمين للتصالح عبر منصات التواصل إن الموظفين يسجلون البيانات بخط اليد وكأننا في الثمانينيات وهو ما يعكس غياب التكنولوجيا عن العملية ويضاعف إحباط المواطنين الذين يشعرون أنهم عالقون في دائرة بيروقراطية لا تنتهي
البناء العشوائي
فى هذا السياق حذر المهندس عمر محمد صاحب شركة مقاولات وإنشاءات من أن استمرار التأخير في ملف التصالح يضر بالاقتصاد المصرى ويؤثر على قطاع البناء ويعزز البناء العشوائي كما يضعف ثقة المواطنين في ما تسميه حكومة الانقلاب بالتشريعات الإصلاحية .
وطالب محمد بضرورة فى تصريحات صحفية بتبسيط المستندات وتدريب العاملين على أنظمة إلكترونية حديثة ووضع آلية شفافة لتتبع الطلبات بما يضمن احترام حقوق المواطن ويعيد الثقة في المؤسسات.
وأشار إلى أن ملف التصالح لم يعد مجرد قضية إدارية بل أصبح قضية رأي عام تمس حياة ملايين الأسر وهو ما يفرض ضرورة التحرك السريع من جانب الأجهزة التنفيذية والتشريعية لتجاوز الروتين والوفاء بالوعود مؤكدا أن المواطن الذي دفع الرسوم والضرائب ينتظر أن يرى نتيجة واضحة وإجراءات منجزة في وقت محدد وليس سنوات من التعطيل .
وخلص محمد الى القول ان ملف التصالح في مخالفات المباني بحاجة إلى إصلاح شامل وإرادة قوية لتجاوز العقبات الإدارية والتشريعية موضحا أن المواطن الذي يلتزم بدفع الرسوم ينتظر أن يحصل على حقوقه كاملة وهو ما يتطلب سرعة في الأداء وشفافية في الإجراءات لتحقيق العدالة وإعادة الثقة بين المواطن ودولة العسكر.