عينها على صندوق النقد…حكومة الانقلاب ترفع أسعار الغاز للمصانع وتطالب التجار والمنتجين بخفض الأسعار

- ‎فيتقارير

 

 

فى الوقت الذى تطالب فيه حكومة الانقلاب المنتجين والمصنعين بخفض الأسعار، تقوم هى برفع أسعار بعض السلع خاصة المواد الخام والمحروقات التى يعتمد عليها الانتاج ما يؤدى إلى زيادة تكاليف الانتاج ورفع الأسعار

فى هذا السياق كشفت تقارير إعلامية أن حكومة الانقلاب تنوى زيادة أسعار الغاز الطبيعى المورد للمصانع بحد أدنى قدره دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو ما دفع شركات الأسمدة إلى التهديد برفع أسعار منتجاتها إذا تم تطبيق قرار الزيادة بشكل رسمى.

هذا القرار يكشف أن حكومة الانقلاب تعمل بعكس ما تقول، ففى الوقت الذى تطالب فيه التجار والمنتجين بخفض الأسعار، وتقوم بعمل مبادرات لتحقيق هذا الهدف، تقوم هى برفع أسعار الغاز مصدر الطاقة الأهم للمصانع- وهو ما يعنى زيادة الأسعار على المستهلك، فى تناقض واضح بين أقوال حكومة الانقلاب وأفعالها.

 

 

كان مصطفى مدبولى، رئيس وزراء الانقلاب قد عقد مؤخرًا اجتماعًا مع التجار والمصنعين لمتابعة جهود خفض الأسعار زعم خلاله أن حكومة الانقلاب على مدار الفترة الماضية، كانت ولا تزال حريصة على ضمان الالتزام بتوفير السلع المختلفة، وكذا مستلزمات الإنتاج للمصانع.

وقال «مدبولي»: نجحنا فى تحقيق ذلك عبر استقرار تام والتزام من الجهاز المصرفى بتوفير كل المتطلبات من المكون الأجنبى من العملة الصعبة، خلال الفترة الماضية مشددا على أن المطلوب حاليا هو أن يشهد المواطن انخفاضا فى أسعار السلع، خاصة أن سعر الدولار يسجل انخفاضا خلال الفترة الأخيرة مقابل الجنيه وفق تعبيره.

وطالب اتحاد الغرف التجارية بالاتفاق مع رؤساء الغرف التجارية، على تخفيضات حقيقية فى الأسعار لمختلف السلع.

 

صندوق النقد

 

فى هذا السياق قالت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن حكومة الانقلاب رفعت مؤخرا تكلفة المياه للمصانع، واليوم جاء الدور على الغاز، ولدينا حاليا الكثير من المصانع المغلقة، ومعظمها صناعات متوسطة وصغيرة الحجم، متسائلة كيف تتحدث حكومة الانقلاب بعد ذلك عن رغبتها فى أن تكون الصناعة محركًا للنمو فى البلاد.  

وطالبت «يمن الحماقى» فى تصريحات صحفية حكومة الانقلاب بالتفاوض مع صندوق النقد الدولى لتأخير زيادة التكاليف على المصانع، لأنها لن تستطيع المنافسة محليا وخارجيا بهذا الشكل، أو يتم تعويضها بإجراءات أخرى، مثل التوسع فى التمويلات منخفضة الفائدة، وإطلاق مبادرات جديدة عقب الانخفاض المتوقع فى الفائدة قريبا، .

وشددت على ضرورة ألا تنظر حكومة الانقلاب إلى قطاع الصناعة من زاوية واحدة فقط، بل يجب أن تكون من كل الزوايا، ومعرفة المتغيرات المؤثرة عليه وكيف نحافظ على قدرته على المنافسة لزيادة التصدير.

وتساءلت «يمن الحماقى»  كيف تطالب حكومة الانقلاب المنتجين بتخفيض الأسعار لمواجهة التضخم، حتى يشعر المواطن بثمار الإصلاح الاقتصادى، وفى نفس الوقت تخطط هى لرفع أسعار الغاز ومدخلات الإنتاج على المصانع؟، مشيرة إلى أن رفع أسعار الطاقة معناه رفع تكلفة الإنتاج على المصنعين، وبالتالى لن يستطيعوا خفض الأسعار.

وكشفت أن ارتفاع أسعار الطاقة، بالإضافة إلى أسعار المياه والتكلفة الباهظة للفساد والبيروقراطية، أدى إلى إغلاق عدد كبير من المصانع المتوسطة والصغيرة، لأن المصانع الكبيرة فقط هى التى تستطيع تحمل هذه التكاليف، مستبعدة أن تستطيع حكومة العسكر خفض الأسعار وزيادة الصادرات.

وحذرت «يمن الحماقى»  من أنه إذا لم تأخذ حكومة الانقلاب بعين الاعتبار المصانع المتوسطة والصغيرة المتعثرة حاليا، وتضع خططًا واضحة لزيادة الطاقات الإنتاجية، تقلل من خلالها التكاليف، فإننا لن نصل إلى هدف زيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار، ولن نواجه الفقر كما ينبغى، ولن تنخفض الأسعار بالشكل المطلوب، لأنه لن يقوم أى مصنع ببيع منتج ما بأقل من التكلفة لمجرد أن حكومة الانقلاب طالبته بذلك .

 

ممارسات احتكارية

 

وأكد الخبير الاقتصادى الدكتور على الإدريسى، ،أن اتجاه حكومة الانقلاب لرفع أسعار الغاز على المصانع يكشف عن تناقض واضح فى سياساتها، متسائلا كيف تطالب هذه الحكومة المنتجين منذ أيام بضرورة خفض الأسعار، وتريد الآن رفع أسعار الغاز الذى يعتبر واحدًا من أهم مدخلات الإنتاج؟

وقال «الإدريسى» فى تصريحات صحفية : كيف ترفع حكومة الانقلاب أسعار السلع والخدمات التى يقتصر تسعيرها عليها مثل المحروقات والسجائر، بجانب زيادة أسعار الكهرباء والبنزين فى شهر أكتوبر المقبل، وفى نفس الوقت تطالب التجار والمنتجين بخفض الأسعار؟ محذرا من أن الغاز والمازوت والكهرباء مدخلات إنتاج أساسية، وبالتالى إذا زاد سعرها فإن تكلفة الإنتاج ستزيد هى الأخرى، ولن يستطيع المنتج تخفيض أسعار منتجاته بناء على ذلك، وبالتالى من سيتحمل العبء هو المواطن أو المستهلك النهائى للسلع.

وأشار إلى أنه بعد دعوة حكومة الانقلاب لخفض الأسعار لم تتراجع أسعار السلع الرئيسية، إلا الدواجن وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة وهو أمر طبيعى يحدث كل عام، وليس لحكومة الانقلاب يد فى الأمر، كما أن بعض السلع انخفضت أسعارها بسبب الركود التضخمى الشديد الذى مرت به مصر خلال العامين الماضيين وأبرزها السيارات .

وأوضح «الإدريسى» أنه حتى نشهد انخفاضا حقيقيا فى الأسعار، يجب على حكومة الانقلاب أن تمنح المنتجين والمصنعين حوافز لتشجيعهم على زيادة الإنتاج، وتشديد الرقابة على الأسواق، لأن هناك ممارسات احتكارية واضحة موجودة فى الأسواق، أبرزها تخفيض شركات الأسمنت أو الحديد للأسعار بشكل موحد، أو رفعها بشكل موحد، كأن هناك اتفاقات بين الشركات على التسعير، وهو أمر يشير إلى وجود ممارسات احتكارية فى الأسواق، وكذلك فى سلع عديدة أخرى.  

 

موجة غلاء

 

وشدد على ضرورة أن تبدأ حكومة الانقلاب بنفسها وتقوم بتخفيض أسعار السلع والخدمات المقتصر تسعيرها عليها، ثم تطالب المنتجين بتخفيض أسعار منتجاتهم.

وتوقع «الإدريسى» أن نشهد موجة من الارتفاعات المقبلة فى أسعار السلع قريبا، موضحا أن حكومة الانقلاب مجبرة على ذلك بسبب اتفاقها مع صندوق النقد الدولى وسعيها إلى الحصول على الموافقة على المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامجها مع الصندوق .

واعتبر أن ما نشهده حاليا من مطالبة حكومة الانقلاب بخفض الأسعار هو الهدوء الذى يسبق العاصفة.