على غرار اعتقال المحامي أيمن عصام محامي المستأجرين المعترضين على قانون الإيجار الجديد في يونيو الماضي، اعتقل جهاز الأمن الوطني بالإسكندرية عبد الله محمد المتحدث باسم أهالي منطقة طوسون بالإسكندرية التي ترغب الحكومة في إخلائها وتشريد 6000 أسرة.
وفي مشهد مفزع، توجهت قوة جهاز الأمن الوطني بمحافظة الإسكندرية إلى مقر عمل المواطن عبد الله محمد، المتحدث باسم أهالي طوسون، وذلك أثناء تواجده فيه باعتباره مندوب مبيعات بشركة “بافاريا” للإطفاء (الفرع الألماني) بمنطقة برج العرب – الإسكندرية.
اللافت أنه جرى أيضا إخفاء عبد الله محمد بعد اقتياده إلى جهة غير معلومة، ودون الإفصاح عن أسباب قانونية أو عرض على أي جهة تحقيق مختصة.
وفي تصريحات للمحامي محمد رمضان، وكيل عدد من أسر أهالي طوسون، إن عبد الله متحدث أهالي طوسون اعتقلته الأجهزة الخميس عقب محاولة سابقة من قوات الأمن باقتحام منزله أول أمس الثلاثاء في محاولة لإلقاء القبض عليه، إلا أنها لم تتمكن من ذلك لعدم تواجده بالمنزل في حينه.
وتقع منطقة طوسون في أبو قير – حي المنتزه ثان، ويقطنها ما يقارب 6 آلاف أسرة، جميعهم مهددون بفقدان مساكنهم، بسبب مشروع الطريق الدائري الجديد المزمع تنفيذه شرق الإسكندرية، والذي يستلزم إزالة عدد كبير من المباني السكنية.
وبموجب قرار صادر من محافظ الإسكندرية، قامت لجان حكومية بحصر 227 مبنى في المنطقة، من بينها كنيسة وخمسة طوابق وثلاثة مساجد، وقد أُبلغ السكان رسميًا أن الإزالة “مسألة وقت”، استنادًا إلى رأي إدارة المهندسين العسكريين.
وانتشر على جدران منازل وأبواب محلات منطقة طوسون بشرق الإسكندرية عبارة "لن نترك منازلنا" معلنين رفضهم لقرارات نزع الملكية المتعلقة بمسار مشروع الطريق الدائري الجديد في حين قال الأهالي: إن "الحكومة تشق طريقا جديدا (دائريا جديدا) في منطقة أبو قير بالإسكندرية، ضمن خطة "تطوير" من المتوقع أن تشمل إزالة عقارات في منطقة طوسون والمناطق المحيطة. وتشير التقديرات إلى أن المشروع قد يؤثر على 6000 أسرة، حيث تم بالفعل حصر عدد من المنازل استعداداً للعملية، وفقاً لوثائق" بحسب "مدى مصر".
وبعد انتشار العبارة استدعى رئيس مباحث حي المنتزه ثاني بالإسكندرية، عدداً من أهالي منطقة طوسون، وحذرهم من خطورة أي تحركات جماعية قد تُفسر باعتبارها «تسييساً» لقضيتهم.
وأبلغ رئيس مباحث المنطقة الأهالي مسؤولين في الحي رفضهم القاطع لترك منازلهم التي تعتزم الدولة إزالتها ضمن خطة لتطوير المنطقة وربط محور طريق المحمودية بمدينة أبو قير الجديدة، وعقب رفض رئيسة الحي مقابلة الأهالي، قاموا بوضع لافتات لن نترك بيوتنا والتي اعترف رئيس المباحث بأن أفراد أمن بزي مدني أزالوها في ساعات الفجر الأولى. وشدد الضابط على أن أي تعبير عن الرفض من خلال اللافتات يعتبره الأمن محاولة لتنظيم احتجاجات.
وتقدم الأهالي عبر محاميهم بشكاوى رسمية لرئاسة الجمهورية ووزارة النقل ومحافظ الإسكندرية، كما اقترحوا مسارًا بديلًا للطريق لتفادي تهجير السكان، إلا أن مقترحاتهم لم يتم النظر إليها.
ولم تُعلن الحكومة عن أي خطة للتعويض العادل أو توفير بدائل سكنية مناسبة، وهو ما يجعل آلاف الأسر مهددة بالتشريد القسري دون ضمانات قانونية أو اجتماعية في قضية ترحيل قسري وإزالات تمتد على مدى حكم العسكر وطالت آلاف المواطنين في مناطق مختلفة بمصر، بما يشكل انتهاكًا واضحًا للحق في السكن والعيش الكريم.
اعتقال أيمن عصام
وفي يونيو الماضي عبر محامون ومستأجرون عن فزعهم من توجيه اتهامات سياسية من نيابة أمن الدولة العليا التي قرّرت حبس المحامي أيمن عصام الممثل القانوني لرابطة الدفاع عن المستأجرين لمدة 15 يوماً احتياطياً بتهمة "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، وذلك بعد تحقيق استمر معه لمدة سبع ساعات في مقر النيابة بضاحية التجمع الخامس، شرقي العاصمة القاهرة منذ اعتقاله واخفائه ل3 أيام.
وقال المحامي خالد علي تعليقًا على اختفاء المحامي "أيمن عصام" المستشار القانوني لرابطة المستأجرين: "مش معقول يكون الحل عندكم في كل القضايا اللي تهم المجتمع هو القبض على بعض الناس لتسييد وجهة نظر معيّنة"
المحامي والحقوقي طارق عجاج Tarek Mohamed Agag قال: "بعد القبض علي الأستاذ أيمن عصام المحامي أحب أقولكم إن بكده يبقى قانون الإيجار القديم حتلبسوه يعني حتلبسوه.. ".
وأضاف، "حاتدفعوا إيجارا عاليا و بعد 7 سنين حاتبقوا في الشارع، أما وعود الدولة بتوفير سكن ليكم بعد السبع سنين ده المعني الحرفي للفنكوش".
نائب برلمان السيسي فريدي البياضي وعضو "الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي" قال: إن "أيمن عصام محامٍ مارس دوره المهني في الدفاع عن مستأجرين تضرروا من تعديلات مقترحة على قانون الإيجار القديم، ولا يجب أبدًا أن يتحول الدفاع عن حقوق المواطنين إلى مدخل للملاحقة أو الاتهام".
وأعلن رفض الحزب "بشكل قاطع استخدام التهم الفضفاضة كوسيلة للترهيب أو لإسكات الأصوات، إذ لا يُعقل أن يكون التعامل مع القضايا التي تمس الناس هو القبض على من يعبّر عن رأي مخالف، في محاولة لفرض رأي واحد وتكميم كل الأصوات الأخرى.".
واعتبر أن "..ما يحدث يمثل انتكاسة خطيرة لمبادئ دولة القانون، ويبعث برسائل مقلقة لكل من يعمل في الشأن العام أو يمارس دوره الطبيعي في الدفاع عن حقوق المواطنين." مشيرا إلى أن "العدالة لا تتحقق إلا في مناخ من الحرية، وأمن الوطن لا يمكن فصله عن احترام القانون والدستور.".
ومنعت سلطات الانقلاب المستأجرين من الانضمام لمؤتمر عقده حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالإسكندرية الجمعة الماضية حيث كان الحزب دعا عدد من قيادات الحزب ونشطاء بملف الإيجارات القديمة، وعدد من المستأجرين المتضررين من محاولات الإخلاء الجارية.
