علت أصواتٌ مشبوهة، مثل صوت محمود عباس رئيس سلطة التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني، ورجل الأعمال الطائفي نجيب ساويرس، الذي طُرح اسمه إلى جوار توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق و9 آخرين لإدارة قطاع غزة بعد المحرقة. هؤلاء يتهمون المقاومة ويشككون في خطواتها، معتبرين أنها تتصرّف بعنف وخارج إطار القانون، وكأن الحرب انتهت ودماء المجاهدين التي سالت قد نُسيت.
لا جدال في أنهم عملاء للاحتلال—فلسطينيون ليس كل الفلسطينيين كذلك—بل الغالبية ترى فيهم خيانة. يرون أنهم لا يستحقون أكثر مما استحقه أشرف مروان أو عزام عزام، اللذان نجايا من الإعدام بفضل عملاءٍ من مستوى أعلى على مرتبة تقارب المنسقين الأمنيين في رام الله أو في المحافل الماسونية في الجونة والغردقة.
مصدر أمني لمنصة "الحارس" التابعة لأمن المقاومة في غزة أكد تنفيذ أحكام الإعدام بحق المتخابرين مع الاحتلال أو المتورطين بجرائمٍ أمنية وجنائية، بعد استيفاء الإجراءات القانونية والقضائية، وحسب الأصول.
وأكدت "الحارس" أن "جميع الذين نفذت بحقهم أحكامٌ عقابية جرى التحقيق معهم والتحرّي الأمني حولهم، فضلًا عن توثيق ذلك، حتى خلال الحرب".
خطأ مفيد
ومما ارتكبته قناة "العربية" — التي وصفها الإعلامي يونس أبو جراد @YunusAbujarad بقناة الفتنة والراعية الإعلامية للكراهية والفوضى — خطأ كبير حين استضافت الشيخ حسني المغني، رئيس الهيئة العليا لشؤون العشائر في غزة، الذي صفعتها بغضبٍ على قفاها البليد.
ونقل أبو جراد (من أبناء غزة وقناة الأقصى) مقطعي فيديو نشرته القناة السعودية عبر فيه "المغني" عن موقفه وموقف قطاع واسع جدًا من شعبنا في غزة بوضوح شديد، وبشجاعةٍ يُشكر عليها، وسمّى هذه المجموعة الخارجة عن القانون والعميلة باسمها الحقيقي.
ووجّه له التحية: "كل مواقفك الوطنية الأصيلة يا شيخ حسني المغني، وأحسن الله إليك على صفع هذه القناة البذيئة، وهاردلك يا قناة بلا أخلاق".
https://x.com/YunusAbujarad/status/1978125502058561829
العلاقة مع سيناء
وللسيناء تاريخ مع ساويرس، الذي ثبتت في أراضيها أبراج شبكات اتصال شركة موبينيل التي نُقلت ملكيتها لاحقًا إلى الشركة الفرنسية (أورانج)، وقبلها وُظفت الشبكات في النقل المباشر إلى الشبكة المركزية في تل أبيب.
أما الميليشيات العميلة للاحتلال في غزة، فكانت هي نفسها التي نشطت في سيناء، بزعم أن الجيش المصري كان يحاربها؛ وهي ذاتها الميليشيات التي كان محمد دحلان يمولها حين كانت في سيناء، ثم حين عادت إلى غزة.
الصحفي نظام المهداوي @NezamMahdawi كشف أن "دور هذه الميليشيات أكبر وأقذر مما يُتصوّر؛ فقد اعتدت على حرائر غزة، وصوّرت بعضهن بدافع الابتزاز، لتجنيدهن جواسيس لصالح جيش الاحتلال".
وأكد أن طحنون بن زايد يشرف عليها بقوة، إلى جانب دحلان، من حيث التمويل والدعم والتخطيط، والهدف منها تنصيب الأخير حاكمًا على غزة بعد الخلاص من المقاومة.
وشدّد على أن كتائب القسام حققت إنجازًا يُحسب لها حين استهدفت هذه الميليشيات فورًا بعد انسحاب جيش الاحتلال، واستطاعت بالفعل فرض سيطرتها الأمنية داخل القطاع.
أسباب التراجع المؤكدة
الأستاذ بجامعة السلطان قابوس، د. حمود النوفلي، قال إن "الأسباب المحتملة لتراجع الصهاينة عن الاتفاق" تتمثل في: "أطراف عربية — للأسف — عملت خلال العامين الماضيين على تمويل وتسليح عملاء بالداخل كمليشيات قادرة على مواجهة حماس وتولي حكم غزة كما نجحت التجربة في السودان واليمن".
وأضاف: "لكن كان الصدمة فوق التوقع، عندما قامت حماس بالقبض على كل خلايا العملاء ومصادرة كل الأسلحة والمال، والأهم الحصول على معلومات كشفها العملاء عن مصدر التمويل والتسليح ومن يقف خلفهم. هذه ستفجر قنبلة وليست فضيحة فقط، مما يهدد بفشل المشروع المراد تنفيذه في غزة".
واعتبر النوفلي عبر (إكس) أن "من حسن حظ حماس أن هناك تنافسًا بين فريقين: أحدهما يدعم فتح والسلطة ويريد أن يمكّنها في غزة ليصبح له نفوذ مستقبلًا، والآخر يدعم فريق دحلان ويررفض إعطاء السلطة أي دور في غزة، فمصالحه ونفوذه لن ينفذها إلا دحلان. وكلا الطرفين يعادوان حماس".
وأشار إلى أن تنافس معسكر (دحلان–عباس) ساعد حماس في كشف الطرفين، فحماس بدهاء وذكاء طيلة عامين كانت تراقب وتجمع المعلومات دون أن تظهر أنها مكتشفة المؤامرة. وكلا الطرفين سال لعابهما ودعما كل فريق بالكثير من المال والسلاح، حيث "ما غَنِمته حماس من هذه الأسلحة والأموال سوف يقوّي قبضتها الأمنية".
وأضاف @hamoodalnoofli أن "القبائل والعملاء انصدموا أن الكل تخلى عنهم وتركهم لعقاب وحدة 'سهم'، وهذا جعل الكثير يسلم نفسه ويبلغ على غيره. كلها أسبوع ولن يبقَ عميل — بإذن الله — عدا عملاء الاحتلال السريين، وهم عدد قليل جدًا. لذلك ولو عادت الحرب فإن العدو فقد عيونه التي يُبصر بها في غزة؛ وأن يجد عيونًا جديدة سيكون صعبًا جدًا جدًا بعد الرعب الذي عاشه العملاء وهم يرون زملاءهم يُعدمون في الساحات".
اليوم التالي حمساوي
وبرأي البعض اليوم التالي حمساوي صميم بعد أن صُفّيت الخونة والعملاء قصاصًا كمبدأ شرعي وحقوقي مطلوب لذاته قبل أي شيء، تحقيقًا للعدالة الناجزة.
الصحفي حسين عبد الظاهر رأى أن "كثيرًا من التجارب أثبتت أن التأخير في مثل هذه الأمور يفتح أبوابًا للمماحكات والمفاوضات والمهاترات التي لا فائدة من ورائها سوى إهدار الوقت وقبل ذلك إهدار الحقوق".
وكأنه يبعث رسالة إلى الداخل وساويرس ضمنها، أضاف "عبد الظاهر" أن "ترك هذا الجيب من الخونة والعملاء يشجع على استنساخ حفتر أو حميدتي جديد وتكوين ميليشيات 'بلاك بلوك' و'الدعم السريع' لتصير أداة لإنهاك الشعب الفلسطيني في القطاع واستنزاف طاقاته.. وهناك الممولون المستعدون لمد يد العون وإغداق الأموال".
واعتبر أن الرسالة الواضحة التي أرسلتها حماس هي أنها ما تزال صاحبة "اليد العليا في إدارة القطاع والقضاء على كل من تسول له نفسه التعاون مع الكيان"، وأنه لا تهاون "بأي شكل من الأشكال مع من يثبت تورطه في علاقة آثمة مع الكيان حتى ولو كان — أقول لو كان — من أبناء الحركة نفسها". داعيًا بقية الحركات الإسلامية إلى السير على نفس قدر الوعي في قراءة السنة النبوية ومفهوم تحقيق العدالة الناجزة، والتي لا تتعارض البتّة مع السلم والسلام والسلميّة.
المدافعون بصدر مفتوح
وعن من يدعم الميليشيات في غزة، أشار الباحث محمد الفاتح عبر فيسبوك إلى أنه، عوضًا عن دعم الكيان "بكل قوته المعلوماتية والاستخباراتية والمادية، فإن الرجال (المقاومة) بالتعاون مع الأهالي لهم بالمرصاد. فإن المتابعين سيسمعون كما هي العادة أصواتًا مشبوهة تتهم المقاومة بأنها تتصرف (بعنف) أو (خارج القانون)، وكأنها نسيت أن الحرب قائمة وأن الخيانة لا تُعالج باللين".
ومن هؤلاء من أخرج ما في صدره من حقد دفين، كالنصراني (ساويرس) الذي سارع إلى التشكيك في المقاومة؛ وهو الذي كان يطمع مع البريطاني توني بلير أن يكون لهما موطئ نفوذ في القطاع، لكن المقاومة أفشلت أحلامهم فثار غيظه، وأخرج الصليبية التي في قلبه يحاول بها تشويه المرابطين.
واعتبر أن ساويرس "يتحدث عن القانون لأول مرة منذ 24 شهرًا من الحرب، لم ينطق بكلمة حق واحدة ضد العدو الذي ارتكب جرائم لا تفعلها إلا جيوش التتار ولا أفعالها إلا الصليبيون في محاكم تفتيشهم".
وأشار إلى أن ساويرس "لا يختلف كثيرًا عن جده (المعلم يعقوب) الذي خان مصر وتحالف مع نابليون بونابرت ضد شعبه، فكون جيشًا نصرانيًا قاتل أبناء بلده في مصر والشام، حتى كانت نهايته آية وعبرة؛ إذ مات أثناء رحلة السفن الفرنسية إلى أوروبا، ولما انتن جسده في الطريق ألقوه في البحر".
ولفت إلى أن "التاريخ يعيد نفسه بأشكال مختلفة، لكن العبرة واحدة: من خان أمته باع نفسه للعدو؛ ومن خان دينه لفظته الأرض والبحر. أما من ثبت مع المقاومة، فهؤلاء هم من حفظ الله بهم الكرامة والعقيدة والدم".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=3431544430322066&set=a.289892634487277