الدعاية السعودية بين التحرّيض على حماس والإخوان والانفتاح على حزب الله

- ‎فيعربي ودولي

تُظهر تطورات أخيرة أن السياسة السعودية لم تعد أسيرة ثنائيات العداء المطلق أو التحالف الكامل، التي كانت معتادة لديها، بل باتت أكثر مرونة في إعادة التموضع وفق مصالحها الآنية.

ورأى مراقبون أن الدعاية السوداء ضد حماس والإخوان تمثل الوجه الإعلامي لهذه السياسة، بينما محاولات التطبيع مع “إسرائيل” والانفتاح على حزب الله تمثل وجهها السياسي.

وأشاروا إلى أنه يبقى عامل التطبيع مع الكيان هو المحدد الأكبر لمسار هذه التحولات إرضاء للبيت الأبيض، إذ تخشى الرياض من أن يقود التصعيد “الإسرائيلي” إلى حرب إقليمية لا تستطيع السيطرة عليها، وهو ما يجعلها تبحث عن شركاء ظرفيين حتى لو كانوا خصوم الأمس.

وتتبنى قنوات السعودية الرسمية مثل قناة العربية خطابًا هجوميًا ضد حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين عبر ما يُعرف بـ”الدعاية السوداء”، ومن جهة أخرى، تظهر مؤشرات على انفتاح تكتيكي تجاه حزب الله بوساطة إيرانية، إضافة إلى محاولات سابقة للتطبيع مع إسرائيل قبل أن تتعطل بفعل أحداث أكتوبر 2023، هذا التناقض يعكس طبيعة السياسة السعودية القائمة على البراغماتية وإعادة التموضع وفق مقتضيات اللحظة.

 

وكشف الأكاديمي السعودي د.أحمد بن راشد بن سعيد أن هذا الاتجاه المتمثل في  الدعاية السوداء ضد حماس والإخوان له آلية التنفيذ عبر قناتا العربية والحدث تُنتجان أخبارًا ملفقة تُنسب إلى “مصادر في حماس”، بينما تكون هي من صاغها، هذا الأسلوب يجعل الأكاذيب تبدو وكأنها صادرة من داخل الحركة نفسها، فيُقال: “وشهد شاهد من أهلها”.

 

وأشار (@TheLoveLiberty) إلى أن لذلك 3 أهداف هي؛ تشويه صورة الحركة أمام جمهورها، وإضعاف ثقة أنصارها بقيادتها، وإشغالها في الرد على اتهامات داخلية بدلًا من مواجهة خصومها الخارجيين.

وحذر من أن الدعاية من هذا النوع من أدنى مستويات الانحطاط الأخلاقي في الإعلام، لأنه لا يكتفي بتلفيق الأكاذيب، بل ينسبها إلى المستهدف نفسه، مما يضاعف أثرها النفسي والسياسي.

ولفت أحمد بن راشد بن سعيّد إلى أن التعريف المتعارف عليه ل”الدعاية السوداء” أنها نوع من الدعاية يُنسب فيها الخبر أو المعلومة إلى مصدر مزعوم داخل الجهة المستهدفة، بينما يكون المصدر الحقيقي هو الجهة التي صنعت الرسالة، الهدف هو إضفاء مصداقية زائفة على الرواية، وإرباك الجمهور المستهدف، وإشغال الحركة في الدفاع عن نفسها بدلًا من الهجوم.

 

https://x.com/TheLoveLiberty/status/1997042107811586314

 

مقابل غير متوقع لانفتاح سعودي على “حزب الله”

ونقل الناشط السعودي مفتاح @keymiftah79  تقرير صادم عن موقع (THE CRADLE) أشار إلى أن  السعودية تفتح “فصلًا جديدًا” مع حزب الله بوساطة إيرانية.

وأشار التقرير إلى خلفية العداء؛ لطالما سعت السعودية إلى تقليص نفوذ حزب الله في لبنان، وضغطت على الحكومة اللبنانية لتنفيذ خطط تهدف إلى تهميشه سياسيًا وتجريده من سلاحه.

 

وعن التحول التكتيكي قال الموقع: إنه “في سبتمبر 2023، دعا الشيخ نعيم قاسم، خليفة نصر الله، إلى فتح “فصل جديد” مع الرياض، في خطوة غير مسبوقة. هذا التصريح لم يكن عفويًا، بل جاء ضمن رسائل إيرانية نُقلت إلى السعودية عبر علي لاريجاني”.

 

وتابع الموقع أن المحادثات السرية بين الجانبين جرت ثلاث جولات غير مباشرة من المحادثات بين الطرفين في طهران، برعاية إيرانية، تناولت الجولة الأولى التهدئة السياسية، بينما ركزت الجولتان الأخيرتان على ملفات أمنية حساسة.

 

التفاهمات المبدئية

 

تخفيف الضغط السعودي على حزب الله في لبنان.

 

التخلي عن مطلب نزع سلاحه بشكل فوري.

 

التزام حزب الله بعدم استخدام أسلحته في سوريا.

 

التعاون في مكافحة شبكات تهريب المخدرات.

 

الدوافع السعودية

 

إدراك أن حزب الله يشكل حاجزًا استراتيجيًا أمام عدوانية إسرائيل.

 

فقدان الثقة الخليجية بواشنطن في مواجهة الاستفزازات الإسرائيلية.

 

الحاجة إلى استقرار يسمح باستثمارات اقتصادية في لبنان.

 

واعتبر “ذي كرادل” أن طبيعة العلاقة؛ ليست تحالفًا ولا مصالحة كاملة، بل إعادة تموضع تكتيكي يفرضه الواقع الإقليمي، حيث العدو المشترك هو التصعيد الإسرائيلي غير المتوقع.

 

 

مساعي التطبيع مع إسرائيل

ومن جانب ثالث، كشفت وثيقة صيف 2023 (قبيل 7 أكتوبر) عن تقارير أن السعودية والولايات المتحدة صاغتا وثيقة حول “العنصر الفلسطيني في اتفاق التطبيع”، تضمنت تنازلات متواضعة من إسرائيل، مثل إعادة تصنيف بعض مناطق الضفة الغربية لصالح السلطة الفلسطينية.

 

وأن الموقف الأمريكي ظهرت فيه واشنطن تسعى لتسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن الرياض أبدت تحفظًا على الجدول الزمني، رغم وجود توافق مبدئي.

في حين كان الموقف الصهيوني يشير إلى توقع نتنياهو تعديل الوثيقة بما يضمن تأجيل أو منع إقامة دولة فلسطينية، لكنه كان مرتاحًا للخطوات المتواضعة المطروحة.

واعتبرت التقارير أن التحول المفاجئ كان هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 الذي قلب أجندة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن رأسًا على عقب، وأجبر واشنطن على تعليق جهود الوساطة، بذلك تعطلت مساعي التطبيع التي كانت قريبة من التحقق.

 

وخلصت هذه التقارير إلى ا، السعودية تتحرك وفق مبدأ “التباعد الاستراتيجي والتقارب التكتيكي”، فهي لا تزال تعتبر حزب الله خصمًا، لكنها مضطرة للتعامل معه، كما أنها لا تزال ترى في التطبيع مع إسرائيل خيارًا استراتيجيًا، لكنه مؤجل بفعل الظروف.

وأن التحريض ضد حماس والإخوان يعكس رغبة الرياض في تقويض الحركات الإسلامية التي تراها تهديدًا داخليًا وإقليميًا وأن محاولات التطبيع مع إسرائيل: تكشف عن توجه سعودي نحو إعادة صياغة علاقاتها الإقليمية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، حتى لو كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية.

في حين ترى أن الانفتاح على حزب الله؛ يعكس براغماتية جديدة، حيث لم يعد العداء المطلق مجديًا، بل أصبح التعاون المحدود ضرورة لتجنب الانجرار إلى حرب إقليمية واسعة.