اتفق بعض المحللين العسكريين والسياسيين مع الرأي الذي يرى أن تصريحات اللواء سمير فرج حول صعوبة إرسال قوات دولية إلى غزة هي أقرب إلى "قنابل دخان إعلامية"، في وقت ألزم الموقف المصري الرسمي نفسه بخطة ترامب التي تشير إلى تكوين قوة دولية مهمتها إنهاء تسليح حركة حماس وليس على قدر مراقبة وقف إطلاق النار من منطق أممي كما هو أخيرا في لبنان.
وقال مراقبون مصريون وعرب إن تصريحات فرج الأخيرة حول حماس وإحياء القضية الفلسطينية جاءت "بنبرة مغايرة" عن الخطاب الرسمي، ما يعكس أنه يقدم قراءة شخصية أكثر من كونها موقفًا رسميًا.
في مقابلات لاحقة، أكد فرج أن مصر ترفض التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يتفق مع الخطاب الرسمي، لكنه في الوقت نفسه شدد على أن مهمة نزع سلاح حماس عبر قوات دولية ستكون شبه مستحيلة، وهو ما ينسجم مع الرأي القائل بأن تصريحاته أقرب إلى التهدئة الإعلامية.
وأوضح محللون على الجزيرة مباشر أن فرج نفسه اعترف بدور حماس في "إحياء القضية الفلسطينية"، وهو ما أثار جدلًا داخل مصر، لأن هذا الموقف بدا أكثر مرونة من الخطاب الرسمي الذي يركز على الوساطة دون إظهار تعاطف مع المقاومة.
وبات الموقف الرسمي المصري هو في موافقة على خطة ترامب في مجلس الأمن، بما فيها نزع سلاح حماس والمشاركة في قوة دولية. أما تصريحات سمير فرج فهي مجرد تحليل عسكري يبرز صعوبة التنفيذ، ويُستخدم إعلاميًا لتبريد الساحة الداخلية وإظهار أن مصر "وسيط" لا طرف مباشر.
المحللون المتفقون مع أن فرج يقدم خطابًا مزدوجًا، يوازن بين إظهار مصر كوسيط محايد وبين تمرير رسائل تخفف من حدة الالتزام الرسمي، وهو ما يجعل تصريحاته أقرب إلى "قنابل دخان" إعلامية.
وممن تناول تصريحات اللواء سمير فرج وموقف مصر من خطة ترامب بشأن غزة أحمد موسى الذراع الإعلامية والمقرب من المؤسسة الرسمية إضافة إلى تقارير تحليلية على منصات مثل الجزيرة مباشر والبوابة نيوز التي استضافت خبراء استراتيجيين للتعليق على الموقف.
وقال يوسف الغمراوي على موقع (صدى البلد): "مصر رفضت بشكل قاطع أي مقترحات إسرائيلية أو أمريكية لتولي إدارة غزة أو نزع سلاح المقاومة، واعتبر تصريحات فرج انعكاسًا لهذا الرفض الرسميط.
وكان الخبير العسكري السابق اللواء سمير فرج قال إن مصر تتعامل مع الوضع في غزة على أنها وسيط لا تتدخل باتخاذ أي قرارات.
وفي مقابلة على (الجزيرة مباشر) السبت، قال فرج ردا على سؤال حول موقف مصر من نشر قوات دولية في قطاع غزة إن “مصر حتى الآن لم تعلن رسميا ما هو موقفها أو رأيها في هذا الموضوع لأن مصر تتعامل على أنها وسيط ليس لها أن تتخذ أي قرارات بل تحاول تقريب وجهات النظر”. لكن فرج، من وجهة نظره كخبير عسكري، أشار إلى أن الموقف سيكون صعبا في حال تكليف قوات دولية بنزع سلاح حماس مردفا “لم يحدث في السابق أن تولت قوات دولية مثل هذا العمل وأعتقد أن أمريكا ستكون حريصة في تنفيذ هذا العمل”.
وبرر فرج استنتاجه بأن أغلب الدول ستتردد بشكل كبير في إرسال قوات للمشاركة في هذه المهمة حال تكليفها بنزع سلاح حماس “لأنها ستقاتل وستشتبك وستتكبد خسائر”. وخلص فرج إلى أن المرحلة الثانية من تنفيذ خطة ترامب لوقف الحرب أصبحت أكثر تشابكا وأكثر تعقيدا “خاصة وأن أمريكا مع الرأي الإسرائيلي بأنه يجب أن يتم نزع سلاح حماس”.
وما طرحه سمير فرج في مقابلته الأخيرة على الجزيرة مباشر (23 نوفمبر 2025) يفتح بابًا مهمًا للنقاش حول الموقف المصري الرسمي مقابل التحليلات العسكرية والإعلامية.
ففي مجلس الأمن، مصر بالفعل وافقت على خطة ترامب التي تضمنت بندًا عن نزع سلاح حماس، والمشاركة في قوة دولية لإدارة غزة وهو ما يعني أن الموقف الرسمي المصري أقرب إلى الانخراط في ترتيبات دولية، ولو بشكل محدود، بينما تصريحات فرج تُظهر تحفظًا وتحليلًا لصعوبة التنفيذ.
يمكن قراءة كلامه كـ قنابل دخان إعلامية: أي محاولة لتخفيف الضغط الشعبي عبر الإيحاء بأن مصر ليست ملتزمة بعد، وأن الأمر ما زال في إطار الوساطة.
لكن في الواقع، موافقة مصر في مجلس الأمن تعني أن هناك التزامًا سياسيًا، حتى لو لم يُترجم بعد إلى خطوات عملية على الأرض.
وجدّد إعلاميو النظام زعمهم أن المقاومة هُزمت، مؤكدةً حرصها على نزع سلاحها، ووضعه تحت مراقبة دولية بإشراف "إسرائيلي"، وأن الادعاء أن حـماس ستوافق على ذلك مرغمة، ومشيرةً إلى أن الخطر يكمن في هيمنة عقيدة حـماس الإسلامية على غزة، وتغلغل المنتمين إليها في المجتمع الفلسطيني، وحتى في المنظمات الدولية كالأونروا، وهو نفسُه خطابُ نتنياهو وبن غفير.
