قبل أسبوع واحد فقط من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن بدء تصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية، نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى—والمعروف على نطاق واسع بأنه الذراع البحثي والفكري الرئيسي للوبي الصهيوني في واشنطن (AIPAC)—مقالًا لباحثين من طاقمه يدعوان فيه الإدارة الأميركية إلى حظر هذه الفروع تحديدًا، دون غيرها.
وعبر الأكاديمي د.خليل العناني عن أن ما لفته هو التوقيت والدقة هنا لا يمكن اعتباره مصادفة بريئة، بل يفتح الباب أمام احتمالين رئيسيين:
1. وجود معرفة مسبقة داخلية لدى الباحثين بما ستقدم عليه الإدارة بعد أسبوع، بحكم ارتباطهم بمصادر نافذة داخل البيت الأبيض ومؤسسات صنع القرار، وبالتالي دعم قرار التصنيف تحت غطاء بحثي.
2. أو أن الإدارة الأميركية تبنت التوصية كما هي، ونفذتها حرفيًا بعد نشر المقال، في مؤشر على درجة التأثير التي يمارسها اللوبي الصهيوني ومراكز أبحاثه على سياسات واشنطن.
واعتبر Khalil Al-Anani على فيسبوك أنه "وفي كلا الاحتمالين، فإن المعنى واضح: قرار التصنيف لم يُصنع في واشنطن بقدر ما صِيغ في تل أبيب ثم مرّ عبر قنوات النفوذ إلى البيت الأبيض، ليكتسب غطاءً قانونيًا وتنفيذيًا لا أكثر.".
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/nhj-akthr-falyt-lmwajht-alakhwan-almslmyn
وأصدر ترامب أمرا تنفيذياً لدراسة تصنيف بعض فروع “الإخوان” منظمات إرهابية وشمل الأمر التنفيذي فروع الجماعة في مصر والأردن ولبنان وركز على ما اسماه "مواجهة الشبكة العابرة للحدود"! مدعيا أن تلك الفروع ترتكب وتسهّل وتدعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التي تضر بمناطقها ومواطنيها.
وعلق المستشار الكويتي ناصر الدويلة @nasser_duwailah "أفتى آية الغرب العظمى المهيب الركن ترامب مفتي المداخلة المبجل بأن ما يقوله مشايخ المداخلة منذ سنين عن الإخوان المسلمين صحيح، و هو يؤيدهم و يأخذ بيدهم إلى حيث يمضي.".
وتابع :"..فأعلن فتواه التي طارت بها الركبان أن الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، و انتهى الدرس يا إخوان كشفكم ترامب شيخ مشايخ الجامية، و يجب تسليم أرواحكم للسجون و العدوان وهذا شيء اعتدتم عليه منذ ٨٠ عاما، و لن يتغير شيء إذا قبلتم فتوى ترامب مفتي الديار فستنعم الديار بالأمن و الأمان و يعم الفرح و السرور، و أما السجون فهذه لها رواية أخرى عندكم لم نستطع فهمها و نسأل الله أن يرفع عنكم، ولا يبتلينا بفهمكم و لا ببلواكم .".
https://twitter.com/nasser_duwailah/status/1993006835092308205
وماذا بعد؟!
أما المحلل السياسي الفلسطيني د. ياسر الزعاترة وعبر @YZaatreh فاستطرد محللا توابع قرار ترامب لتصنّيف "الإخوان" جماعة "إرهابية، مضيفا إلى أن هذا هذا، هو مطلب الصهاينة والمتصهْينين، لكنه دعاية مجانية للجماعة، بصرف النظر عن توصيفاتها التي تختلف أصلا من بلد إلى آخر، كما يختلف دورها وحضورها وتصنيفها أيضا.".
وأشار إلى أن ترامب لم يعد معنيّا بقصة "الدمقرطة" و"الحريات"، فهو تاجر بلطجي قبل أي شيء آخر، " موضحا أن قمع أكبر تيار سياسي في أي بلد، لا يعني غير شطب الديمقراطية والحريات، حتى لو تمّت تغطية ذلك بانتخابات صورية، فضلا عن تجاهل الصناديق بالكامل.".
واعتبر أن المعضلة أن "الأمر قد يتجاوز الدول العربية إلى الجاليات المُسلمة في أمريكا ودول الغرب، لأن ربط أي نشاط إسلامي بالجماعة لن يكون أمرا صعبا، إذا قرّرت السياسة ذلك، ومن ضمنه تعزيز ظاهرة "الإسلاموفوبيا".".
ولفت إلى أن "الحمقى فقط هُم من يعتقدون أن "الإخوان" جماعة أو "تنظيما دوليا" بالمعنى المتداول، إذ أنها في الحقيقة تيّار فكري وسياسي يحمل مُسمّيات مختلفة، بحسب الظروف الموضوعية السائدة في كل بلد.".
وخلص إلى أنه "الفصل بين استهداف الجماعة أو تجريمها، وبين مطاردة "التديّن" كحالة تمنحها الحاضنة، ومعها كل قوى "الإسلام السياسي"، لا يبدو واقعيا.".
وأوضح أن "هذه المعادلة القادمة إذا فعَّلها ترامب، تبدو نقيضا واضحا لمعادلة الثمانينات حين انحازت أمريكا للظاهرة الإسلامية في مواجهة الشيوعية، والسبب أنها تعتبر "التيار الإسلامي" عقبة كبرى في مواجهة مشروعها للهيْمنة على المنطقة.".
وتساءل : "هل ستواصل أمريكا هذا الجنون بعد ترامب، أم سيتراجع مع انحسار النفوذ الصهيوني بوصفه المحرّض على "الإخوان"، ولا سيما "حماس" المحسوبة من تيارهم؟!".
وأجاب أنه "يصعب الجزم، لأن المُقاربة أعلاه قد تستمر، لكن النتيجة التي نؤمن بها هي أن هذا الدين كان وسيبقى عصيّا على محاولات التغييب، ولو لم يكن كذلك لاندثر منذ زمن بعيد تبعا لضخامة الهجمات التي تعرّض لها على مدار القرون.".
https://x.com/YZaatreh/status/1992660155213791395
دقت على الرؤوس طبول،
واستخدم الكاتب والمحلل السياسي قطب العربي هذا المعنى الشعبي من استعداد الإخوان لمواجهة أشرس المستبدين، وإن كانوا في البيت الأسود الأمريكي.
وعبر Kotb El Araby قال "دون الدخول في تفاصيل قرار إدارة ترامب بتصنيف إخوان مصر كجماعة إرهابية (حين تكتمل إجراءاته) لا يضيف جديدا، فالإخوان تم حلها ومصادرة ممتلكاتها وحبس قادتها وفصل منتسبيها المعروفين الخ ..كل ما سيقدمه القرار (حين يصدر) هو شو إعلامي، يرضي به ترامب نزعته الشيطانية، ويرضي جمهوره المسيحي الصهيوني ويرضي حليفه الأهم الكيان الغاصب وحلفائه الأقل أهمية في الدول العربية، وتنسب وسائل إعلامهم أفراحا بهذا النصر الوهمي ..وكلها ٣ سنوات أو ربما أقل ويخرج ترامب من البيت الأبيض إلى بيته أو ربما إلى السجن ، ويسقط معه هذا القرار ..ويا ما دقت على الرأس طبول
لم يبن القرار على دليل
وعلق الباحث والمحلل السياسي اليمني "نور الدين مهري" محللا على الظهور المفاجئ ل"مشروع تصنيف الإخوان المسلمين إرهابيين؟" وقال إن "القرار لم يُبنَ على أدلة، بل بُنِي على صفقة".
وقال: "ومن دفعوا الفاتورة هم أنظمة خائفة، نسقت مع جماعات ضغط صهيونية مرعوبة، وهؤلاء وجدوا رئيسا يعتبر السياسة مزادا علنيا، ومن يدفع أكثر يربح القرار، فاستغلوا وجوده ليمرروا قرارا طالما أخفقوا في تمريره سابقا".
وعن لماذا "الإصرار العربي–الصهيوني على شيطنة الإخوان؟ " قال: " لأنهم بكل بساطة فعلوا ما تعجز الأنظمة العربية عن فعله منذ عقود طويلة: وصلوا إلى الناس، دخلوا الانتخابات ففازوا، اقتربوا من المجتمع فاحتضنهم، تقدموا بمشروع وطني فوثقت بهم الشعوب، وهذا ما لا تحتمله الأنظمة الوراثية والعسكرية في العالم العربي: أن يرى الناس نموذجا ناجحا، ذا جذور شعبية، يتداول السلطة دون دم، في حين أنها هي لا تحكم إلا بالحديد والنار.".
وأشار إلى أن " الخوف العربي من الإخوان ليس خوفا من فكر متطرف، فالجميع يعرف أنّ أدبيات الإخوان أبعد ما تكون عن العنف، بل خوف من شرعية شعبية حقيقية لو تُركت تنمو لأطاحت بأنظمة كاملة.. ".
وبالمقابل أوضح أن "الكيان الصهيوني، فحساباته أوضح: الإخوان بفكرهم، وعمقهم الشعبي، وامتدادهم الإقليمي يمثلون الخطر الوحيد طويل المدى على وجوده، ليس سلاحا فقط، بل مشروعا نهضويا إذا نضج سيغيّر موازين القوة في المنطقة كلها.".
الشريك العربي للصهاينة
وأبان أنه "لا غرابة أن يكون هذا المحور العربي–الصهيوني هو صاحب فكرة التصنيف، وترامب مجرد بزنس، أعطى توقيعه مقابل العمولة، ولو كان للإخوان أموال فأعطوه أكثر مما دُفع له، لاعتبر الأنظمة العربية إرهابية ".
وعن "هل الإخوان جماعة إرهابية حقيقة أم هم ضحايا الإرهاب؟ أشار إلى صياغات أخرى للسؤال مثل: " هل توجد جماعة في العالم العربي تعرضت لانقلابات، واعتقالات، ومجازر، وإعدامات، ثم اختارت السلمية رغم قدرتها على الرد؟ ".
وأضاف أن "المشهد التاريخي واضح: في مصر، أُسقطوا بانقلاب دموي، فاختاروا الشوارع لا السلاح، وقالوا مقولتهم المشهورة: "سلميتنا أقوى من الرصاص". وفي تونس، أُخرجوا من الحكم، فلم يحملوا إلا البيان والاحتجاج، وفي الجزائر والسودان والمغرب، مارسوا السياسة بأدوات السياسة.".
وخلص إلى أن "هذه ليست سلوكيات جماعة إرهابية، بل سلوكيات مدرسة سياسية عميقة الجذور، تدرك أنّ أخطر أنواع القوة هي القوة الأخلاقية.
أما الجماعات الإرهابية الحقيقية، فقد أجمعت على اعتبار الإخوان جماعة ضالة خائنة، لأنها ترفض التكفير والعنف واستعمال السلاح، فكيف تصبح جماعة إرهابية، وهي مرفوضة من الإرهابيين؟!".
