اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قوات الدعم السريع وحلفاءها، بارتكاب أعمال تطهير عرقي في منطقة غرب دارفور السودانية.
وقالت المنظمة: إن “نطاق عمليات القتل، أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت قوات الدعم السريع أرادت قتل عدد من أفراد عرقية المساليت في غرب دارفور، مما قد يشير إلى إبادة جماعية محتملة”.
وأضافت “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته الخميس أن هجمات قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان، من أبريل إلى نوفمبر 2023، قتلت آلاف الأشخاص على الأقل، وهجرت مئات آلاف.
وفي غرب دارفور، ارتُكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة النطاق في سياق حملة تطهير عرقي ضد جماعة المساليت العرقية وغيرها من السكان غير العرب في الجنينة وما حولها.
انتهاكات خطيرة
وفي تقرير بعنوان {السودان، تطهير عرقي في غرب دارفور} قالت هيومن رايتس ووتش: إنه “الدعم السريع ارتكب انتهاكات خطيرة استهدفت إثنية المساليت وغيرهم من الجماعات غير العربية، بهدف مفترض هو في الأدنى دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، ما يشكل تطهيرا عرقيا”.
ودعت المنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى فرض حظر على الأسلحة على السودان بشكل طارئ، ومعاقبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم خطيرة، ونشر بعثة لحماية المدنيين.
وكشفت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، عن أسماء الجماعات المتحالفة مع الدعم السريع في تنفيذ هذه الانتهاكات التي تتنوع بين القتل والحرق التعذيب والاغتصاب والنهب والتهجير ومنها؛ الميليشيات العربية المتحالفة معها، بما فيها الجبهة الثالثة تمازج، وهي جماعة مسلحة، باستهداف أحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من المساليت في هجمات متواصلة بين أبريل ويونيو 2023.
وأوضحت أن الانتهاكات أدت إلى فرار أكثر من نصف مليون لاجئ من غرب دارفور إلى تشاد منذ أبريل 2023، حتى أواخر أكتوبر 2023، كان 75% منهم من الجنينة.
استهداف المساليت
وقالت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية لـ هيومن رايتس ووتش: “استهداف إثنية المساليت وغيرها من الجماعات غير العربية بالانتهاكات الخطيرة، بهدف مفترض هو في الحد الأدنى دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، يشكّل تطهيرا عرقيا، كما أن السياق الخاص الذي وقعت فيه عمليات القتل الواسعة النطاق يثير أيضا احتمال أن تكون لدى قوات الدعم السريع وحلفائها نية تدمير المساليت كليا أو جزئيا في غرب دارفور على الأقل، ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث هناك”.
وقالت حسن: “التقاعس العالمي عن مواجهة فظائع بهذا الحجم غير مقبول، على الحكومات ضمان محاسبة المسؤولين، بسبلٍ تشمل فرض عقوبات موجهة وتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية”.
مقابلات ومقاطع فيديو
وعن آلية التوثيق كشفت هيومن رايتس ووتش عن لقائها أكثر من 220 شخصا في تشاد وأوغندا وكينيا وجنوب السودان، وكذلك عن بعد، وراجع باحثون المنظمة وحللوا أكثر من 120 صورة وفيديو للأحداث، وصورا من الأقمار الصناعية، ووثائق شاركتها منظمات إنسانية لدعم الروايات عن وقوع انتهاكات جسيمة.
وقال التقرير: إن “أعمال العنف في الجنينة بدأت بعد 9 أيام من اندلاع القتال في الخرطوم، عاصمة السودان، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، صباح 24 أبريل، اشتبكت قوات الدعم السريع مع قافلة عسكرية سودانية كانت تعبر الجنينة، ثم هاجمت قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها أحياء ذات أغلبية من المساليت، واشتبكت مع جماعات مسلحة ذات أغلبية من المساليت تدافع عن مناطقها”.
مذبحة 15 يونيو
وقال التقرير: إن “العنف بلغ ذروته في مذبحة واسعة في 15 يونيو، عندما أطلقت قوات الدعم السريع وحلفاؤها النار على قافلة من المدنيين بطول كيلومتر، كانوا يحاولون الفرار يائسين، برفقة مقاتلين من المساليت”.
وإن مجريات المذبحة، لاحقت فيها قوات الدعم السريع والميليشيات واعتقلت، وأطلقت النار على الرجال والنساء والأطفال الذين كانوا يركضون في الشوارع أو يحاولون السباحة إلى الضفة الأخرى لنهر كَجَّا الهادر، وغرق كثير منهم، لم يسلم حتى كبار السن والجرحى.
استهداف القبائل العربية
كما وثّقت هيومن رايتس ووتش مقتل السكان العرب ونهب الأحياء العربية على يد قوات المساليت، واستخدام القوات المسلحة السودانية الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان بطرق تسببت بضرر غير ضروري للمدنيين والأعيان المدنية.
وصعّدت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها انتهاكاتها مرة أخرى في نوفمبر، واستهدفت السكان المساليت الذين لجأوا إلى منطقة أردمتا في الجنينة، واعتقلت رجالا وصِبية من المساليت، وبحسب الأمم المتحدة، قتلت ألف شخص على الأقل.
وخلال هذه الانتهاكات، تعرضت النساء والفتيات للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، وتعرض المعتقلون للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، دمر المهاجمون بشكل منهجي البنية التحتية المدنية الحيوية، واستهدفوا الأحياء والمواقع، بما فيها المدارس، في المجتمعات النازحة التي تتشكل غالبيتها من المساليت، نهبوا على نطاق واسع؛ وأحرقوا الأحياء وقصفوها وهدموها كليا، بعد إفراغها من سكانها.
وحددت هيومن رايتس ووتش قائد قوات الدعم السريع، محمد حميدتي حمدان دقلو، وشقيقه عبد الرحيم حمدان دقلو، وقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور جمعة بارك الله، باعتبارهم من يتحملون مسؤولية قيادة القوات التي نفذت هذه الجرائم.
كما حددت هيومن رايتس ووتش حلفاء قوات الدعم السريع، بمن فيهم قائد جماعة تمازج المسلحة وزعيمين قبليَّين عربيَّين، على أنهم يتحملون المسؤولية عن مقاتلين ارتكبوا جرائم خطيرة.
https://www.hrw.org/ar/news/2024/05/09/sudan-ethnic-cleansing-west-darfur