بقلم: د.أسامة جادو
أمضيت خمس سنوات فى لجنة اﻻقتراحات والشكاوى بالبرلمان المصرى، وكنت أتابع عن كثب اﻷوضاع فى سيناء، وتعددت زياراتى البرلمانية لشمالها وجنوبها ومرورا على منطقة وسط سيناء، وكنت حريصا على تبنى مشكلاتها وقضاياها العامة لقناعتى أن سيناء هى إحدى البقاع المهمة فى تحقيق النهضة الشاملة لمصر، والعبور نحو التنمية وصوﻻ إلى الرفاهية فى العيش ورغد الحياة.
لم أكن مبالغا فى تقديراتى، بل هى تقديرات وتقارير مراكز بحثية ومعاهد دولية متخصصة كانت تؤكد أن سيناء ليست مجرد بوابة اﻷمن القومى المصرى، بل هى أيضا بوابة التنمية والنهضة الشاملة، وأنها أحد المخازن الإستراتيجية لمصر؛ حيث تحتوى على ثروات ومقدرات وخيرات ﻻ تتوافر فى دول متقدمة كفرنسا وإسبانيا.
وكنت أدرك حينها أن سيناء يراد لها أن تبقى على حالها، وأن تبقى أسيرة مشاكلها اﻷمنية، وأن تصطبغ بسمات التوتر الدائم ويفرض عليها الوضع المتأزم الذى يتعارض مع اﻻستثمار والتنمية، وخلق بيئة مضطربة قلقة ملتهبة تحول دون تطور الحياة فى شمال سيناء ووسطها، أما جنوبها فهى محميات سياحية تمتلكها المخابرات وأكابر قيادات الجيش.
وكانت الكارثة الكبرى التى حلت بمصر واﻷمة بأسرها هى الانقلاب العسكرى الذى أفسد كل آمال المصريين وعطل مسيرة التغيير إلى اﻷفضل، بل أعاد مصر إلى عهد النكسة والهزيمة والتخلف والضياع، ونالت سيناء الحظ اﻷكبر من فساد العسكر وظلمهم وخيانتهم وفشلهم، وتحولت سيناء إلى ساحة حرب وارتكبت عدة مجازر هناك واعتقال الآﻻف من أهلها وتشريد أهالى رفح المصرية وتهجيرهم وتدمير بيوتهم ومساجدهم بصورة لم يفعلها جيش اﻻحتلال الصهيونى حين احتل سيناء فى 1967، ثلاث سنوات عجاف طحنت أهل سيناء ودمرت اقتصادياتهم وأفسدت معيشتهم وخربت اجتماعياتهم، لهذا أقول ما حدث ويحدث ﻷهالى سيناء طوال اﻷعوام الثلاثة الماضية على يد العسكر هو جريمة حرب، وجريمة ضد اﻹنسانية ﻻ تسقط بالتقادم، وإن سكوت المجتمع على جرائم اﻹبادة هو ظلم فادح يعمق معاناة أهل سيناء ويشعرهم بظلم إخوانهم لهم، ورضاهم عن عسف العسكر وبغيهم عليهم.
المجتمع الدولى مشارك فى هذه الجرائم اﻷكبر فى تاريخ مصر إن لم يكن فى تاريخ البشرية، المستفيد اﻷوحد من هذه الجرائم هو العدو الصهيونى، قام الانقلاب العسكرى لحماية الكيان الصهيونى وتم تهجير أهالى رفح المصرية، وتدمير منازلهم ومساجدهم كذلك لتوفير محيط آمن لإسرائيل وحماية إستراتيجية لها، ومن أجل تشديد الخناق والحصار على أهل غزة فيثوروا على حماس والمقاومة الإسلامية هناك.
شياطين الإنس والجن تكالبوا على أهل سيناء قتلا واعتقاﻻ وتدميرا وتجويعا وتسفيها وتشويها حتى يقتلوا اﻷمل الذى ذكرته فى بداية مقالتى، اﻷمل فى نهضة مصر وتنميتها الشاملة، وقد كانت سيناء كاملة أملا كبيرا يعول عليه فى تحقيق نهضة البلاد وعمرانها.
وإنى أتوجه إلى المخلصين فى بلادى.. ﻻ تتركوا نيرون يحرق مصر ويدمرها ويخربها، كونوا عونا ﻷهل سيناء وﻻ تزيدوا أحزانهم، عبروا عن دعمكم ووقوفكم بجانب المظلومين، إياكم أن تشاركوا فى إثم المجرمين المعتدين المنتهكين لحرمات أهل سيناء.
كونوا كلمة حق فى وجه الظالم، وقفوا وقفة الصادقين والتمسوا ﻷنفسكم العذر أمام الواحد الديان الذى يعلم خائنة اﻷعين وما تخفى الصدور.
تبرأوا من جرائم السيسى وعسكره، أعلنوا أنكم بريئون مما يعمل المجرمون، أظهروا تعاطفكم مع المضطهدين المظلومين وأسرهم، كونوا لهم نسيما حانيا ولطفا كريما، ولو بكلمة مواساة أو ببسمة الشفاه.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد معلم الناس الخير.