أسوة بالجمعة.. لماذا لا ينادي إعلام العسكر انتخبوا في رحالكم؟

- ‎فيتقارير
Egyptians, mask-clad due to the COVID-19 coronavirus pandemic, queue up outside a polling station on August 11, 2020 for a new senate in an upper house election. - The two-day vote for 200 of the Senate's 300 seats will be largely contested by candidates who back President Abdel Fattah al-Sisi, who has quietened most opposition within and outside the legislature. (Photo by Khaled DESOUKI / AFP)

إذا كان الأمر يتعلق بالتباعد والازدحام في الوقاية من عدوى انتقال فيروس وباء كورونا، فلماذا لا تتساوى لجان انتخابات مسرحية مجلس الشيوخ بالمساجد وصلاة الجمعة، لماذا تفتح اللجان ولا يكترث إعلام العسكر بنقل عدوى الكورونا، بينما يحرم المصلون من صلاة الجماعة في عموم مصر، حتى في القرى البعيدة والتي لم يصلها الفيروس إلا من خلال التليفزيون!

إن مثل هذا المنطق الذي يقوم على أساس مزاج العصابة العسكرية الحاكمة، لا يستقيم مع العلم ولا مع الدين الحنيف، والمفترض وفق مراقبين أن تعمل سلطة الانقلاب برأي الأطباء والعلماء والفقهاء، ولكن للأسف فقد أصبح الأطباء والفقهاء يبررون كل إجراءات سلطة الانقلاب، حتى وإن كانت تخالف العلم والدين والعقل، وكأن وزارة الوقاف قد تنازلت للجيش عن المساجد!

أرواح الناس

هناك كوكب آخر يسمى مصر العصابة التي تحكمه لا يتأثرون بما يعيشه العالم أجمع من وباء كورونا، الذي أودى بحياة الآلاف، فيما ازدحم الراقصون والمطبلون غير الواعين بخطورة الموقف أمام لجان انتخابات مسرحية الشيوخ، فى وقت لا يُحتمل فيه المغامرة بأرواح الناس.

ولم تطبق عصابة الانقلاب قرارات إغلاق المساجد ومنع صلاة الجمعة على لجان الانتخابات، والتى نصت على التزام المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وسد الاحتياجات، مما جعل رواد موقع التواصل الاجتماعى يثورون غضبًا من تصرفات العسكر غير المدركة حجم الأزمة. وقال مصدر مطلع في وزارة الصحة بحكومة الانقلاب، إن "انخفاض عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا لليوم الرابع على التوالي، لا يعبر بطبيعة الحال عن حجم الإصابات الحقيقي في الشارع".

متابعاً أن "الإصابات الفعلية أضعاف الأرقام المُعلنة من الوزارة، غير أن الوزيرة هالة زايد لديها تعليمات مباشرة من السيسي، بالنزول بأعداد المصابين تدريجياً إلى ما دون الألف يومياً، تمهيداً لعودة حركة الطيران والسياحة الخارجية". وأضاف المصدر لـ"الحرية والعدالة"، أن "أعداد الإصابات ستشهد مزيداً من الانخفاض على المستوى الرسمي خلال الأيام المقبلة، تمهيداً لإعلان الحكومة عن حزمة جديدة من الإجراءات التي من شأنها تخفيف قيود الحظر".

مشيراً إلى أن الوزارة باتت تركز حالياً في بياناتها الرسمية على أن المحافظات السياحية هي الأقل تسجيلاً لحالات الإصابة، للترويج بشأن عودة السياحة إلى محافظتي جنوب سيناء، والبحر الأحمر، حيث منتجعات الغردقة والجونة وشرم الشيخ ودهب.

سبق أن كشف مصدر مسئول في الوزارة، أن عدد الإصابات الفعلية لا يقل عن 10 آلاف إصابة يومياً، غير أن المُعلن منها لا تتجاوز نسبته 15%، نتيجة عدم تسجيل الوزارة لجميع الأشخاص الذين يترددون على مستشفيات الحميات في المحافظات، وعدم تسليم تلك المستشفيات استمارة (كارت) المتابعة للمريض في حالة ثبوت أن مسحته موجبة، وتوجيههم مباشرة إلى العزل المنزلي.

وكان عضو اللجنة العليا للفيروسات في مصر، عادل خطاب، قد قال في تصريحات إعلامية، إن "أعداد الإصابات الفعلية بفيروس كورونا بين 5 و7 أضعاف الأعداد المُعلنة من وزارة الصحة"، مدعياً أن "الدولة لا تُخفي الأرقام الحقيقية للإصابات، بل يعود ذلك إلى عدم ذهاب المصابين إلى المستشفيات، ممن لم تظهر عليهم أعراض الإصابة".

أصبح عبئا

وفي سياق تجاهل السفيه السيسي لكارثة تفشي كورونا بسبب مسرحية الانتخابات، قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة لونغ آيلاند الأمريكية، وكبيرة زملاء مركز السياسة الدولية بواشنطن، الدكتورة داليا فهمي، إن السيسي أصبح عبئا على الجميع في الداخل والخارج، نظرا لضعف الدولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وعدم قدرتها على إبراز قوتها في المنطقة، بالإضافة إلى أن مصر باتت مجرد قوة تابعة للسعودية والإمارات، وتراجعت على مختلف المستويات.

وأشارت إلى أن "المؤسسة العسكرية في عام 2011 سمحت بخلع الرئيس مبارك، لأنه أصبح عبئا. وفي صيف 2013 تم الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي بعدما بات خطرا على الجيش، وكذلك على مدى السنوات القليلة الماضية أصبح السيسي عبئا وعائقا، لكنه أخذ الخطوات التي تمنع إزاحته أو الانقلاب عليه عن طريق تعديل الأجهزة العسكرية والمخابراتية والأمنية".

وأكدت فهمي أن تداعيات جائحة كوروناقد تقلب الموازين ضد السيسي، حيث سيكون لها آثار اقتصادية كبيرة، وستبرز التدهور الحاد في المنظومة الصحية، وستؤدي إلى مزيد من الاضطراب الاجتماعي، وزيادة الغضب، وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة، الأمر الذي سيؤدي لزيادة واتساع نطاق الغضب في الشارع.

ولفتت الأكاديمية الأمريكية من أصل مصري إلى أنه "كلما طال أمد أجهزة الدولة في تحمل نهج السيسي، قل احتمال قدرة الدولة على العودة من حافة الهاوية"، مشدّدة على أن "نظام السيسي لن يتمكن من الاعتماد على استراتيجيته القديمة المتمثلة في القمع والضغط الأمني، وإنكار الواقع، وحجب المعلومات في التعاطي مع أزمة كورونا".

واستطردت كبيرة زملاء مركز السياسة الدولية بواشنطن، قائلة: "لكي يتمكن نظام السيسي من البقاء على قيد الحياة في هذه اللحظة الطويلة من حالة عدم اليقين، سيتعين عليه ضرورة إعادة النظر في استراتيجيته للقمع ومراجعة سياساته وممارساته بشكل عام".

وتشترط وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب لعودة صلاة الجمعة عدة فرمانات، جاء فى مقدمتها عدم فتح دورات المياه نهائيًّا، وغلقها غلقًا تامًا، بالإضافة إلى عدم فتح دور المناسبات نهائيًّا وعدم السماح بدخول الجنائز أو صلاة الجنازة، أو عقد القران أو أى مناسبات اجتماعية، وعدم فتح أى أضرحة أو مقامات نهائيًّا أو فتح الأبواب المؤدية إليها.

وما زال وزير أوقاف الانقلاب المخبر محمد مختار جمعة يتدارس ضوابط عودة صلاة الجمعة لعرضها على سكرتير العسكر "مصطفى مدبولي"، رئيس مجلس وزراء الانقلاب، لاتخاذ السفيه السيسي القرار بشأنها وفقا لمزاج جنرال الخراب.