كشف مفردات "المواطنة الإسلامية" و"موقف رئيسة وزراء نيوزيلندا" و"ترجيح التهدئة" من بعض من يعيشون في الغرب على سبيل حاجة المواطن الغربي إلى التعرف على الإسلام من دعاة مسلمين، رغبة لدى قطاع معتبر من المسلمين إلى حوار هادئ، بعيدا عن موجة غضب العالية في أنحاء العالم الإسلامي وفي ذلك نموذج لما يجرى في نيوزيلندا منذ حادثة المسجدين.
نطلب المواطنة
سمير الفالح رئيس مجلس مسلمي أوروبا أعتبر أن التفكير الذي يدور حاليا داخل هذه المؤسسة الإسلامية هو البحث عن السبل الممكنة لتهدئة الأوضاع في فرنسا خاصة وفي أوروبا بشكل عام.
وعن ذلك طرح مطلب المسلمين ليس في معاملة متميزة أو حقوق زائدة، بل "بالمواطنة" وما تعطيهم من حقوق وتفرض عليهم من واجبات.
وكشف "الفالح" في حوار له نشر على "عربي 21" أن عقد المواطنة هو الذي يجمع الجميع. في علاقة بالدين، كل الدساتير الأوروبية تضمن حق ممارسة التدين.
وأضاف أنه "لو التزم الجميع بهذا الإطار نحقق خطوات عملاقة نحو مجتمعات تعيش في كنف الهدوء والأمان في فرنسا وفي كل أوروبا. أما خطاب اليمين المتطرف والخطاب الشعبوي الذي ليس له مادة إلا الأجانب عموما والمسلمين خصوصا، فإنه كالمنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع".
وانتقد رئيس مجلس مسلمي أوروبا سمير الفالح بشدة الأعمال الإرهابية التي تجتاح فرنسا هذه الأيام، وأكد أن الإسلام والمسلمين أبرياء منها.
وقال "الذين يقومون بأعمال إرهابية باسم الدين يشيعون الكراهية والتوتر داخل المجتمع، والذين يتلقفون هذه الأعمال ولا يفرقون بين من قام بها وبين الجمهور العريض من منتسبي ديانته يحدثون شرخا في المجتمعات ويزيدون من تغذية الكراهية والعنصرية. هؤلاء وهؤلاء يجب التصدي لهم من طرف أهل الرشد، وهم ليسوا بقلّة".
واستدرك محملا الجانب الذي أثار المشكلة في فرنسا المسؤولية وقال "الفعل وردّ الفعل حقيقة ولذلك يجب أن تكون المعالجة وقائية بتجنب الفعل ابتداء"، لافتا إلى أن ذلك يشترك فيه الجميع، المسلمون برفض من له خطاب يرتدي عباءة الدين وتشوبه الراديكالية ورفض الآخر، وأصحاب الخطاب العلماني الراديكالي باحترام التدين وعدم إقصاء المسلمين كجزء من المجتمع.
الغرب يحتاجنا
الخبير الاقتصادي المصري مصطفى شاهين والذي يعيش بالولايات المتحدة كتب عبر حسابه على فيسبوك أن الغرب أحوج إلى الإسلام أكثر من أي وقت مضى، وعامة المواطنين في الغرب لم يعرفوا عن الإسلام إلا من خلال الإعلام المناهض للإسلام ولو ترك الباب مفتوحا أمام المواطن في الغرب حتما سيكون هناك فتح آخر وخدمة للإسلام أكثر وعيا من أهله، ولى مواقف عديدة أعيشها مع المجتمع يوميا".
وعن وقائع لمسها قال: "أحيانا بعد صلاة الجمعة يأتي قسيس ومعه لفيف من طلاب الجامعة ليتعرفوا على الإسلام، وكان حديثنا على خطورة الربا في المجتمع الأمريكي فتعجب أحد القساوسة الأمريكان من أن المسلمين محرم عليهم التعامل بالفائدة والربا؛ لعدم استغلال حاجة الفقراء فتعجب من فرض الإسلام الزكاة في أموال المسلمين حتى تكفل الفقراء وعدم استغلالهم من النظام في المجتمع كما هو حادث الآن في أمريكا".
وعن موقف آخر لاستثمار الهدوء في توضيح الرؤية الإسلامية، أردف شاهين "ذات مرة شرحت للطلاب كيف يتعامل الإسلام مع المرأة وتكريمها وإعلاء شأنها وأنها ليست مسئولة عن الإنفاق في البيت وأن المسئول الأول هو الرجل؛ فتعجب الطلاب الأمريكان من ذلك غاية العجب خاصة الطالبات، حتى إن بعض الطالبات تمنت لو تزوجت رجلا مسلما! وكيف تبين جهل الطلاب بديننا فمنهم من يعتقد أن محمدا ليس نبيا وأنه هو إله المسلمين وأن المسلمين يظلمون النساء وشعوبهم دموية لكن التعامل مع المجتمع الغربي بآداب الإسلام التي تربينا عليها يذهل المجتمع من هذه التصرفات الحسنة".
واستدرك "شاهين" بعد حملة ماكرون التي دشنها بخطابه في 21 أكتوبر الجاري، من أن بلاده لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتورية"، قائلا: "يساورنا الشكوك في الحملة الهوجاء على النبى صلى الله عليه وسلم من فرنسا.. من أنها حملة مدبرة".
موقف جاسيندا
وكأن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم قرأ الحوار فرد اليوم عبر حسابه على "تويتر" موضحا نموذجا لكيفية التعامل مع هذه النوعية من الأحداث حيث قارن بين مواقف ماكرون، وتعامل رئيسة وزراء نيوزيلندا مع حادثة المسجدين العام الماضي، وكيف اكتسبت احترام المسلمين.
وقال في سلسلة تغريدات على صفحته الموثقة في موقع تويتر، "لقد شد انتباهي أسلوب الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" في معالجة قضية القتل غير المقبول للمعلم (الذي استعمل رسوما مسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم تلامذته)". وأضاف قائلاً: "كم كان أسلوب الرئيس ماكرون مختلفاً عن أسلوب جاسيندا أرديرن".
وأوضح في تغريدة تالية "تذكرت كيف عالجت رئيسة وزراء نيوزيلندا قضية الهجوم الإجرامي الذي قتل فيه إرهابي أسترالي، عشرات المسلمين أثناء أدائهم صلاة الجمعة داخل مسجدين وقارنْتُ بين الأسلوبين".
وأشار إلى أن "جاسيندا أرديرن" أدركت خطورة الأمر، واتخذت من الإجراءات العاجلة، ما أتاح لها امتصاص غضب أبناء الجالية المسلمة في نيوزيلندا أولاً، وأكسبها احتراماً وثناءاً من كل أنحاء العالم على مواقفها الإنسانية الشجاعة النابعة من روح مسئولية عميقة".
مضيفا أنها "أدانت الهجوم، واعتبرته عملاً يستهدف كل الشعب، بصرف النظر عن الدين أو اللون، وزارت المسجدين المنكوبين، وعائلات الضحايا، وأكدت أن العمل مدان بكل المعايير وأعلنت الحداد".
وحذر من المعالجات الخاطئة فقال "رغم أن فرنسا دولة علمانية، فإن المواقف التي اتخذها الرئيس الفرنسي وأسلوبه في معالجة الأمر قد أجج الوضع، ووفر للأسف مبررات لكلا الطرفين لارتكاب جرائم والقيام بأعمال لا تخدم الوئام" مضيفا أنه "لا يبرر أي جريمة من أي نوع، تحت أي سبب ترتكب".
وأكد أنه بالمقابل، يؤمن بضرورة احترام قوانين الدول، وبضرورة احترام الديانات كلها ورموزها، وأن تكون حرية العبادة مكفولة للجميع.