الهيمنة على اقتصاد الدولة.. توقعات بزيادة تغوّل الجيش على الاقتصاد في الفترة المقبلة

- ‎فيأخبار

قالت وكالة بلومبيرج الأمريكية في تقرير نشرته في نوفمبر من عام 2019 إن النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة من خلال شبكة موسعة من المؤسسات التابعة للمؤسسة العسكرية هو عنصر أساسي في الأداء الهيكلي طويل الأجل لمصر وفشلها في الاستفادة بشكل صحيح من الإصلاحات الصعبة التي قامت بها في بضع سنوات.

ويتنافس الجيش مع القطاع الخاص في إنتاج مجموعة من السلع الاستهلاكية من المياه المعبأة إلى الأجهزة المنزلية، وبحسب بلومبيرج فإنه منذ الانقلاب العسكري في عام 2013 أصبح الجيش أكثر عدوانية في توسيع إمبراطوريته العسكرية وأحد الأمثلة على ذلك هو قرار القوات المسلحة في عام 2018 ببناء مصنع للأسمنت بقيمة مليار دولار نتيجة لذلك تعرضت شركات صناعة الأسمنت الخاصة لضغوط كبيرة لأن المؤسسة العسكرية تتمتع بمجموعة من المزايا من الإعفاءات الضريبية والعمالة المدعومة وغيرها من المميزات لدرجة أن نجيب ساويرس رجل الأعمال القريب من السلطة اشتكى في مقابلة أجريت معه العام الماضي من أن هذه المزايا عرقلت الاستثمار في القطاع الخاص.

وفي تقرير نشره موقع كارنيجي الشرق الأوسط في أكتوبر الماضي تحت عنوان آثار الاقتصاد العسكري المصري يقول التقرير إن تدخل القوات المسلحة المصرية في الاقتصاد شهد تحول من حيث نطاقه وحجمه في عهد السيسي ما أدى إلى ظهور صيغة جديدة من رأس مالية الدولة المصرية إذ أسفر انخراط المؤسسة العسكرية في الاقتصاد عن تكاليف عالية ما ساهم في إضعاف الأداء في التنمية وينذر ببروز طبقة حاكمة جديدة من الضباط العسكريين وهو ما يعكس بحسب التقرير افتقار السيسي إلى مخطط أو رؤية اقتصادية واضحة ناهيك عن الفهم الصحيح لديناميات السوق فيؤدي إلى ظهور نسخة جديدة من رأسمالية الدولة المصرية.

سيطرة مطلقة

وقال الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، إن مفهوم الاقتصاد العسكري ليس له تعريف محدد، لكنه يشير إلى سيطرة القوات المسلحة على دفة الاقتصاد، وفي النظم السياسية يكون الاقتصاد إما خاضع مدنية أو خاضع لنظام استبدادي سلطوي.

وأضاف شاهين في حواره مع برنامج كل الأبعاد على قناة وطن، أن النظام العسكري مرهون بطبيعة من يحكم، وعادة يكون الجيش أحد الأدوات المهمة للاقتصاد لتوليد دخل للدولة من خلال تلبية الطلب للقوات المسلحة على الأسلحة والمعدات، مضيفا أن الجيش الأمريكي يبرم صفقات مع الشركات لتصنيع أسلحته وبالتالي فهو الممول لهذه الشركات ولا يتدخل في الإنتاج.

وأوضح أن دخول الجيش في الاقتصاد يحتاج إلى ضوابط منها أن هناك سلع خاصة وعامة لا يستطيع أحد استبعاد أي مواطن منها مثل خدمات الأمن والتعليم والأمن والعدالة، لكن حتى التعليم أصبح تعليما خاصا، مضيفا أن خدمة الأمن مسؤولية الحكومة وإذا كانت الخدمات المقدمة قابلة للاستبعاد يمكن السماح للقطاع الخاص بأدائها.

وأشار إلى أن تدخل الجيش يكون نافعا في الاقتصاد في حالة إقدامه على تنفيذ المشروعات التي يعجز القطاع الخاص عن القيام بها، مضيفا أنه في التسعينات عندما قامت الحكومة بالخصخصة توقعنا حدوث إصلاح للقطاع العام وضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع العام المباع لكن للأسف تم هلهلة القطاع العام وتشريد العمالة وأغلقت الكثير من المصانع ونتج عن ذلك تدمير القطاع العام ومن نجح منها مثل صناعة الأسمنت باتت محتكرة داخل السوق ونتج عنه ارتفاع الأسعار على المواطنين، مضيفا أن تدخل الجيش في الاقتصاد يكون ضارا إذا تدخل في مجالات لا تناسبه مثل المواد الغذائية أو العقارات ونتج عنه ما يعرف بأثر الإزاحة وهروب الاستثمارات الأجنبية نتيجة الإخلال بقواعد المنافسة وتفشي ظاهرة الاحتكارات .       

اللعب على المكشوف 

ولفت إلى أن الدولة المتقدمة والصناعية لديها ضوابط عالية في التصنيع لإنتاج منتجات بمواصفات عالية، مضيفا أن الكيانات التي تسيطر على الحكم في الدول يجب أن يكون لها قواعد اقتصادية تقوم نظم الحكم، وقبل 2013 اعتقد البعض أن ثورة يناير قامت نتيجة امتلاك الطبقة المتوسطة جزء من عناصر الإنتاج وأصبحت تتمتع بالقوة والحرية للتعبير عن نفسها، ونتيجة لذلك رأى الجيش بعد 2013 أنه يجب تملك عناصر الإنتاج تدريجيا كما حدث في الستينيات بقرارات التأميم لإحكام السيطرة على اقتصاد الدولة.

ونوه بأن توغل الجيش سيزيد خلال الفترة المقبلة، للهيمنة على اقتصاد الدولة بالكامل، مضيفا أن المؤسسة العسكرية كان لديها تحفظ على سيطرة أحمد عز على صناعة الحديد بحسب تصريحات مصطفى الفقي التي نقلها عن المشير حسين طنطاوي، مضيفا أن الجيش كان يأخذ مظهر التخفي فيما يتعلق بتوغله في الاقتصاد والآن بات اللعب على المكشوف.

وتابع: "اقتصاد الجيش يتمتع بمزايا كثيرة مقارنة بالقطاع الخاص منها سرعة تنفيذ المشروعات، وتوفر الاعتمادات المالية للمشروع، لكن يعيبه عدم وجود رقابة أو شفافية بجانب تراجع موارد الدولة لأن المؤسسة العسكرية لا تدفع ضرائب أو رسوم مقابل الخدمات وهو ما يؤدي إلى انهيار الدولة بسبب توقف الإنفاق على التعليم والصحة والبنية الأساسية نتيجة تفاقم عجز الموازنة فتضطر الدولة إلى زيادة الأعباء على المواطنين برفع رسوم الخدمات والضرائب وأيضا رفع المصروفات المدرسية ومصروفات الجامعات".

 

https://www.facebook.com/watanegypt/videos/656081581747659