أعادت بعض الحسابات والمنصات الاجتماعية على “التواصل” كلمات الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز، أحد كبار مفكري ومؤرخي جماعة الإخوان المسلمين، ونائب المرشد العام للجمـاعة ومن ذلك ما استحضره أحدهما بقوله: “مشروعنا الإسلامي مشروع شعوب مسلمة تتحرق شوقا وأملا في أن تحيا بالإسلام وتعيش له وبه”، وقوله: “إن الداعية الذي يتحرك بالخير بين مجتمعه كالنهر الجاري طاهر في نفسه مطهر لغيره ، لا يفسده إلا الركون”.
إلا أن الرجل الذي مات غريبا في 24 يناير كان من الذين رحلوا في باكورة المحنة المصرية الأخيرة، المتعلقة بانقلاب 2013، كان له ود مع إخوانه في فلسطين وغزة تحديدا.
مع فلسطين
ففي نهاية أكتوبر 2011، زار وفد من جماعة الاخوان المسلمين في مصر بقيادة جمعة أمين لأول مرة قطاع غزة منذ سقوط نظام حسني مبارك، واجتمع وفد برئاسة جمعة أمين نائب المرشد العام للإخوان المسلمين مع إسماعيل هنية القيادي في حماس بقطاع غزة احتفالا بالصفقة الكبيرة لتبادل السجناء بين حماس وإسرائيل التي تمت بوساطة مصرية في الأسبوع الماضي.
وقال جمعة أمين للصحفيين: إنه “جاء للمشاركة في الاحتفال بإطلاق سراح الفلسطينيين، مضيفا أنه فخور بهم وأن المقاومة أثبتت نفسها”.
ولدى وفاة نائب المرشد العام، رحمه الله، نعته جماعة الإخوان المسلمين في بلاده كما نعاه رئيس السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وقال بيان صادر عن مكتب هنية: إنه “يتوجه بالتعزية الحارة إلى الشعب المصري الشقيق وجماعة الإخوان المسلمين والمرشد العام في وفاة أمين”.
وأضاف البيان “استذكر هنية الزيارة التي قام بها أمين إلى غزة تضامنا معها في أعقاب العدوان الإسرائيلي في نوفمبر عام 2012، ومواقفه الكريمة تجاه فلسطين”.
المؤرخ الرسمي
وكان رحمه الله المؤرخ الرسمي للإخوان المسلمين وله الكثير من الأطروحات السياسية والعديد من المؤلفات مثل “شرح الأصول العشرين للفهم” و”تاريخ جماعة الإخوان المسلمين” والذي يعد الكتاب الوحيد الموثق من قبل الجماعة لتاريخ الإخوان في مصر.
وتعرف على الإخوان المسلمين في صباه وانضم إليهم عام 1951م، وتعرض للاعتقال عام 1965م، واستمر حبسه حتى 1971م، حين أفرج الرئيس أنور السادات عن المعتقلين السياسيين بعد موت جمال عبد الناصر.
وعمل أمين مديرا لمكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي بجدة في الفترة من 1981 م حتى 1985م، واعتقلته داخلية مبارك في 1994م وقضى بالسجن عدة أشهر.
كان عضوا للمكتب الإداري بالإسكندرية، ثم نائبا لرئيسه في الثمانينيات، ثم عضوا بمكتب الإرشاد منذ 1995م وذلك عقب استقالة عباس السيسي.
وبحسب “إخوان ويكي” كان الرجل ضمن مجموعة نشطت إلى لم شمل من خرج من السجون وإعادة العمل التربوي للجماعة مرة أخرى، وذلك قبل أن يكتشف ما سمى بتنظيم 1965م وتبدأ الحرب الضروس من أجهزة عبد الناصر الأمنية في سباق محموم على انتزاع الاعترافات تحت لهيب السياط، ووحشة الكلام المفترسة، وغلظة قلوب ضباط وصف ضابط نظام عبد الناصر.
وقبض على جمعة أمين وقدم للمحاكمة والتي قضت بحبسه 15 عاما، قضي منها 6 أعوام خلف الجدران ليخرج أواخر عام 1971م. منذ اللحظة الأولى التي خرج فيها سعى جمعة أمين مع بعض إخوان كعباس السيسي ومحمود شكري والشيخ محمد حسين وعبد اللطيف آدم ومحمد عبد المنعم إلى إعادة العمل الدعوي مرة أخرى في الإسكندرية، ومن ثم اهتموا بالشباب في جامعة الإسكندرية والذين أصبحوا بذرة انطلاق العمل مرة أخرى وهو رحمه الله متزوجٌ، وله ثلاثة أولاد و7 أحفاد.
ثورة يناير
ولقدر الله كانت وفاة جمعة أمين متزامنة مع حدث سعد له كثيرا وهو ثورة 25 يناير ودعم المواجهة المباشرة مع نظام مبارك بعد اشتعال الثورة، بل وكان شريكا في مخطط تفريغ التعاطف الشعبي مع مبارك في خطابة الشهير في الأول من فبراير من مضمونه، وشارك في اجتماعات متتالية للحفاظ على زخم ميدان التحرير.
مولد وآراء
يشار إلى أن جمعة أمين ولد عام 1934م بمحافظة بني سويف بصعيد مصر، وحصل على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف عام 1961م. عمل باحثا بمحافظة الإسكندرية، ثم رئيسا لقسم البحوث، ثم مديرا لمباني المحافظة، ثم رئيسا لمجلس إدارة مدارس المدينة المنورة بالإسكندرية، التي بدأت نشاطها عام 1991م، وعن المدارس والتعليم كان يقول حول التعليم والتربية: “عليكم بالمدارس، فقد كانت هدفا لتخريب عقولنا، وغزونا حتى العقيدة في هذه المرحلة قد جمدوها”.
ودافع أمين في المقام الأول عن الكفاح من خلال الدعوة، إذ كتب في دراسة له “يتوجب على أولئك الذين يعملون في الحركة الإسلامية أن يكون لديهم الإلمام الكامل بالإسلام وأن يؤمنوا بقدرة الدعوة على حل المشاكل الفردية والمجتمعية” وأكد أمين على أن إصلاح الفرد والمجتمع من خلال الجهاد والدعوة هي مشاريع طويلة الأجل تتطلب الكثير من الوقت والمثابرة.
وأكد جمعة أمين على أن “الإسلام بحاجة إلى دولة وسلطة يكون من أهم أدوارها حماية عقيدة الأمة الإسلامية، بالإضافة إلى ترسيخ طقوسها والتزامها بالدين إلى أن تحكم كافة جوانب الحياة”.
ومن أهم مؤلفاته:
– في ظلال الأصول العشرين.
– الدعوة قواعد وأصول، تقديم مصطفى مشهور – دار الدعوة للنشر والتوزيع 1999م.
– فهم الإسلام في ظل الأصول العشرين – دار الدعوة للطباعة 1989م.الإخلاص «مفهومه – مجالاته – تطبيقاته»- دار الدعوة للطباعة 1998م.
– منهج القرآن في عرض عقيدة الإسلام.
– منهج التغيير عند الإمام البنا.
– الفريضة المفترى عليها «الجهاد» – دار الدعوة للطباعة 2000م.
سافر للعلاج في لندن قبل عدة أسابيع من اشتعال أحداث 30 يونيو ثم الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م، وأشرف (بحسب تقارير) على القضية التي رفعتها جماعة الإخوان المسلمين ضد عبد الفتاح السيسي عقب انقلاب 30 يونيو، وأوكل القضية للمحامي الشهير اللورد ماكدونالد، الذي كان مسئولا كبيرا في النيابة البريطانية.
وظل الرجل بلندن حتى وافته المنية عن عمر قارب الـ 81 عاما في 24 يناير 2015م الموافق 13 ربيع الثاني 1436هـ ودفن بالعاصمة البريطانية.