بعد الزفة الإعلامية التي استمرت لنحو أسبوع، في جميع وسائل الإعلام الموالية للسيسي، والتي هللت وبشّرت لمزيد من التراجع في أسعار الدولار أمام الجنيه، ولكن دون تنفيذ أو بيع أو شراء، أي أن الانخفاض كان ورقيا فقط، ومع حالة الشلل التي تضرب الأسواق المصرية، واضطرار كثير من المحال والشركات لوقف حركة البيع للجماهير، عاودت أسعار العملات والذهب لتحلق عاليا في السوق الموازية، ضاربة حملات إعلاميي السيسي عرض الحائط.
وبدأ الجنيه التراجع أمام الدولار والعملات الصعبة الرئيسية في السوق الموازية ومحلات الذهب والصاغة، وأسواق بيع السلع والمنتجات الغذائية والأساسية والمعمرة، ومستلزمات المصانع والشركات.
ووفق شهود عيان وتقارير موثوقة، ارتفع الدولار إلى مستوى 63.8 جنيها في سوق الذهب ظهر أمس الأربعاء، بزيادة 5 جنيهات خلال 24 ساعة، مع توقعات بعودته للمستويات القياسية التي بلغها فوق 70 جنيها مطلع فبراير الجاري.
يؤكد محللون أن تراجع الجنيه، مدفوعا باستمرار شح العملة في البنوك، وعدم تدبير الحكومة لموارد بالدولار، أمام الموردين والشركات، ولجوء الحكومة إلى القبضة الأمنية دون مواجهة حقيقية لأزمة اقتصادية حادة، يستلزم إعادة هيكلة اقتصادية شاملة.
وشهدت الأسواق ارتفاعا بسعر جرام الذهب بنحو 150 جنيها مس، بعد زيادة حققها بنحو 200 جنيه، الثلاثاء الماضي، حيث بلغ سعر الجرام 24 نحو 4200 جنيه وعيار 21 بلغ 3650 وعيار 18 بلغ 3130، والجنيه الذهب 29 ألفا و200 جنيه والأوقية 129 ألفا و750 جنيها، مقابل 2035 دولارا للأونصة بالأسواق الدولية.
وشهدت أسواق الذهب تراجعا في التعاملات، حيث اقتصرت حركة السوق على الشراء من الجمهور دون بيع، بينما أصيبت أسواق الدولار بالشلل، حيث فضل تجار السوق الموازية الشراء دون تلبية الطلب، أملا في انتهاء الحملات الرقابية وانتظارا لصعود جديد للدولار.
ويصف خبراء تحركات الدولار بالأسواق بأنه “يصعد مثل الزنبرك المضغوط بقوة أمنية، وبقدر ما تقل تلك الضغوط يصعد لأعلى”، مؤكدين اختلاف سعره من مدينة لأخرى وبين التجار حسب النشاط الذي يزاولونه، ووفقا لكميات الطلب والعرض.
رحلة قصيرة
وجاء تراجع الجنيه بعد يومين من رحلة قصيرة للصعود أمام الدولار والعملات الصعبة، في السوق الموازي، مدفوعا بحملات أمنية على كبار تجار الذهب والمتعاملين في العملة، خارج القنوات الرسمية، بالتوازي مع حرب إعلامية بالصحف والقنوات الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حول تدفق استثمارات خليجية هائلة على مصر خلال أيام.
وتوافقت الحملة مع انتهاء مراجعة صندوق النقد الدولي، وسط توقعات بارتفاع تمويل الصندوق إلى 10 مليارات دولار، مقابل الالتزام ببرنامج طرح الشركات العامة وشركتين تابعتين للجيش للبيع، مع موافقة على تعويم جديد للجنيه، ومرونة سعر الصرف.
ويظل السعر الرسمي للدولار عند حدود 31 جنيها، بينما صعد الدولار من مستوى هبوط أقل من 50 جنيها ليعلق في مسار “زنبركي” صاعد إلى مستويات 63 جنيها للدولار، في السوق الموازية بالمدن، وعند حدود 70 جنيها بالريف.
جنون أسعار يكشف زيف تراجع الدولار
يؤكد محللون أن عودة الطلب على الدولار، من قبل المستوردين والراغبين في السفر للخارج، وسداد مدفوعات الشركات للجهات الأجنبية، دون وجود بدائل لتدبير العملة الصعبة بالبنوك، أدت إلى رفع الأسعار بالسوق الموازية.
وواصلت السلع الغذائية ارتفاعها لدى المحلات والموزعين، على مدار اليومين الماضيين، وارتفعت أسعار الألبان والأجبان والدواجن بنحو 15٪، واللحوم 20٪ والملابس 25٪، مع توقع صعود معدلات الزيادة خلال الأيام المقبلة.
وشهدت أسعار العقارات ارتفاعات بنحو 40٪ خلال أسبوع، متأثرة بالزيادة الهائلة في سعر الدولار ومستلزمات البناء، ورفع البنوك سعر الفائدة بنسبة 2٪، لتصل في حدود 30٪ للقطاع العقاري، مع التزام البنوك بتعليمات البنك المركزي، بعدم توجيه قروض للقطاع العقاري.
حصاد الغشم العسكري
وهكذا يقود السيسي مصر نحو الخراب والانهيار غير المسبوق مع استمرار العقلية الأمنية في إدارة ملفات الدولة المصرية، وهو نفس السياق الذي أدى لبيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وبيع أصول الدولة المصرية وشركاتها للإمارات وتأزم ملف النيل وتراجع حصص مصر من مياه النيل إثر أزمة سد النهضة الأثيوبية، وهو ما يتكرر في مجمل شئون مصر التي تتجه للانهيار والتراجع.