يوم تنصيب الديكتاتور. ..مخالفات دستورية وإسراف مالي يتحدى جوع وفقر المصريين

- ‎فيتقارير

منذ بداية انقلابه في 3 يوليو 2013 ، ويصر السيسي على إهدار قيمة الدساتير والقوانين، مخالفا إياها، بل إن كفار قريش، حينما يصنعون تماثيل من العجوة، ثم يأكلونها عند جوعهم، فقد صنع السيسي دستورا على مقاسه مفصلا، ثم قام بمخالفته أكثر من مرة، وهو ما تكرر كثيرا في انقلابه على شريكه في الانقلاب صبحي صدقي وتعديله الفترات الرئاسية لتصبح الفترة 6 سنوات بدلا من 4، ومن مدتين رئاسيتين إلى ثلاثة، مع تأويلات أخرى بإمكانية البقاء إلى موته.

 

وأدى المنقلب السفيه  السيسي اليوم  اليمين الدستورية، لفترة انقلابية  ثالثة، أمام مجلس النواب في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، وهو ما يعد مخالفة دستورية، ابتداء، إذ ينص الدستور على أن أداء اليمين يكون في العاصمة، والمقرر بأنها ثابتة بالقاهرة بحدودها الأساسية وليست خارجها، بالعاصمة الإدارية التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

 

وهو الأمر الذي أشار إليه  أستاذ الإعلام السياسي، الدكتور ناصر فرغل، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”،  بقوله: إنه “ووفقا للدستور فإن العاصمة المصرية هي القاهرة، بحسب المادة (122)، وإنها المقر الرسمي للبرلمان بغرفتيه (مجلسي النواب والشيوخ) وفقا للمادة (114)، وإنه لا يجوز حلف اليمين خارج هذا المكان، إلا في الظروف الاستثنائية”.

 

وأوضح، أن حلف السيسي، اليمين الدستورية بالعاصمة الإدارية الجديدة مخالفة للدستور، خاصة أنها لا تتبع القاهرة إداريا، وتتبع وفق القرار الجمهوري رقم (57) الصادر في فبراير 2016، لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

 

وأشار إلى أنه حين جرى استحداث محافظة حلوان جنوب القاهرة في اقتطاع من العاصمة، عام 2008، بعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فقد بدأت حدودها بعد مقر المحكمة الدستورية العليا تفاديا للوقوع في عوار دستوري.

 

بدعة حفل التنصيب

 

ويعد “حفل التنصيب” سابقة لم تحدث بمصر منذ انتهاء عصر الملكية عام 1952، إلا مع وجود السيسي، حيث يحمل الخفل تكاليف مالية كبيرة، تصل لدرحة الإسراف والتبذير المالي في وقت لا تكاد مالية مصر تكفي شراء السلع التموينية بالأساس لثلاثة شهور، معتمدة على الديون وبيع الأراضي والأصول الإنتاجية، كما يرزح نحو ثلثي الشعب المصري تحت الفقر، وسط أزمات اقتصادية تضرب البلاد.

 

وتنتهي الولاية الثانية للسيسي، في 2 أبريل 2024، لتبدأ الولاية الجديدة والثالثة باليوم التالي، فيما تنص المادة (144)، من الدستور على أن يحلف رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، قبل أن يتولى مهام منصبه.

وأعلن رئيس شركة العاصمة، خالد عباس، أن حفل تنصيب السيسي سيكون بمثابة افتتاح المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية، وألمح إلى أن ذلك يعد إيذانا بالانتقال النهائي للحكومة والبرلمان من القاهرة، ومباشرة السيسي عمله من العاصمة الجديدة، ومغادرة قاهرة المعز، لأول مرة منذ اتخاذ الفاتح عمرو بن العاص لتلك البقعة من البلاد عاصمة لولاية مصر، بدلا من مدينة الإسكندرية.

 

وتقام العاصمة الإدارية الجديدة على نحو 230 ألف فدان، وتضم الحي الحكومي حيث مقار الوزارات والهيئات، بجانب الحي الرئاسي والذي يشمل القصر الرئاسي ومقر المخابرات العامة، بالإضافة إلى أحياء المال والأعمال، والفنون والثقافة، هذا إلى جانب مقر الجيش، “الأوكتاغون” الأكبر في العالم.

 

ومع انتقال السيسي ونظامه إلى العاصمة الإدارية الجديدة، تتحقق نبؤة الكاتب والأديب الراحل ‏أحمد خالد توفيق، والتي تشير للواقع الحالي، حيث قال: “سيتركون العاصمة القديمة لتحترق بأهلها وتندثر ظلما وفقرا ومرضا، وسيذهبون إلى عاصمتهم الجديدة حتى لا تتأذى أعينهم بكل ذلك الدمار”.

 

 

ولا يمكن لمن يعايش أحوال مصر أن يتوقف عند مخالفة السيسي للدستور والبرتوكول، في ظل انتهاكات غير مسبوقة للدساتير والقوانين التي لا يعترف بها السيسي مطلقا، وإنما ما يلفت الانتباه هو حجم الأزمات التي يعايشها ملايين المصريين، وسط ضغوط قمعية أمنية ومعاناة اقتصادية وأزمات اجتماعية طامة، لا يمكن ان يستمر معها بقاء أي مجتمع أو نظام، بل إن الفوضى هي المصير المحتوم لمصر والمصريين.

 

ووفق قانونيين، فإن السيسي منذ الوهلة الأولى يخالف الدستور والقانون، حيث إن دستور 2012، لم ينص على تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا للحكم، ولكن السيسي، عزل الرئيس الراحل محمد مرسي في 3  يوليو 2013، وعين شخصا- رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور- لم يذكره الدستور في حالة العزل.

 

وحينما قام بتعديل الدستور عام 2014، لم يحترمه، وباع الأرض والعرض، وخالفه حين اعتقل الآلاف وقتل المئات وأعدمهم.

 

ويرى مراقبون أن السيسي، يسير بخطاباته على نهج ملكة فرنسا قبل الثورة الفرنسية ماري أنطوانيت، حين قالت: (ملعقة سكر واحدة على الكنافة)، تماما كما قالت هي: ( ليأكلوا البسكويت بدلا من الخبز)، بل إنه حين يُفتضح يحول خطبه إلى خطب معمر القذافي، ليضحك من حوله ويثير الجدل، كأنه يبحث عن  تريند ليحقق أعلى نسبة مشاهدة.

 

 

وإجمالا، فإن الأنظمة الديكتاتورية لا تؤمن بدستور، ولا تحترم قانونا، ودوما ترى نفسها الدستور والقانون معا، وعلى الشباب أن يقرر مصيره بنفسه، لا ينتظر من يثور من أجله، فقد أصبحت كل مسببات الثورات متحققة بمصر، من قمع أمني وسياسي وفقر اقتصادي وانهيار اجتماعي ، وتفشٍ للأمراض الاجتماعية والنفسية وضغوط لم يرها أو يعايشها أحد ، منذ عقود ، وبعد التنصيب الذي سيكلف مليارات، فإن القادم لن يكون أسوأ مما يعايشه المصريون الآن، لذا فإن التغيير بات حتميا ، ولكنه لن يتحقق إلا بإرادة جمعية ضد مستبد ظالم، لا يعرف للعدل طريقا.