حذرت منظمة العفو الدولية، من قانون خصخصة الرعاية الصحية بمصر ، ما يهدد فرص الوصول إلى الخدمات الصحية ويعرضها للخطر، لا سيما للملايين الذين يفتقرون إلى التأمين الصحي أو يعانون من الفقر.
ولفتت المنظمة إلى أن المنقلب عبد الفتاح السيسي صادق في 23 يونيو الماضي، على القانون رقم 87 لسنة 2024 بشأن المرافق الصحية، الذي أقره مجلس نوابه في 20 مايو، والذي يسمح للقطاع الخاص بتشغيل وإدارة المرافق الصحية العامة على أساس ربحي.
ولا يتضمن القانون أي أسس للأسعار، ما يمنح المستثمرين من القطاع الخاص والحكومة السلطة التقديرية لتحديد الأسعار على أساس كل حالة على حدة.
ويبلغ عدد المستشفيات في مصر 1798 مستشفى تضم 121617 سريرا إلى جانب 5424 منشأة صحية ومركزا إلى جانب وجود 1565 سيارة إسعاف، وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ولفتت المنظمة في بيان لها، إلى أن ملايين الأشخاص حاليا في مصر بمن فيهم أولئك الذين ليس لديهم تأمين أو غير القادرين على تحمل الرسوم المرتفعة للخدمات الطبية التابعة للقطاع الخاص يعتمدون على مرافق الصحة العامة في البلاد.
ونوهت أنه مع ذلك سارع مجلس النواب إلى اعتماد القانون في غضون شهر واحد فقط دون إجراء مشاورات كافية مع أصحاب المصلحة، وعلى الرغم من المخاوف الخطيرة التي أثارتها نقابة الأطباء، وفقا للقانون نفسه، كان ينبغي إصدار اللوائح المتعلقة بتنفيذ القانون في غضون شهر من سن القانون، لكن حتى الآن لم يعلن عن استكمالها.
ضربة للحقوق الاجتماعية
وقال محمود شلبي، الباحث المعني بمصر في منظمة العفو الدولية: إن “القانون الجديد هو ضربة أخرى لحقوق الناس الاجتماعية والاقتصادية، التي تستمر في التدهور دون نهاية منظورة في الأفق في ظل حكومة السيسي، التي شهدت أعلى تضخم قياسي وارتفاع كبير في تكاليف المعيشة، بدلا من حماية حق الناس في الصحة وسط الأزمة الاقتصادية المستمرة، تحاول الحكومة التهرب من التزاماتها على حساب الفئات الأشد فقرا والتي ستكون الأكثر تضررا”.
وتابع: «لا يمكن للحكومة المصرية ببساطة تسليم مفاتيح نظام الرعاية الصحية العام المتعثر إلى القطاع الخاص دون قواعد واضحة لضمان حصول جميع الأشخاص الذين يعيشون في البلاد على رعاية صحية جيدة وميسورة التكلفة».
وحسب بيان المنظمة، فإن 66 % فقط من المصريين يتمتعون بتغطية التأمين الصحي العام وفقا لتقديرات 2023 الصادرة عن وزارة الصحة والسكان، ما يترك الملايين في مصر دون تغطية صحية.
وبينت أن الذين يتمتعون بتغطية التأمين الصحي العام هم طلاب المدارس والعاملين في القطاعين العام والخاص والأرامل والمتقاعدين، مؤكدة عدم وجود أرقام رسمية عن الأشخاص الذين لديهم تأمين صحي خاص في البلاد، وأن ارتفاع مستويات الفقر في مصر خاصة في ظل الانخفاض الكبير في قيمة العملة جعل الحصول عليه بعيدا عن متناول الكثيرين.
مخاطر خصخصة القطاع الصحي
ووفق المنظمة، بموجب القانون الدولي، يقع على عاتق الدول التزام بحماية الحق في الصحة، بما في ذلك من خلال ضمان ألا تؤثر الخصخصة في القطاع الصحي على توفر الرعاية الصحية وإمكانية الوصول إليها ومقبوليتها ونوعيتها، لا سيما بالنسبة للفئات المهمشة، وغالبا ما تشكل خصخصة الرعاية الصحية مخاطر كبيرة على توفر الرعاية الصحية وإمكانية الوصول إليها بشكل عادل للأشخاص الذين يعيشون في فقر والفئات المهمشة الأخرى ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع النفقات الشخصية، وفقا للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية.
وأكدت المنظمة، أن القانون الجديد للقطاع الخاص، يسمح من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بإنشاء مرافق صحية عامة جديدة وإدارة وتشغيل مرافق الصحة العامة القائمة تحت ولاية وزارة الصحة والسكان، والتي تمثل 80% من جميع المستشفيات العامة في البلاد وأقل بقليل من نصف مجموع المستشفيات.
ويستثني القانون مراكز الرعاية الصحية الأولية، ووفقا للقانون نفسه، يجب ألا يؤثر على الخدمات العلاجية والإسعافية وخدمات الكوارث وعمليات نقل الدم وجمع البلازما والأوبئة.
زيادة نفقات العلاج
وحذرت المنظمة، من أن القانون الجديد لا يعالج خطر عدم قدرة الناس، بمن فيهم أولئك الذين ليس لديهم تأمين وأولئك الذين يعيشون في براثن الفقر، على تحمل تكاليف الرعاية الصحية، في الحالات التي تزيد فيها إدارة القطاع الخاص الجديدة الأسعار التي كانت تفرضها سابقًا على أساس غير ربحي.
وكان السيسي صدق في 2018، على مشروع قانون لضمان التأمين الصحي الشامل لجميع المصريين، وجرى تنفيذ المخطط الجديد في 6 محافظات فقط العام الماضي، على الرغم من أن الحكومة أعلنت عن هدف توسيعه ليشمل جميع المحافظات الـ 27 بحلول 2028 .
ونقلت المنظمة عن وكيلة نقابة الأطباء السابقة مني مينا قولها: “حتى الذين يتمتعون بتغطية التأمين الصحي العام سيتأثرون بارتفاع”.
أسعار الخدمات الصحية في المستشفيات العامة، لأن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى زيادة نفقاتهم عند تلقي العلاج.
ويعاني نظام الرعاية الصحية العام في مصر من نقص في أسرة المستشفيات العامة، حيث يوفر 1.4 سرير فقط لكل ألف شخص، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 2.9 سرير لكل ألف شخص.
ومنذ عام 2014، أخفقت حكومة الانقلاب في الوفاء بتخصيص ما لا يقل عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصحي.
وتسعى حكومة الانقلاب، للخروج من الصورة وتحميل لقطاع الخاص إدارة العملية الصحية، عبر تسهيل ذلك للدخول وتقديم الخدمة عبر زيادة حصتهم في المستشفيات والوحدات شيئا فشيئا، ولاعزاء للمواطن الفقير.