على الرغم من سيل التصريحات الحكومية لنظام الانقلاب العسكري بانتهاء أزمة الأدوية، وتوفير الدولار لاستيراد المواد الخام اللازمة للشركات، إلا أن الواقع ما زال يحمل الكثير من المعاناة والألم والنقص الحاد في الأنواع اللازمة للمرضى.
ووفق أطباء وخبراء، فإن أزمة نقص الأدوية مازالت مستعرة بمصر، سواء المحلية أو المستوردة التي عانت عجزًا بنحو 40% وفقًا لاحصاءات مهنية.
و رغم وعود رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي على مدار الأشهر الماضية بانتهاء الأزمة قبل نهاية 2024، إلا أن الأزمة مستمرة ومتصاعدة في 2025، بالرغم من الزيادات السعرية الكبيرة التي ضربت الأنواع المختلفة للأدوية.
ففي يوليو الماضي، قال مدبولي: إن “أزمة نقص الدواء ستتلاشى تدريجيًا خلال 3 أشهر، وفي أكتوبر الماضي، قال إن الدولة حلت 95% من الأزمة، ومستمرة فى ضخ كافة الالتزامات المالية اللازمة لشركات الأدوية”.
ووفق شهادات مواطنين، فإنه منذ بدء فصل الشتاء ، يعاني ملايين المواطنين من وجود نقص في الكثير من الأدوية الخاصة بأدوار البرد والالتهاب الشعبي والحساسية، ناهيك عن أدوية الغدة والضغط والقلب والسكر.
شح كبير
يشار إلى أنه في سبتمبر الماضي، تفاقمت أزمة نقص الأدوية في ظل نفاد أدوية أساسية من السوق، وهي مستوردة، بالإضافة إلى نقص البدائل المحلية المتاحة، وخلال الشهر الماضي، كشفت مصادر طبية عن تفاقم ظاهرة النقص الحاد في الأدوية وخاصة المضادات الحيوية وأدوية القلب، مما أدى إلى انتشار ظاهرة السوق السوداء لبيع الأدوية.
وبحسب صيادلة، فإن أزمة نواقص الأدوية ما زالت مستمرة، كما أن هناك نحو 40% من الأدوية المستوردة غير موجودة بالسوق وبخاصة أدوية الأمراض المزمنة مثل الغدة والقلب والأورام.
كما أن بعض نواقص الأدوية تم توفيرها لكن بزيادة سعرها بنسبة تصل لـ70%، وبخاصة الأدوية المستوردة، كما أن الزيادة في الأدوية المحلية وصلت إلى 50 و60%، ورغم ذلك يجد المرضى صعوبة في توفيرها.
وفي يونيو الماضي، شهدت أسعار الأدوية قفزة كبيرة ومفاجئة، إذ ارتفعت بعض الأصناف خصوصًا المستوردة، بنسبة 65 و70%، وفق ما رصده مدير المركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد.
فيما استغلت بعض الشركات الأزمة ورفعت أسعار معظم الأدوية لديها حتى التي لا تعاني نقصًا، مبررين ذلك بارتفاع أسعار المواد الخام.
فيما أرجع رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف، السبب الرئيس لاستمرار أزمة نواقص الأدوية إلى عدم قدرة الشركات المنتجة على تحمل فارق تدبير العملة لاستيراد المواد الخام بعد ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة لمستويات عالية، مما يصعب من حصول الشركات على تمويل بنكي لتحمل التكلفة الإضافية.
وقفز سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى 51.11 جنيها للبيع، و51.01 للشراء، في عدد من البنوك، بنهاية ديسمبر الماضي.
وأشار عوف إلى أن قيمة المواد الخام من الأدوية التي دخلت مصر خلال العام الماضي 2024، بلغت 210 مليارات جنيه مقابل 154 مليار جنيه خلال 2023، لافتًا إلى أن الأزمة تحتاج إلى تدخل قوي من الحكومة وسرعة الإفراج عن الأدوية الموجودة بالجمارك.
وفي آخر اجتماع لها في 2024، أبقت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي للمرة السادسة على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
وأمام العبث لاقتصادي، يتجرع المصريون مرارة الجوع والأمراض، بلا دواء، ولا دعم حكومي، إذ صدمت حكومة السيسي المصريين مؤخرا بوقف الدعم عن ألبان الطفال، كما فرضت قيودا عديدة على صرف الألبان المدعومة، ما يهدد حياة ملايين المواليد المصريين.