على طريق الآلام التي يتجرعها المصريون منذ الانقلاب العسكري، والتي ألهبت سلطة العسكر ظهورهم صفعا وقمعا اقتصاديا وقهرا إنسانيا، فرز مزيدا من التهميش والفقر والجوع والمعاناة، التي لم تعد خافية على أحد في عموم فئات المصريين وطبقاتهم، جاءت تصريحات وزير التموين، لتكشف عن كارثة اقتصادية تنتظر المصريين، مع اعتماد سياسة فرض الأمر الواقع بلا ضجة غطى منظومة دعم الخبز 69 مليون مواطن، حيث كشف الوزير عن حذف واستبعاد نحو مليوني مواطن من مستحقي الدعم التمويني والسلعي.
تغطي منظومة دعم السلع التموينية 61 مليون مواطن، بحسب تصريحات تليفزيونية لوزير التموين، شريف فاروق، أمس الأول، وهي الأرقام التي تعني استبعاد مليون شخص من المستفيدين من منظومة دعم الخبز، و800 ألف من المستفيدين من دعم السلع التموينية، الذين كانوا مسجلين في البيان المالي للموازنة العامة 2024-2025، المنشور في أبريل الماضي، والذي حدد المستفيدين من دعم الخبز في 70 مليون مواطن، و61.8 مليون مواطن للمستفيدين من دعم السلع التموينية.
وسبق وأوقفت الحكومة 500 ألف بطاقة، في أكتوبر الماضي، تحت مزاعم معاقبة سارقي الكهرباء، إلى جانب بعض المستبعدين ضمن التنقيح الدوري للمستفيدين، وذلك بعد شهر من تصريحات لفاروق حول تلقي «التموين» كشفًا بأسماء 300 ألف مواطن حررت لهم محاضر سرقات للكهرباء، فيما أعلنت الوزارة في نوفمبر إعادة تفعيل البطاقات التموينية للمسجلين بنظام ممارسة الكهرباء بالتنسيق مع وزارة الكهرباء.
وحين سألت المحاورة، لميس الحديدي، الوزير عن عدد المستبعدين تحديدًا، لم يجب بشكل مباشر، وأشار إلى دخول مستفيدين لمنظومة الدعم في ظل استبعاد آخرين، لتذكره بعدم ضم مستفيدين جدد منذ سنوات، ليستمر بدوره في الإجابات غير المباشرة رغم زعمه أنه يتحدث بكلام يفهمه المواطن بكل سهولة، ليفهم المواطن أسباب دخوله أو خروجه من منظومة الدعم التي يعاد هيكلتها.
فاروق أضاف، لا نية لتحريك أسعار الخبز المدعم خلال الوقت الحالي، وكذلك السكر، موضحًا أنه في حال التحول إلى الدعم النقدي، سيتم بيع الخبز بسعره الحر وليس المدعم، وإن أكد على عدم حتمية التحول إلى الدعم النقدي خلال العام الجاري، وأن الأمر لا يزال قيد الدراسة، ومرهون بموافقة الحوار المجتمعي، مشددًا أنه لا توجد مطالبات من أي جهة دولية للتحول إلى الدعم النقدي، وإنما نستفيد من خبراتهم في البلدان الأخرى، وذلك ردًا على سؤال إن كان هذا التحول يتم بناء على طلب صندوق النقد الدولي.
طمأنة وزير التموين، سبقتها طمأنة مختلفة المضمون من وزير المالية، أحمد كجوك، قبل نحو أسبوعين في حوار مع القناة نفسها، حين قال عن التحول للدعم النقدي: «مش هنعمل أي حاجة تضر حد»، مشيرًا ضمنيًا وقتها إلى اتخاذ قرار التحول بالفعل الذي ينتظر التوقيت المناسب لإعلانه، بعدما شدد على أن الحكومة لن تتخذ أي إجراءات للتحول دون إجراء حوار كاف”.
وتأتي التوجهات الحكومية توافقا مع تعهدات السيسي لصندوق النقد الدولي، بخفض الدعم وتقليص مساحات المستفيدين منه، وهو الاتجاه المتناغم مع الرأسمالية العسكرية، بفرض التقشقف على الشعب المصري، وترفيه كبار القادة والمسئولين، رافعا شعار “إحنا فقرا قوي” في مواجهة الشعب، بينما يتصدر شعار “أيوا بابني وهابني قصور، أنا بابني لنفسي، أنا بابني لمصر” وهكذا تتزايد معاناة المواطنين، مع سياسات الراسمالية العسكرية المتوحشة التي تبتلع الفقراء وتهدد استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد.
كما تنتوي الحكومة تطبيق نظام الدعم النقدي بديلا للدعم العيني، وهو ما يحرر كل اسعار الخبز والمواد التموينية التي ستباع بالأسعار الحرة، وهو ما يفاقم الغلاء والعوز وسط المصريين.